الأئمة الأتراك في الغرب.. إرهاب وجاسوسية
18:49 - 17 نوفمبر 2020اتجهت كثير من الدول الأوروبية، في الشهور الماضية إلى الاستغناء عن توظيف الأئمة الأتراك في مساجدها منعا لترويج نسخة الإسلام السياسي المتطرفة وتورط أو ضلوع أئمة مساجد في فضائح التجسس على المعارضين، وتجنيد مقاتلين وإرسالهم لأماكن الصراع في سوريا والعراق وليبيا.
الاثنين الماضي، أعلن رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، أنه يؤيد إنشاء "معهد أوروبي لتدريب الأئمة"، بعد الهجمات التي شهدتها المدن الأوروبية مؤخرا.
وكرر ميشال دعوته مرة أخرى، الثلاثاء، خلال مؤتمر القمة الأوروبية المصغرة لمكافحة الإرهاب، التي شارك فيها كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وتابع: "أعتقد، على سبيل المثال، أنه ينبغي إجراء مناقشات على المستوى الأوروبي في ما يتعلق بالفكرة التي طرحت منذ فترة لإنشاء معهد أوروبي لتدريب الأئمة"، فمثل هذه الهيئة ستشرف على تدريب الأئمة وتضمن عدم مساهمة خطابهم في نشر "أيديولوجية الكراهية" و"قبول سيادة القانون المدني".
مخاوف جمة
وكان ديفيد فيليبس، مدير برنامج بناء السلام والحقوق في معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة كولومبيا عن المساجد التركية في الغرب، في تصريحات لفوكس نيوز يوم 17 يوليو 2018، "هذه المساجد ليست أماكن عبادة، بل مراكز للتعبئة السياسية في ثوب مدارس دينية، وهي تنشر التطرف وتشوه الدين لدى الشباب.
وقالت النائبة الألمانية عن حزب اليسار، سيفيم داجديلين، في كلمة بالبرلمان في أكتوبر 2020، إن "شبكة أردوغان المتطرفة تشكل تهديدا للأمن العام في ألمانيا ويجب تفكيكها بدلا من دعمها"، في إشارة إلى تمويل مساجد يديرها الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" بأموال دافعي الضرائب في بعض الولايات الألمانية.
وفي ندوة للخبير في شؤون الجماعات الإسلامية جواكيم فليوكاس عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في باريس، في 8 نوفمبر 2019، "إن هناك 800 مسجد تدعمه تركيا في فرنسا من أكثر من 2000 مسجد"، مشيرًا إلى أن أردوغان أسس 250 مسجدًا في أوروبا، وكلها تقترب من التفكير الخاص بجماعة الإخوان.
كما سبق وحذّر مركز الأبحاث الليبرالي "مونتاني" في باريس، مما سمّاه "مصانع إنتاج الأسلمة" التركية.
وفي النمسا، قال الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية بجامعة فيينا، روديجر لولكر، في تصريح صحفي في أكتوبر 2020، إن "هناك شبكة تربط النظام التركي والإخوان والتنظيمات الإرهابية، تهدف لتحقيق مصالح أنقرة، وأن هناك شبكة علاقات واضحة تمتد من أنقرة، حيث الحكومة التركية، لسوريا، ملاذ العديد من التنظيمات الإرهابية، وفيينا وغيرها من المدن الأوروبية، حيث تتواجد دوائر نفوذ.
الإخوان وديتيب
واعترف مسؤول تركي بعمليات التجسس، فقال الرئيس السابق لإدارة مكافحة الإرهاب في الشرطة التركية، أحمد يايلا، خلال ندوة في الولايات المتحدة في 11 نوفمبر 2019، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استغل المساجد في الخارج للتجسس على معارضيه ومن يعتبرهم أعداء له.
البداية كانت في ديسمبر 2016، عندما نشرت "حرييت ديلي نيوز" التركية، تقريرًا حول تجسس الأئمة الأتراك في أوروبا على أتباع حركة الخدمة، وتم التأكيد خلاله على أن هؤلاء الأئمة قدموا نحو 50 تقريرًا استخباراتيًّا عن أنصار غولن إلى السفارات التركية في عشرات البلدان.
