الأمن يعيد الدفء إلى العلاقات المغربية الموريتانية
20:31 - 25 نوفمبر 2020في غمرة الأحداث التي تلت تأمين القوات المسلحة المغربية لمعبر الكركرات الحدودي، وهي الخطوة المغربية التي كسبت تأييدا عربيا ودوليا واسعا، جاء اتصال هاتفي أجراه العاهل المغربي محمد السادس، الجمعة الماضي، مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، دعاه من خلاله إلى زيارة المغرب، معربا عن اعتزامه القيام بزيارة رسمية إلى موريتانيا.
هذا التحرك الدبلوماسي رأى فيه العديد من المتتبعين كسرا للجمود الذي لفَّ العلاقات بين الجارين طوال الفترة الماضية، لا سيما خلال عهد الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، فيما شكلت المرحلة الجديدة التي دخلتها موريتانيا منذ مجيء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، بانتقال ديمقراطي شهدته البلاد، شكلت نقلت نوعية في العلاقة مع الجار الشمالي، وهو ما سرعت وتيرته، بحسب خبراء، الطريقة السلسة والحكيمة التي دبر بها المغرب المشكل الذي أثاره ونمّاه الانفصاليون خلال السنوات الماضية حول المعبر الحدودي المغربي الموريتاني.
وبحسب بلاغ صادر عن الديوان الملكي المغربي فإن قائدي البلدين قد عبرا عن "ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته"، ما يرفع من حجم التوقعات المنتظرة في البلدين بخصوص محاور ومواضيع التعاون على صعيد البلدين وفي غرب إفريقيا، في وقت تقفز فيه القضايا الأمنية والاقتصادية إلى الواجهة، ما يتطلب رفعا لمستوى التعاون، تبشر به عودة العلاقات بين موريتانيا والمغرب إلى الدفء مجددا.
وتأتي هذه الزيارة المرتقبة بعد فشل مساعي البوليساريو لسنوات طويلة إلى عزل موريتانيا عن المغرب، ووضع عدد من العراقيل أمام العلاقات بينهما، وهي المساعي التي لاقت فشلا، أشار إليه الباحث الموريتاني في العلوم السياسية بون ولد باهي، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية، متحدثا عن دور تشكيل مجموعة للصداقة الموريتانية-المغربية في البرلمان الموريتاني، في أكتوبر الماضي، في أجواء اعتبرها "ديناميكية ودماء جديدة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين في ظل النظام الموريتاني الجديد".
وفي سياق متصل، أكد أحمد صلحي الباحث في شؤون غرب إفريقيا، خلال تصريح لموقع سكاي نيوز عربية أن "حجم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال السنتين الماضيتين، قد بلغ قدرا كبيرا من التدفق"، مضيفا أن "عودة العلاقات تأتي في سياق دبلوماسي تدفع إليه حاجة البلدين إلى تكثيف الجهود لمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك" ولافتا الانتباه إلى أهمية "عودة الانتعاش إلى تلك العلاقات بعد العملية الناجحة التي أقدم عليها المغرب لتأمين معبر الكركارات، لأنه وفضلا عن أهميته في التجارة الدولية، فإنه شريان مهم للتجارة البينية بين الدولتين"، في إشارة منه إلى "مئات الشاحنات المغربية والموريتانية التي تعبره يوميا محملة بالمنتوجات المغربية ذات السمعة الجيدة في السوق الموريتانية".
وقد ترافقت عودة العلاقات المغربية الموريتانية مع ترحيب كبير من مواطني البلدين، لاسيما بعد تأمين معبر الكركارات الحدودي من طرف السلطات المغربية، ترحيب يعود إلى أهمية المعبر بالنسبة لموريتانيا لتصدير أسماكها نحو أوروبا، والحفاظ على مداخيلها الجمركية، بالإضافة إلى أهميته في تمتين العلاقات الثقافية والاجتماعية بين الشعبين، لاسيما وأن الجامعات المغربية تفتح ومنذ عقود أبوابها للطلاب الموريتانيين، وهو ما تأسست من أجله في السابق جمعية للأطر الموريتانيين الذين تخرجوا من تلك الجامعات.
الباحث في العلاقات الدولية، إسماعيل الرزاوي، اعتبر بدوره في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية، أن "عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الموريتانية يأتي في سياق نجاح المغرب على صعيد تأكيد سيادته على الصحراء المغربية، منبها إلى "أهمية الموقف الموريتاني اتجاه تطوير علاقاته مع المغرب، لاسيما بعد "التسيهلات التي يقوم بها الجانب الموريتاني اتجاه الاستثمار المغربي"، في إشارة إلى كون المغرب هو المستثمر الإفريقي الأول في موريتانيا، كما تُظهر تقارير اقتصادية.
الدبلوماسية المغربية النشيطة، والرؤية الاستراتيجية المغربية لعلاقات البلاد مع جوارها الموريتاني والإفريقي، عاملان حاسمان في التحول الذي تشهده مواقف الكثير من الدول اتجاه خطوات المغرب.
تحول رأى فيه رضا الفلاح، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ابن زهر، أنه قد طال السياسة الخارجية الموريتانية اتجاه المغرب، معتبرا أن البلد الجار للمغرب "لا يمكنه أن يحيد عما تستوجبه دينامية التعاون الإفريقي-الإفريقي على جميع المستويات اقتصاديا وأمنيا"، مؤكدا أن "الاستمرار في الاعتراف بالكيان الانفصالي واستقبال قيادييه قد أصبح مكلفا لموريتانيا على المستوى الجيوسياسي".
وبقدر ما ينتظر المغاربة والموريتانيون تبادل الزيارات الرسمية بين قائدي البلدين، بقدر ما يزداد التطلع نحو انتقال بلد المليون شاعر إلى ركب الدول الإفريقية التي تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، في أفق إنهاء النزاع المفتعل، وانطلاق مرحلة جديدة من التعاون المغاربي العربي الإفريقي حيال الملفات ذات الأهمية القصوى.