مهمة إنقاذ "سنجة".. ملحمة شعبية مصرية لدعم السودان
15:44 - 12 سبتمبر 2020لم يتوقف الدعم المصري للسودان في كارثة الفيضانات على المساعدات الرسمية والجسر الجوي المتواصل من القاهرة إلى الخرطوم، إذ شارك عدد من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية المصرية في إرسال أطنان من المواد غذائية والأدوية والأمصال ومواد الإيواء إلى أهل السودان من خلال قوافل إغاثية.
ويقول حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية": كان لابد للمجتمع المدني المصري أيضًا أن يقف بجانب الأشقاء في السودان خلال تلك المحنة الصعبة".
وكانت السيول والفيضانات قد ضربت السودان الآونة الأخيرة، مما أسفر عن مقتل 103 شخصا وإصابة 46 آخريين، وتشريد الآلاف بعد انهيار منازلهم، في ارتفاع غير مسبوق لمناسيب النيل لم يحدث منذ عام 1912، بحسب رئيس الحكومة السودانية، عبدالله حمدوك.
وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في البلاد بعد وقوع الكارثة، فيما وصلت الخسائر المادية إلى انهيار أكثر من 69 ألف منزلا وتضرر 4208 أفدنة ونفوق آلاف المواشي، بحسب الدفاع المدني السوداني.
الخسائر الضخمة نتيجة للفيضانات دفعت "أبوسعدة" كما ينوه لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى إطلاق مبادرة من المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لدعم الشعب السوداني ودعوى لإقامة اجتماع مع كافة مؤسسات المجتمع المدني لتنظيم جهود الجميع في هذا الصدد.
إلى مدينة سنجة
ويوضح أبو سعدة أن "المبادرة المدنية المصرية لدعم الشعب السوداني في مواجهة نكبة الفيضات" ستوجه الدعم لإنشاء مساكن للمتضررين على أسس خرسانية للوقاية من انهيار البيوت الطينية مرة أخرى عند تكرار الفيضانات.
ويؤكد أبوسعدة على أن المبادرة ستركز على واحدة من الولايات الأكثر تضررًا في السودان لضمان إحداث أثر ملموس ومستدام.
وتعتبر الحكومة السودانية أن مدينة "سنجة" بولاية سنار، شرق السودان، أكثر المناطق تضررا من الفيضانات، حيث وقعت خسائر في البنية التحتية تفوق كافة الولايات الأخرى، كما قال رئيس مجلس الوزراء السوداني خلال تفقده المكان للوقوف على أحوال المواطنين بها.
قافلة إغاثة وتبرعات
وأشار أبوسعدة إلى تجهيز قافلة إغاثية تضم مواد إعاشة رفقة كميات كبيرة من الدقيق حيث تأكد من الحاجة الماسة إليه بالسودان من خلال تواصله مع منظمات المجتمع المدني بالخرطوم.
بجانب تلك الخطوات، دعت المبادرة إلى تقديم التبرعات لـ "بيت السودان" وهي إحدى مؤسسات المجتمع المدني بالسودان، بناء على توصية من السفير السوداني بمصر كما يبرز أبوسعد لموقع سكاي نيوز عربية.
في الوقت نفسه خرجت مساعدات عديدة من مؤسسات تنموية مختلفة بالقاهرة من بينها "مصر الخير" التي منحت 30 طن من المواد الغذائية إلى الولايات المنكوبة بالسودان، يوم الخميس، من خلال نقلها عبر الجسر الجوي المصري السوداني.
ومن جانبه، أطلق الهلال الأحمر المصري حملة تبرعات واسعة لدعم المتضررين من السيول في السودان.
وقالت المنظمة في بيان لها على موقعها في فيسبوك إن "الهلال الأحمر المصري حرص على التدخل في تقديم كافة الجهود للتخفيف من آثار فيضانات السودان بوضع خطة إغاثية تلبي الاحتياجات العاجلة للمتضررين في المجالات الغذائية والإغاثية"
ودعت المنظمة المصريين لأن يكونوا جزء من هذه الجهود الإنسانية العاجلة عبر التبرع لحساب بنكي مخصص في البنك العربي الأفريقي أو عبر الموقع الإلكتروني للمنظمة.
تنسيق مع الحكومة
محسن محجوب، أمين صندوق مؤسسة مصر الخير، يشدد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" على اهتمام الشعب المصري بمساندة السودان كونهم أشقاء وبينهم علاقات تاريخية وإنسانية وطيدة منذ زمن طويل.
ويوضح محجوب أن كافة الإجراءات تتم بالتنسيق مع الجهات المعنية من بينها وزارة التضامن الاجتماعي، لتحديد احتياجات الشعب السوداني خلال الأزمة ونقلها بصورة رسمية عن طريق الحكومة المصرية.