وفي 27 مارس 2017، نشرت صحيفة فورين بوليسي، تقريرا بعنوان "شبكة أردوغان الدولية للجواسيس.. رجال الدين"، أشارت فيه إلى تحول عمل مركز الشئون الدينية التركية في عهد أردوغان لتصبح أداة لتعزيز مصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفي إبريل 2017، ألغت السلطات البلجيكية رخصة "مسجد الفتح الترك "، وصرحت حينها الوزيرة "ليزبيث هومانس"، أن إمام مسجد الفتح متورط في التجسس على الأكراد وأنصار غولن وعلى صلة بالمخابرات التركية".
وفي 2017 أيضا، وجه النائب عن حزب الخضر النمساوى، بيتر بيلز، اتهامات صريحة لتركيا بتجنيد 200 جاسوس داخل بلاده تحت ستار الدين، بعد الكشف عن صورة وثيقة صادرة عن الهيئة الدينية التركية، موجهة إلى الروابط والجمعيات الدينية التركية في الخارج، تطلب منهم إعداد تقارير تفصيلية عن منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والروابط القريبة من رجل الدين فتح الله غولن.
وفي ألمانيا التي يعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين من ذوي الأصول التركية، تم الكشف عن 6 أئمة تابعين لهيئة الشؤون الدينية التركية يتجسسون على المعارضة التركية.
وفي هولندا، وجهت اتهامات إلى يوسف أكار، رئيس المسجد الهولندي التابع لديتيب وملحق الشؤون الدينية للحكومة التركية في لاهاي، بالتجسس على المعارضين، "تتحكم ديتيب في 146 مسجدًا للمهاجرين الأتراك بها من أصل 475 مسجدًا"، كما شهدت بلدان مثل بلجيكا والدنمارك والسويد أعمال تجسس شبيهة.
وتعليقا على هذه الفضائح، قال السفير التركي في السويد، إيمري يونت، لإحدى محطات الراديو السويدية، "إنه من حق تركيا مراقبة وملاحقة معارضيها في الخارج، طالما يهددون سلامة نظامها السياسي.
تقرير لمعهد برلين للسكان والتنمية، أشار إلى إن المهاجرين الأتراك هم الأقل اندماجا في المجتمع الألماني، ولا تريد تركيا لمواطنيها الاندماج الكامل في المجتمعات الأوروبية حتى لا تنقطع صلتهم ببلدهم الأصلي، ولذا تعمل بكثافة عبر الأئمة والمساجد التابعة لها للهيمنة على الجاليات التركية في أوروبا.
التضييق على الجالية التركية
قال خبراء ومحللون تحدثوا لموقع سكاي نيوز عربية أن هذا الأمر الذي دفع دولا مثل ألمانيا والنمسا وفرنسا وهولندا للتضييق على أنشطتها.
"أنا شخصيًا ابتعد عن الأماكن التي يعيش فيها الأتراك، أرقام الشرطة والمحامي الخاص بي على استعداد للاتصال في حالة الخطر"، هكذا قال الصحفي التركي المقيم في ألمانيا، جوهري قوان لموقع "سكاي نيوز عربية"، تعقيبا على حالة الخوف التي يعيشها المهاجرون الأتراك في الدول الأوربية، من الدور المشبوه الذي يلعبه الأئمة الأتراك في هذه الدول.
ويقول قوان، "ديتيب هي المنظمة التي تدير مساجد التركية في ألمانيا، وتحت سيطرتها نحو 900 مسجد، وتستخدم هذه المساجد مثل مكتب دعاية أردوغان، يتم فيها شرح الأجندات السياسية للجمهور من خلال الأئمة، ولكل مسجد جمعية صغيرة لدعمه، ويقوم رؤساء الجمعية بإبقاء المساجد والأئمة تحت السيطرة، وهؤلاء الأشخاص لهم صلات مباشرة بالسفارة ورؤساء الجمعيات".
ويتفق مع هذا الرأي المصري المتخصص في الشأن التركي، كرم سعيد، الذي قال في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية، إن "مؤسسة "ديتيب" هي أحد أذرع القوة الناعمة لجهاز الاستخبارات التركي، مثله مثل منظمة وكالة التعاون التركية "تيكا" التي من المفترض أنها تقوم بأعمال إغاثية، وفي عام 2010 تم تحويل هذه المؤسسات من مؤسسات دعوية وإغاثية إلى أذرع استخباراتية ولا سيما بعد مسرحية الانقلاب الفاشل في عام 2016".
