موجات الهجرة غير الشرعية من تونس "تؤرق" إيطاليا
08:58 - 07 أغسطس 2020قال وزير الداخلية التونسي والمكلّف بتشكيل الحكومة هشام المشيشي، إن السلطات تسعى لمضاعفة الإمكانيات التي ستساعد الحرس الوطني للتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، بعد أن سجلت في الآونة الأخيرة ارتفاعا واضحا.
وأكد المشيشي على أهمية وضع مقاربة اجتماعية وتنموية وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية لعلاج هذه الظاهرة.
وتحدث المسؤول التونسي عن ضرورة منح الأمل للشباب المهاجر بطريقة غير نظامية، قائلا: "الحلم مازال ممكنا في تونس والأمل موجود في بلدهم".
يأتي هذا في وقت أعلنت فيه مصادر أمنية إيطالية عن وصول مجموعة جديدة من المهاجرين التونسيين إلى لامبيدوزا، حيث استقبلت الجزيرة الأربعاء حوالي 700 مهاجرا تونسيا وهم في انتظار سفينة الحجر الصحي.
ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية عن مسؤول محلي في جزيرة صقلية جنوب إيطاليا قوله إن مشكلة التدفق الهائل للمهاجرين القادمين من تونس مازالت مستمرة رغم جهود وزيرة الداخلية الإيطالية لوتشيانا لامورجيزي التي كانت في زيارة إلى تونس بحثا عن حل لتزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين منها.
وبحسب المصادر نفسها فإن مركز استقبال المهاجرين بلامبيدوزا يشهد محاولات للهروب الجماعي تصدت لبعضها قوات الأمن بينما تمكن 184 مهاجرا من الفرار.
وكان وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو قد تحدث عن تفعيل عمليات إعادة المهاجرين إلى تونس باعتبارها بلدا آمنا ولا يوجد سبب لمنح حق اللجوء لهؤلاء الوافدين.
وبحسب الداخلية الإيطالية فإن إعادة كل التونسيين الذين لا يمتلكون وضعية قانونية يتطلب ما لا يقل عن 8 أشهر ما يستوجب إعادة النظر في الاتفاقية الأمنية المبرمة بين تونس وروما عبر مضاعفة رحلات الإجلاء إلى أربع رحلات أسبوعيا.
وتشير بيانات الداخلية الإيطالية، إلى وصول 11 ألف و191 مهاجر غير نظامي إلى البلاد منذ بداية العام الحالي، 5 آلاف و237 منهم انطلقوا من سواحل تونس، ومن بينهم 4 آلاف يحملون الجنسية التونسية.
من جهته، أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد على أهمية التعاون بين مختلف البلدان للبحث عن حلول جديدة لمعالجة الهجرة غير النظامية من خلال السعي المشترك لتوفير ظروف بقاء هؤلاء المهاجرين في بلدانهم الأصلية.
وتشهد السواحل التونسية عشرات الرحلات للهجرة السرية على متن قوارب صغيرة تقل شبابا وأطفالا وعائلات، في مشهد بات متكررا خاصة مع استقرار عوامل المناخ، حتى أن بعض المهاجرين يوثقون رحلاتهم هذه وينشرون فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأفاد منسق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس رمضان بن عمر بأنه منذ بداية يناير 2020 و حتى السادس من أغسطس الجاري وصل إلى السواحل الإيطالية 5963 مهاجرا من تونس ومنهم 4070 خلال يوليو الماضي، مشيرا إلى إحباط الحرس البحري التونسي لـ254 رحلة هجرة سرية.
وقال بن عمر لموقع "سكاي نيوز عربية" إن موجات الهجرة اتخذت أشكالا ووسائل متعددة منها الهجرة العائلية مرجعا أسبابها للأزمة الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدلات البطالة.
وأشار بن عمر إلى أن أزمة وباء كورونا ضاعفت كل هذه العوامل الدافعة لعدد من التونسيين للبحث عن حلول خارج البلاد حتى لو كانت عبر قوارب الموت المتهالكة.
وأضاف أن الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد شكلت حالة من الإحباط لدى الكثيرين ممن يرون أن الطبقة السياسية تخوض صراعات بعيدة عن اهتماماتهم مما خلّف لديهم قلق اجتماعي دفع ببعض الفئات الاجتماعية لاختيار الهجرة غير القانونية، وهو خيار انخرطت فيه بعض العائلات.
وأكد منسق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الهجرة السرية في تونس لم تعد تنفذ بأشكالها التقليدية عبر شبكات منظمة وعصابات بل أصبحت قائمة على التنظيم الذاتي عبر مجموعات صغيرة.
وفي تعليق على ضغوطات الجانب الإيطالي، قال بن عمر إنها سياسية المرجع مشيرا إلى أن أرقام 2020 مازالت ضعيفة جدا أمام ما تم تسجيله بين سنوات 2015 و2018.
واعتبر بن عمر أن اليمين الإيطالي يوظف أزمة الهجرة سياسيا بعد أن خسر الانتخابات عام 2019 محاولا كسب مواقع في الداخل الإيطالي عبر هذا الملف.
من جانبه، قال الدكتور في علم الاجتماع فؤاد الغربالي إن الهجرة السرية في العشر سنوات الأخيرة في تونس أصبحت مشروعا أسريا بعد أن كانت قبل 2011 تقتصر على الشباب.
وأوضح الغربالي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن العائلات خاصة في المناطق الفقيرة انخرطت في مشروع الهجرة السرية عبر مظاهر مختلفة منها توفير كلفة الهجرة غير القانونية لأبنائها أو انخراطها في مشروع الهجرة كنوع من الاستثمار
باستغلال الأبناء أملا في رفع مستوى معيشة العائلة.
وأرجع الغربالي الظاهرة للأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد وما سماه بانعدام الأمل في تحسن الوضع حتى أن البلد تحول إلى بيئة طاردة لأبنائه كأنه في حالة حرب.
وشبّه الدكتور في علم الاجتماع تنامي الهجرة في تونس بما حصل في لبنان زمن الحرب الأهلية واعتبره مؤشرا سياسيا خطيرا.
ولفت إلى أن السلطات في تونس تغض الطرف أحيانا كثيرة على هذه الظاهرة لولا ضغط الاتحاد الأوروبي الذي يهدد بوقف المساعدات، وهو أيضا موقف لا يخلو من السياسة حيث تتحرك أوروبا تحت ضغط الأحزاب اليمينة في الداخل الأوروبي.