الجزائر تبحث عن لقاح "مضمون".. وتساؤلات عن موعد وصوله
23:55 - 20 نوفمبر 2020ينتظر الجزائريون على أحر من الجمر موعد طرح اللقاح المضاد لفيروس كورونا لإنهاء أشهر من المعاناة، في وقت ارتفعت فيه أرقام الإصابات اليومية في الدولة المغاربية.
وبعد أن أكدت عدة شركات عالمية عن توصلها إلى لقاح، من بينها موديرنا وفايزر الأميركيتين، وأكسفورد البريطانية وسبوتنيك الروسية، إلى جانب عدد من المختبرات الصينية، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن وجود أكثر من 120 لقاحا تحت التجارب، منها 10 لقاحات في المراحل النهائية.
وفي هذا السياق، شدد آخر اجتماع حكومي بتقنية الفيديو ترأسه الوزير الأول عبد العزيز جراد، على ضرورة اقتناء اللقاح المضاد لفيروس كوفيد19، حيث أكد الوزير الأول أن الجزائر ستعمل على اقتناء اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد فور عرضه في السوق.
وحسب بيان الوزارة الأولى فقد طلب الوزير الأول من وزير الصحة مواصلة الجهود التي تصب في هذا الاتجاه.
الدبلوماسية "الصحية"
وكان وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، عبد الرحمن بن بوزيد، قد نظم لقاءات "ماراثونية" قبل أيام مع عدد من السفراء الأجانب، تعرف بلادهم تقدما في الأبحاث بخصوص اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد. وحسب الوزارة فإن اللقاءات تمحورت حول "سبل تعزير التعاون مع الجزائر في المجال الصحي".
واستقبل وزير الصحة في لقاءاته المتعددة سفير الجمهورية الفرنسية، فرانسوا غويات، كما استقبل أيضا سفير فيدرالية روسيا، إيغور بيلاييف، والتقى الوزير كذلك سفيرة مملكة هولندا في الجزائر جانا فان در فيلد، كما اجتمع في وقت سابق مع السفير البريطاني.
وأشار الوزير إلى أن الجزائر في تواصل دائم مع دول العالم لاقتناء لقاح فيروس كورونا على غرار الولايات المتحدة وروسيا والصین، وعدة شركات عالمية مثل فايزر وأسترازنیكا.
وقال بن بوزيد إنه "يجري مشاورات يومية تقريبا مع سفراء دول العالم بخصوص لقاح فیروس كوفيد 19".
وطمأن الوزير ذاته الجزائريين بالتأكيد على أن الدولة عازمة على اقتناء اللقاح المضاد لفيروس كورونا لحماية المواطنين "مهما كان سعره"، مبرزا أنه "لن يدخل أي لقاح الجزائر إلا إذا كان مضمونا".
وأضاف في آخر تصريح له "لدينا تعليمات صارمة، عندما يكون لقاح فيروس كورونا متوفرا سنستورده، بشرط أن يكون مضمون الفعالية".
في انتظار لقاح فعّال
يعتقد بعض الباحثين في مجال علم الفيروسات أنه لا يوجد لحد الساعة لقاح مطروح في السوق العالمية، وأن كل ما هنالك أن مخابر عالمية نشرت بيانات تجاربها السريرية ونتائج المرحلة الثالثة من التجارب، أما الحديث عن الكواليس والمفاوضات مع الدول بخصوص اقتناء لقاحاتها فذلك أمر آخر.
وأكد الدكتور محمد ملهاق، بيولوجي سابق بمخابر التحليلات الطبية وباحث في علم الفيروسات في اتصال مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن الجزائر "ستقتني اللقاح في حال توفره، ولكنه حاليا لا يوجد لقاح متوفر في السوق، لأن اللقاح لا بد له من معايير علمية ولا يمكن للدول أن تغامر بشراء لقاح من دون ضمانات وموافقة منظمة الصحة العالمية".
