مغربيات يصارعن سرطان الثدي.. وناجيات يحكين عن مرارة التجربة
22:04 - 08 أكتوبر 2020يصادف شهر أكتوبر من كل سنة، الشهر العالمي للتوعية بمرض سرطان الثدي، وهو فرصة تتجدد كل عام للتوعية بمخاطر هذا المرض الخبيث، وبأهمية الكشف المبكر عنه، والذي يشكل الحلقة الأقوى في المسار العلاجي للمريض.
وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 139 شخصا بالسرطان من بين كل 100 ألف نسمة في المغرب، فيما تؤكد أرقام رسمية لوزارة الصحة المغربية، إصابة 40 ألف شخص جديدة بالسرطان سنويا، ويتصدر سرطان الثدي عند النساء المغربيات المرتبة الأولى من مجموع سرطانات الإناث بنسبة 36 في المائة.
ورغم الانتشار الواسع للسرطان في المغرب، فإن الحديث عنه يبقى محتشما وأغلب المغاربة يتفادون تسميته ويصفونه بالعامية بـ"المرض الخايب" (المرض الخبيث)، لما يتسبب فيه من ألم وحزن في نفوسهم حينما يكتشفون إصابة أحد أقاربهم أو شخص عزيز، بالمرض خاصة في مراحله المتقدمة، حيث لا ينفع معها العلاج.
ويشدد الأطباء المختصون في أمراض السرطان بالمغرب، على ضرورية الكشف المبكر لتفادي العلاجات المتقدمة و المعقدة، مثل استئصال الثدي، ويعتبر الفحص الاشعاعي وسيلة فعالة للكشف عن هذا النوع من السرطان.
لطيفة.. قاهرة السرطان
في معركتهن الشرسة ضد سرطان الثدي، أنهى الموت معاناة الكثير من النساء فيما انتصرت أخريات، بينما تعيش الكثير منهن على أمل الشفاء. وبين مصابة وأخرى، يشكل الكشف في مراحل مبكرة من المرض والدعم النفسي فارقين كبيرين في العلاج.
لطيفة الشريف في الخمسينيات من عمرها، تحكي عن معركتها مع سرطان الثدي وتقول " كان لدي وعي دائم بأهمية الكشف المبكر عن هذا المرض، وكنت أقوم منذ سن 45 عاما، بالمراقبة الطبية على نحو منتظم للكشف عن هذا النوع من السرطان كل سنتين، وخلال التتبع الدوري اكتشفت قبل 7 سنوات إصابتي بالداء اللعين، دون وجود أي أعراض أو شكوك تدل على ذلك" .
تتذكر لطيفة، في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية" أن أول إحساس انتابها عند سماع الخبر، كان القلق الكبير على أطفالها، وبعد الصدمة الأولى و ما رافقها من مشاعر حزن وخوف من المجهول، استجمعت قواها وباشرت مسلسل العلاج، الذي انطلق بعملية جراحية لاستئصال الورم تم استئصال الثدي، قبل الانتقال إلى حصص العلاج الكيميائي و بعدها جلسات للعلاج الإشعاعي".
خلال جميع مراحل العلاج كانت لطيفة تتحلى بالقوة والشجاعة. تقول "تعايشت مع المرض و كل مراحل العلاج مرت بسلاسة تامة، باستثناء بعض المخاوف من عملية التخدير الكلي قبل استئصال الثدي". وتشدد على أن الاصابة بالمرض والعلاج في سن الخمسينيات من العمر يكون له تأثير أفضل على عملية العلاج.
تتذكر أنه "بفضل عزيمتها وثقتها في النفس انتصرت على المرض، ومنذ أول حصة علاج كيميائي كانت تعرف مسبقا ما ينتظرها من تغير في مظهرها الخارجي، فاستعدت من تلقاء نفسها للمواجهة، وأول خطوة قامت بها هي حلق شعرها بالكامل".
الدعم النفسي
انطلاقا من تجربتها مع مرض سرطان الثدي، وما شاهدته و عاينته في قاعات الانتظار خلال رحلة علاجها، من غياب للدعم النفسي للنساء و معانتهن مع الداء ومن نظرة المجتمع لهن، قررت لطيفة تأسيس جمعية "أصدقاء الشريط الوردي"، التي تعنى بمساعدة المصابات بالمرض.
تحاول لطيفة وهي الحاصلة في فرنسا على دبلوم جامعي مخصص لعلاج مرضى السرطان ورعايتهم ودعمهم، و عبر جمعيتها منح الأمل في الشفاء للمصابات بسرطان الثدي وتقديم الدعم والمواكبة النفسية لهن في أول مراحل العلاج، ومساعدتهن على خوض المعركة مع المرض الخبيث من خلال ورشات في مختلف المجالات، تعززن من خلالها صحتهن النفسية والجسدية.
تقول لطيفة إن " كل سيدة شفيت من المرض و قدمت لها الجمعية دعما، تتحول بدورها إلى منخرطة في الجمعية، تقدم الدعم لنساء أخريات أصبن بالداء ويبحثن عن المساندة النفسية".
قيمة الكشف المبكر
في السنوات الأخيرة، أحرز المغرب حسب المتتبعين تقدما ملحوظا في مجال محاربة داء السرطان، وذلك بفضل مركز ''للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان"، الذي دأب على بذل الجهود في مجال محاربة السرطان ومساعدة المرضى على تحسين ظروف عيشهم بجعله محاربة السرطان من أولويات الصحة العمومية بالمغرب.
يقول الأخصائي في علاج أمراض السرطان الدكتور فوزي الحبيب، إنه " قبل 30 عاما لم يكن التعامل مع مرض السرطان في المغرب سهلا، بسبب قلة الأطباء المتخصصين آنذاك، فيما يتراوح عدد الأطباء اليوم بين 200 و 250 طبيبا مختصا".
يضيف الحبيبي لـ"سكاي نيوز عربية" أن "المغرب كان خلال تسعينات القرن الماضي لا يتوفر سوى على مركزين تابعين للقطاع الخاص و أخريين تابعين للقطاع العام، بينما يبلغ عدد المراكز المختصة في معالجة مرض السرطان اليوم ما يناهز 40 مركزا".
وشدد على الأهمية القصوى والبالغة للكشف المبكر عن سرطان الثدي في العلاج، ويقول "في سنوات التسعينيات كانت الحالات التي تتلقى العلاج تبلغ مراحل متقدمة من المرض يصعب معها العلاج، بينما ما يفوق الـ50 في المائة من الحالات المكتشفة اليوم، في وضعية تسمح بالتحكم في مسار المرض من قبل المريض والطبيب".
ويتوجب على النساء حسب فوزي الحبيب "المواظبة بشكل يومي على خطوات بسيطة ستساعدهن على اكتشاف المرض في مرحلة مناسبة، مثل تحسس الثدي بعد الاستيقاظ من النوم مباشرة و التحقق من استقامتهما بشكل صحيح و ما اذا كانت الحلمة اتخذت وضعا معكوسا والتأكد دائما من عدم احمرار احداهما و عدم خروج اي سائل دموي او إفرازات غير مؤلوف منهما".
بالإضافة إلى فحص الثدي يشدد الحبيب على ضرورة تحسس منطقة تحت الابط كذلك للتأكد من عدم وجود أي تورم متحجر في الغدد الليمفاوية.
هذه العملية يضيف الحبيب، ضرورية جدا للكشف المبكر عن بداية سرطان الثدي وتساعد بنسبة تفوق 75 في المائة على عدم استئصال الثدي، والحد من عواقب انتشاره في مناطق أخرى من الجسم.