وأشارت مجلة فورين أفيرز، إلى وجود ذراع ثالت غير "دتيب" وتيكا"، وهي "مؤسسة معارف"، التي لعبت دورا فعّالا في نشر النموذج التركي للتعليم الديني في الخارج، عبر تقديم المنح التعليمية، وتشييد المدارس وبيوت الطلبة، وتدريب المعلمين.
تطرف وتجنيد مقاتلين
يقول تورغوت أوغلو، المحلل السياسي التركي المقيم في الخارج، إن "معظم الأئمة الذين ترسلهم تركيا لأوروبا يعتنقون أفكارًا خطيرة ومتطرفة، ويعملون على إثارة المشاكل، كما يعملون على استغلال المسلمين الجديد، لزرع الفكر المتطرف في هؤلاء الشباب، كما أن لديهم أفكار تتشابه كثيرا مع أفكار تنظيم داعش الإرهابي، وهناك شباب تم تجنيدهم للذهاب إلى سوريا والعراق للقتال مع تنظيم داعش، بمساعدة الحكومة التركية".
وأضاف في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، "في تركيا تعمل الكثير مما يطلقون على أنفسهم "جمعيات خيرية" ولهم فروع في أوروبا، يتم من خلالها دفع أموال لتجنيد الشباب وإرسالهم للقتال في سوريا والعراق، وهذه الجمعيات ليس لها أي نشاط إنساني أو أنها تقوم بتوزيع مساعدات على الفقراء، عملها فقط هو تجنيد الشباب للتطرف".
ويقول نزار الجليدي، محلل سياسي مقيم في فرنسا، في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"ـ إنه "في خلال السنوات العشر الأخيرة تمادى خط التمويل القطري بتنفيذ تركي لتمويل نحو 300 جمعية تعمل في فرنسا، واستغل أردوغان في بداية تسلمه للحكم علاقاته الجيدة مع أوروبا وفرنسا بالأخص؛ ليقوم بإرسال عدد كبير من الأئمة الذين تم إعدادهم في أنقرة".
وتابع الجليدي، أن هؤلاء الأئمة الأتراك علموا على شحن الشباب داخل فرنسا، ومن ثم تجنيدهم للذهاب والقتال في سوريا وبعدها في ليبيا، ولكن فرنسا الآن أصبحت أكثر دراية بالأمر وكشفت خطوط التمويل لهذه الجمعيات التي تخطت 20 مليون يورو، والأيام القادمة ستكشف عن جمعيات أخرى متورطة في هذه الأعمال المخالفة للقانون التي يشرف عليها أتراك يتلقون تعليماتهم مباشرة من قيادات حزب العدالة والتنمية".
وأشار إلى أن الأئمة الأتراك يستهدفون التمركز في ضواحي المدن الكبيرة، ففي باريس يتواجدون في حي سيرجي وسان دوني، حيث يستغلون الطبقة الكادحة والفقراء وكذلك في مدن ليون ومارسيليا، كما حاول الأئمة الأتراك تجنيد مواطنين متواجدين في السجون، من خلال الذهاب إلى إلقاء خطب صلاة الجمعة، وعندما لاحظت الأجهزة الفرنسية هذا الأمر؛ قامت بوضع كاميرات لمراقبة هذه الأنشطة المشبوهة".
جواسيس أردوغان
جوهري قوان، صحفي تركي يعيش في المنفى في ألمانيا، قال في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، "تتمثل المهمة الرئيسية للجمعيات، إلى جانب الأئمة، في إعداد قوائم بأسماء الأتراك والأكراد الذين يعيشون في ألمانيا، وتم إدراج أعضاء حركة حزمت والأكراد واليساريين."
وتابع قوان، "تم القبض على بعض من أُدرجوا في القائمة السوداء عندما ذهبوا إلى تركيا، وفي ألمانيا تم تحذير مئات الأشخاص بعدم الذهاب إلى تركيا، كما أنه لا يتم تجديد جوازات سفر أتباع حركة غولن في ألمانيا، حيث تقوم السفارة بالاتصال بالأشخاص الذين يرسلون أطفالهم إلى المؤسسات التعليمية التابعة لحركة غولن واحدة تلو الأخرى، ومن الواضح أنهم يضغطون عليهم لإخراج أطفالهم من هذه المدارس، كما تعرضت بعض المؤسسات التعليمية وأنصار حركة غولن للهجوم".