وحسب الباحث في علم الفيروسات، الدكتور ملهاق فإن الجزائر، صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية إضافة إلى وجود فائض في ميزانيتها وتوفر الرغبة السياسية في ذلك، "قادرة" على الحصول على أي لقاح في انتظار تأكيد فعاليته وسلامته فقط.
وحول التنافس العالمي بين المخابر الدولية، وما هي الجهة القادرة على تقديم أفضل مادة لقاح حاليا ضد فيروس كورونا، أوضح الباحث الدكتور محمد أن "المنافسة اليوم هي بين من سيكون له شرف إنقاذ العالم، وتوفير السلاح الوقائي وليس العلاجي ضد فيروس كورونا".
وتحدث عن مجموعة من الأقطاب الدولية صاحبة التكنولوجيات الضخمة، وهي الولايات المتحدة بإمكانياتها العملاقة صاحبة شركات مثل موديرنا وفايزر وألمانيا بشركة بيونتيك وبريطانيا بمجموعة أسترازينيكا المتعاونة مع جامعة أكسفورد، إضافة إلى روسيا بمركز غامالي وكذلك الصين بشركة سينوفاك والهند ببهارات بيوتيك.
اللقاح عبر مجموعة "كوفكس"
ومعروف أن الجزائر انضمت إلى مجموعة كوفكس التي تتكون من 170 دولة لحماية مواطنيها باللقاح الذي يجريه حوالي 200 مخبر عبر العالم من بينهم 8 إلى 10 مخابر بلغت مراحل متقدمة من التجارب السريرية.
كما انضمت إلى مجموعة منظمة اليونسيف التي تجتهد لاقتناء 500 مليون حقنة خاصة باللقاح بسعر منخفض، حيث تمكنت المنظمة من تخفيض السعر من 40 دولار إلى دولارين فقط.
وشدد الدكتور يحيى مكي، الخبير الجزائري المختص في علم الفيروسات بمستشفى ليون وسط فرنسا، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، على أن الجزائر بإمكانها "استيراد أي لقاح سواء الأميركي أو الروسي الذي أثبت فاعليته بنسبة 92 بالمئة"، مبرزا العلاقات الجيدة والمهمة التي تربط الجزائر بهذه الدول العظمى.
وتحدث الدكتور مكي، رئيس قسم الفيروسات التنفسية والسرطانية في المعهد الطبي الفرنسي في مدينة ليون، عن ثمن اللقاح المضبوط في مجمع كوفاكس، الذي أفاد أنه حدد من 5 إلى 18 يورو، مبرزا في السياق ذاته، أن "الدول النامية غير القادرة على تسديد ثمن اللقاح ستساعدها جمعيات خيرية عالمية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية خاصة في دول جنوب آسيا وأميركا اللاتينية وتوفر لها اللقاح ليس فقط ضد كوفيد-19 وإنما للعديد من الأوبئة".
وحول العقبات التي بإمكانها أن تقف في وجه التسريع باللقاح إلى الجزائر، أكد الدكتور يحيى مكي أن هذه الشركات الدولية المنتجة له تمنح "الأولوية" لشعوبها، وأن المشكلة تكمن في التوزيع الديمغرافي إضافة إلى التنافس الشديد بين الدول الكبرى لتوفير اللقاح لمواطنيها.
وتابع الدكتور مكي: "ستشرع الشركات الأميركية في حال تمت المصادقة على لقاحها من طرف هيئة الدواء في تلقيح الأميركيين وفي الصين هناك مليار نسمة، ثم أن المفوضية الأوروبية خصصت 300 مليون يورو لشراء لقاح الشركات الأميركية، وبالتالي فإن هناك تسابق بين أقوياء العالم حول اللقاح".
وحدد الاتحاد الأوروبي ثمن لقاح مختبر موديرنا بحوالي 25 دولارا، وهو ما يعادل حسب سعر الصرف الرسمي قرابة 3 آلاف دينار جزائري، أما في حال حساب ثمن جرعة لقاح موديرنا بسعر الصرف في السوق السوداء والذي يقارب 170 دينارا للدولار الواحد، فإنه سيكون في حدود 4200 دينار جزائري، وفق ما ذكرته صحف محلية.