زواج المهاجرين في فرنسا.. معاناة وطول انتظار للم الشمل
04:52 - 19 سبتمبر 2020منحت فرنسا سنة 2019 - بحسب آخر أرقام وزارة الخارجية المنشورة على موقعها الرسمي- أكثر من 12 ألف تصريح إقامة للأجانب القادمين عن طريق "التجمع العائلي" الذي يخول لأحد الزوجين المقيم خارج ترابها الالتحاق بزوجه المقيم بصفة قانونية في فرنسا ويملك بطاقة إقامة سارية المفعول.
ويؤكد القانون الفرنسي في نصوصه حول "التجمع العائلي" أن الإجراءات الإدارية لا تتعدى ستة أشهر لكن الواقع غير ذلك، فالمدة قد تصل إلى سنتين و أكثر من الانتظار.
متزوجون مع وقف التنفيذ
وتحدثت إيمان، 27 عاما، وهي مهندسة إلكترونيات مغربية في مدينة نانتير في ضواحي باريس، بحرقة لموقع "سكاي نيوز عربية": "مرت 9 أشهر على تقديمي طلب التجمع العائلي، لحد الساعة لم أتحصل على أي وثيقة. سيكون قدري كمن سبقوني، سأنتظر سنتين، كل يوم سأفتح بلهفة صندوق الرسائل، لعلني أجد رسالة الخلاص".
وتتابع: "قمنا بعدة مظاهرات أمام الولاية، طالبنا بتسريع الإجراءات، لا أذن تصغي و لا قلب يرق. أعتقد أن من حقنا أن نعيش حياة مستقرة مثل جميع الأزواج".
أما سهيلة الجزائرية المتزوجة منذ 6 سنوات، فتتحسر على مآل علاقتها بزوجها التي دخلت مرحلة الملل والصمت: "فقدنا الأمل في لم شملنا خصوصا أن موظفة واحدة فقط تعمل في قسم معالجة ملفات التجمع العائلي بولاية المدينة حيث أقيم، تحضر 3 مرات في الأسبوع، لا تجيب على اتصالاتنا ولا على رسائلنا الإلكترونية".
وبالنسبة لإدريس، وهو مهندس معلوميات مغربي، فيقول "انتظرت سنتين قبل أن تلتحق بي زوجتي الحامل في شهرها السابع. مررنا بمرحلة عصيبة، بعد المسافات ضيع حبنا وهدم أحلامنا الصغيرة في بناء منزل مستقر، خصوصا بعد أن حملت زوجتي، ظننت أني لن أحضر ولادة طفلي و لن أعيش متعة تربيته".
إدريس كان حظه أوفر من حظ وفاء التي أنجبت بعيدا عن زوجها، "ما ذنب طفلي الذي لا يتعرف على وجه أبيه عندما يتصل بنا، أصبت بالاكتئاب، أعيش وحيدة أنا المتزوجة منذ سنتين، طلبت الطلاق لأن وضعي أسوأ من وضع أم عازبة. زوجي نفسه لم يعد يتحمل الوحدة في ظل وجود أسرة تبعد عنه آلاف الكيلومترات".
"كل أفراد العائلة يسألون، متى تلتحقين بزوجك؟ استحالة أن تأخذ مساطير التجمع العائلي كل هذه السنين" هكذا تصرح بهية من تونس، وتضيف " أتحمل يوميا كلام الناس، وأضطر أحيانا للانعزال لتجنب سماع ما يضر بعلاقتي بزوجي ولا أنكر أنني أحيانا أصب كل غضبي عليه".
أسباب التأخر تتعدد والصبر واحد
عموما، تستغرق إجراءات التجمع العائلي أكثر من سنة على الرغم من استيفاء الأطراف المعنية لجميع الشروط وبغض النظر عن أن المهلة القانونية تتحدد في 6 أشهر، هذا ما أكده المحامي، زهير أبو الذهب، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية".
وأوضح المتحدث أنه توجد اختلافات قانونية في معالجة طلبات "لم شمل الأسرة"، خاصة بين المغاربة والتونسيين من جهة، والجزائريين من جهة أخرى، وذلك بسبب الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها فرنسا مع بلدانهم. على سبيل المثال، يتم إعفاء المتقاعدين المغاربة والتونسيين، الخاضعين لشروط معينة من اختبار الموارد المالية لإحضار أزواجهم، بينما الجزائريون لا يستفيدون من هذه الميزة.
وعن أسباب التأخر، يرد أبو الذهب، "انطلاقا من تجربتي في هذا الموضوع، هناك أسباب عدة ،من بينها أن يكون ملف الطلب تنقصه بعض الوثائق، وبالتالي يضطر المكتب الفرنسي للهجرة و الإدماج إلى مخاطبة الطرف المعني قصد إتمامها. وفي حالات أخرى، تطرح تساؤلات حول صحة أو عدم مطابقة وثائق الحالة المدنية الأجنبية، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التحقق.
وفي السياق ذاته شرح المحامي أن عدد الطلبات لا يتوافق مع عدد الموظفين المكلفين بملفات المهاجرين الخاصة بإجراءات "التجمع العائلي".
ويختم حديثه بالقول: "من الواضح أن الإرادة السياسية في فرنسا تسعى إلى تقييد الهجرة -الرأي العام يقاوم الهجرة أكثر من أي وقت مضى، ولاسيما من المغرب الكبير وإفريقيا- بما في ذلك القانونية، وبالتالي يسهل على المرء أن يتخيل أن أولوية الإدارة في مسألة "التجمع العائلي" لا تتمثل في تسريع الإجراءات في هذا المجال".
التزامات دولية و قوانين صارمة
لاتزال فرنسا تؤكد أنها متمسكة بمبادئها الدستورية والتزاماتها الأوربية والإنسانية تجاه المهاجرين، إلا أنها تسن قوانين تنظم الهجرة وتؤطرها.
وبخصوص التجمع العائلي، فقد أصبح الأجنبي منذ عام 2006، قادرا على تقديم طلبه لمجيء زوجه حين إتمامه 18 شهرا من إقامته في فرنسا وشريطة ألا يقل دخله الشهري من عمل ثابت الحد الأدنى للأجور مع توفره على سكن مناسب من حيث المساحة وعدد الغرف.