وأشار قوان، إلى أن الخوف من الإدراج في القائمة السوداء أدى إلى انقسام المجتمع التركي، وكان الكثير من الأتراك خائفين من أن يكونوا على القائمة السوداء، وقاموا بقطع علاقاتهم مع الأتراك المعارضين علنًا.
وأوضح، أن المعارضين الأتراك لا يذهبون إلى المساجد الخاضعة لسيطرة ديتيب، إنهم يخجلون من هذا التنظيم التركي، ومع ذلك، يحدث بعض التوترات من وقت لآخر، خاصة في سيارات الأجرة والأسواق التركية، حيث معظم سائقي سيارات الأجرة في ألمانيا من أصول تركية.
إعاقة الاندماج
المحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، يقول في تصريحات خاصة، لموقع سكاي نيوز عربية"، "إن الائمة الأتراك يرفضون أن يندمج المهاجرين في مجتمعاتهم الجديد أو يتعايشوا معها، ولا يعرفون سوى الخطاب الإقصائي، ورأيت هذا الأمر بنفسي في بريطانيا وأألمانيا، وهي سياسة ترعاها الحكومة التركية وينفذها الأئمة التي ترسلهم للدول الأوروبية".
ويتفق معه أحمد محمد، مقيم في مدينة ماينز الألمانية، الذي قال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هؤلاء المهاجرين كثيرا منهم يحاولون الانعزال عن المجتمع، ويعيشون فيما يشبه "الغيتو"، ويحملون معهم نفس الثقافة التي أتوا بها من بلدانهم الأصلية، وهو أمر يتسبب في إعاقة اندماج هؤلاء مع باقي المجتمع".
وتابع، تجد هؤلاء المهاجرين يحافظون على عادات الزواج المبكر والبحث عن الأقارب والزواج منهم، ووجود ما يشبه المهر في الزفاف، وكثرة إنجاب الأطفال من الحصول على الدعم المالي الذي تقدمه الدولة الألمانية للمساعدة في تربية الأطفال بشكل سليم، وهي عادات لا تتفق مع ثقافة المجتمع الألماني".
المتخصص في الشأن التركي، كرم سعيد، يرى أن "سبب عدم اندماج الجاليات التركية، هو أمر يحدث برعاية الدولة التركية، التي تتبنى هذه السياسة، وتدعم التواصل مع المهاجرين في الغرب، لتوظفهم لتحقيق أهدافها، واستخدامهم كورقة ابتزاز وضغط في حالة حدوث أي توتر بين أنقرة والدول الأوروبية، ولرصد تحركات المعارضين في هذه الدول".
تدابير أوروبية
"تراقب ألمانيا هذه الأنشطة منذ فترة طويلة، وتقوم المخابرات الألمانية بمراقبة منظمات الذئاب الرمادية وديتيب"، هكذا يقول جوهري قوان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، في رد على المساعي الأوروبية لمواجهة مخاطر الأئمة الأتراك.
ولمواجهة هذه الظاهرة، لجأت الدول الأوروبية إلى سلسلة من التدابير القانونية، ففي فبراير 2019 فعّلت النمسا قانوناً يحظر التمويل الخارجي لأئمة المساجد، لمنع تمويل الكثير من الاتحادات الإسلامية والمساجد من تركيا. وفي مارس 2020، أيدت المحكمة العليا في النمسا قرار الحكومة النمساوية طرد الأئمة المسلمين الذين تمولهم تركيا.
ولم تكن هذه الإجراءات هي الأولى التي تتخذها النمسا، ففي فبراير 2015 وافق البرلمان على مشروع قانون ينص على إخلاء البلاد من الأئمة الأتراك العاملين في مساجد تابعة لفرع الاتحاد الإسلامي التركي بالنمسا، والامتناع عن استقبال أئمة جدد من تركيا.