ويُشير إلى أن "مصر الخير" سارعت بتجهيز نحو 3 آلاف كرتونة تحوي مواد غذائية متنوعة حرصًا على عدم التأخير في تقديم المساعدة إلى الولايات الغارقة بفعل الفيضان.
ويعتقد أمين صندوق مؤسسة مصر الخير، أن مصر سباقة دائمًا في الوقوف بجانب أشقائها في الظروف الأليمة، وأن تكاتف الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية من أجل السودان أكبر رسالة على قوة العلاقة بين القاهرة والخرطوم.
وتحتاج السودان إلى دعم عاجل وفاعل، بحسب السفير السوداني بمصر، محمد إلياس، الذي قدم تقريرا خلال اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، الثلاثاء الماضي، يحتوي على أبرز الاحتياجات المطلوبة بالسودان.
وخلال كلمته أشار إلى ضرورة توافر مبيدات الرش لمواجهة الحشرات والبعوض وانتشار الملاريا، في الوقت الذي حذرت فيه لجنة صيادلة السودان المركزية، في بيان رسمي، من لدغات الثعابين والعقارب مع ارتفاع مناسيب المياه.
أمصال ضد العقارب
انتبهت مؤسسة "مرسال" الخيرية من مصر، إلى المخاطر المحيطة بالسودانيين في الولايات المتضررة، لتبدأ في تحضير شحنة أمصال ضد العقارب لإرسالها في أقرب وقت مع القوافل التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، كما تصرح آية زكي، مسؤولة العلاقات العامة بالمؤسسة لموقع سكاي نيوز عربية.
وتحدثت زكي إلى موقع "سكاي نيوز عربية" قائلة: "المؤسسة تعمل في الأساس على خدمة المصريين لكنها تتحرك بكافة طاقتها عند وقوع كارثة إنسانية في أية دولة عربية، وذلك بتعاون مع مؤسسة الهلال الأحمر المصري".
ألبان للأطفال
وتوضح زكي أن "مرسال" تعني بالخدمات الطبية لذلك ركزت جهودها على إرسال الاحتياجات الصحية، حيث وفرت نصف طن ألبان أطفال في القافلة الأولى.
وتنوه مسؤولة العلاقات العامة إلى أن المجتمع المصري يتسابق في تقديم التبرعات خلال الأزمات المشابهة بالدول الشقيقة.
وتضيف: "شعرنا بذلك منذ شهر عندما احتاجت لبنان لمد يد العون بعد انفجار مرفأ بيروت".
وتستطرد: "بعد التأكد من وصول الدفعة الثانية التي تحوي أمصال ضد العقارب نسعى لتوفير أي مواد طبية أخرى مطلوبة من الشعب السوداني".
الأوضاع في السودان قد تشهد تدهورًا، وفقا لينس لاركيه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، حيث حذر في بيان رسمي، من وقوع مزيدا من الفيضانات والدمار، نتيجة للأمطار الغزيرة المتوقعة.
وأشار المسؤول الأممي إلى نفاد الإمدادات خاصة الصحية والمياه ومستلزمات النظافة والصرف الصحي، مُشيرًا إلى أن منظمات الإغاثة السودانية استقبلت 44 % من المطلوب للاستجابة الإنسانية خلال عام 2020 وهو مبلغ يُقدر بـ 1.6 مليار دولار.
ميزانية من بنوك الطعام والشفاء
الدكتور معز الشهدي، رئيس شبكة بنوك الطعام الإقليمية، والرئيس التنفيذي لبنك الشفاء المصري، أكد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" على رصد ميزانية لتقديم الدعم الكامل للسودان.
ويُشير الشهدي إلى أن المساعدات مقدمة من بنك الشفاء المصري وأيضًا بنك الطعام، وصلت إلى مؤسسة الهلال الأحمر المصري وبدورها ستنقلها ضمن مساعدات ثانية إلى الخرطوم.
ويشدد الرئيس التنفيذي لبنك الشفاء، على شعور الجميع في مصر بالمسؤولية وحتمية التدخل الإنساني لإنقاذ ضحايا الفيضانات في السودان، وتوفير حياة كريمة لهم لحين عودتهم إلى بيوتهم من جديد.
تقدير وامتنان سوداني للمجهودات المصرية
سفير السودان السابق بمصر، عبدالمحمود عبدالحليم، ينظر بعين التقدير والامتنان إلى الدعم المصري لمتضرري السيول والفيضانات في بلاده، كما يوضح في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية".
ويعتقد عبد الحليم أن "سرعة استجابة المصريين عكست خصوصية العلاقة بين البلدين واهتمام الشقيقة مصر بأوضاع السودان في أتراحه أو أفراحه وعدم غيابها أبًا عن المساندة".
ويضيف "اهتمام الشعب المصري بأطيافه وتشكيلاته المختلفة ومنظمات المجتمع المدني بالتضامن مع السودان يؤكد تماما أننا شعب واحد في بلدين".