وفي برلين، تغيرت نظرة الحكومة الألمانية للاتحاد الإسلامي التركي من شريك في ملف اندماج المهاجرين إلى منظمة تحيط بأهدافها ونظم عملها الشكوك. ولذلك خفضت الدعم المالي الذي كانت تقدمه للاتحاد الإسلامي التركي ليصل في عام 2018 إلى 300 ألف يورو مقابل 1,5 مليون يورو في عام 2017 بفعل تصاعد الشكوك المحيطة بالمنظمة.
كما أعلنت الحكومة في مارس 2019 خططا لتعديل قانون الإقامة ليصبح لزاماً على القيادات الدينية الأجنبية الإلمام باللغة الألمانية.
بالتوازي مع جهود دول مثل ألمانيا والنمسا، وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أبريل 2019 بألا يكون هناك أي "تهاون" في مواجهة أولئك الذين يريدون فرض "إسلام سياسي يسعى إلى الانفصال" عن المجتمع الفرنسي. كما وبخت فرنسا، في مايو الماضي على لسان وزير التعليم، الحكومة التركية رداً على سعي أنقرة نحو تأسيس مدارس دينية في فرنسا.
وفي فبراير 2020، أعلن الرئيس الفرنسي، أنّه سيفرض قيوداً على إيفاد دول أجنبية أئمة ومعلمين إلى فرنسا، وأنّه سينهي بالتدريج بنظام ترسل بموجبه تركيا أئمة إلى فرنسا للوعظ في مساجده.
ديتيب" كلمة السر
تدير تركيا المساجد في الخارج من خلال مؤسسة الاتحاد الإسلامي التركي، التي تعرف اختصارا باسم "ديتيب"، التي تعمل تحت مديرية الشؤون الدينية، والتي تأسست في عام 1924 لنشر نسخة علمانية من الإسلام مع أفول الإمبراطورية العثمانية وولادة الدولة التركية الحديثة، وبالإضافة إلى بناء المساجد وصيانتها، تتكفل "ديتيب" بتوظيف الأئمة، وتوفير التعليم الديني للجمهور، وتفسير المبادئ الإسلامية، وكتابة خطب الجمعة التي تُقرأ أسبوعيا في مساجد البلاد وخارجها.
حتى الثمانينيات، لم تلعب "ديتيب" دورا يُذكر خارج البلاد، لكن بعد الانقلاب العسكري في عام 1980، والشتات الناجم عنه، بدأت المنظمات اليسارية والإسلامية على حد سواء بكسب النفوذ في أوساط الأتراك المهاجرين في أوروبا الغربية، وفي ظل حاجة الحكومة العسكرية إلى التقارب مع رسالتها، تم توسيع عمليات "ديتيب" لتشمل أوروبا، حيث تم استخدام المنظمة لنشر نسخة معلمنة من الإسلام للمهاجرين الأتراك بهدف الحيلولة دون وقوعهم في براثن التطرف.
ومع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في عام 2002، تبدل الحال، وتم توسيع رسالة "ديتيب" الدولية وجعلها بصورة أكثر وضوحا أداة للأجندة السياسية والأيديولوجية للحزب وبدءا من عام 2010، أضحت المؤسسة التي كانت تُعرف فيما مضى بأنها شبه مستقلة تحت السيطرة التامّة لحكومة أردوغان، بحسب تقرير لمجلة فورين أفيرز.
وبحسب "فورين أفيرز" أيضًا، فإن الرئيس التركي يستخدم "دتيب" كجزء من شبكات التحكم في الأتراك المغتربين من أجل أهدافه الخاصة
الحل
يرى جوهري قوان، أن نظام أردوغان ينتهج استراتيجية في ألمانيا، تعمل على فصل المجتمع التركي عن المجتمع الألماني، باستخدام الأئمة والمنظمات غير الحكومية كرأس حربة في هذه الاستراتيجية، والسفارة والمسؤولون الرسميون كمساعدين على تنفيذها.
ويضيف، "أن الدول الأوروبية مازالت تستقبل أئمة المساجد من تركيا، ولا يمكن للأئمة المستوردين الاندماج في الثقافة الأوروبية، لأن المناخ الثقافي في تركيا لا يتوافق مع ثقافة التعددية الأوروبية، والحل يكمن في إعداد برنامج تعليمي لتدريب الأئمة في ألمانيا والدول الغربية، وما لم يتم ذلك، فلا يمكن حل هذه المشكلة.