تركيا تتلقى ضربتين في ساعات..تنديد أوروبي ودعوة لمصر بالتدخل
14:52 - 14 يوليو 2020تلقت تركيا في الساعات القليلة الماضية رسائل تحذيرية شديدة اللهجة تتعلق بنشاطاتها المزعزعة لاستقرار ليبيا، حيث دعا مجلس النواب الليبي، مساء الاثنين، القوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطرا يطال أمن البلدين، كما طالب الاتحاد الأوروبي، أنقرة بالتوقف عن التدخل في ليبيا، واحترام التزامها بحظر توريد السلاح المفروض على ليبيا من الأمم المتحدة.
ودعا مجلس النواب الليبي، القوات المسلحة المصرية، للتدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، ورحب البرلمان الليبي بتضافر الجهود بين ليبيا ومصر، بما يضمن دحر المحتل التركي، على حد وصف البيان الصادر عن البرلمان، برئاسة، عقيلة صالح.
ورحب مجلس النواب الليبي بكلمة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في وقت سابق بحضور ممثلين عن القبائل الليبية، داعيا إلى تظافر الجهود بين ليبيا ومصر بما يحقق الأمن والاستقرار في ليبيا.
وأكد البرلمان الليبي على "ضمان التوزيع العادل لثروات الشعب وعائدات النفط وضمان عدم العبث بثروات الليبيين لصالح الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، والذي يعد مطلبا شرعيا لكافة أبناء الشعب الليبي".
وجاء في البيان أن "مجلس النواب الليبي الممثل الشرعي الوحيد المنتخب من الشعب الليبي والُممثل لإرادته الحرة، يؤكد على ترحيبه بما جاء في كلمة الرئيس المصري بحضور ممثلين عن القبائل الليبية وندعو إلى تظافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر الُمحتل الغازي ويحفظ أمننا القومي المشترك ويُحقق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة".
وأضاف "للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت هناك خطر داهم وشيك يطال أمن بلدينا".
وتابع: "تصدينا للغزاة يضمن استقلالية القرار الوطني الليبي ويحفظ سيادة ليبيا ووحدتها، ويحفظ ثروات ومقدرات الشعب الليبي من أطماع الغزاة المستعمرين، وتكون الكلمة الُعليا للشعب الليبي وفقا لإرادته الحرة ومصالحه العليا".
وأشار بيان مجلس النواب الليبي إلى أن البلاد تتعرض لتدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم.
وأوضح أن "مصر تمثل عمقا استراتيجيا لليبيا على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على مر التاريخ، وأن الاحتلال التركي يهدد ليبيا بشكل مباشر ودول الجوار في مقدمتها مصر، والتي لن تتوقف إلا بتكاتف الجهود من دول الجوار العربي".
كذلك قال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن على تركيا احترام التزاماتها بموجب مخرجات مؤتمر برلين واحترام حظر السلاح إلى ليبيا.
وأكد بوريل، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن التحركات التركية في ليبيا يجب أن تتوقف، لأنها تتعارض مع مصلحة أوروبا.
وتحدث بوريل قائلا: "هناك اتفاق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي على أن العلاقات التركية الأوروبية تعيش حالة من التوتر الآن، خاصة في شرق المتوسط بسبب ليبيا، مما يؤثر مباشرة على مصلحتنا".
وأضاف: "نؤكد أن التحركات الأحادية التركية في شرق المتوسط التي تجري ضد مصلحة الاتحاد الأوروبي وأيضا سيادة الدول الأعضاء والقوانين الدولية، ينبغي أن تتوقف".
وبيّن أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اتفقت على دعوة تركيا إلى المشارك بفاعلية في حل سياسي في ليبيا، واحترام الالتزامات التي وافقت عليها في مؤتمر برلين، ومن ضمنها حظر السلاح إلى ليبيا.
وضع حد للتمادي التركي
وحول توقيت دعوة مجلس النواب الليبي للجيش المصري للتدخل، أوضح رئيس مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية محمد الأسمر، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه جاء بعد تصعيد في عمليات "التحشيد" التي تقوم بها تركيا، وتأكيدا لدعوات سابقة، واستكمالا لإعلان القاهرة في يونيو.
وشدّد الأسمر على أن مواصلة تركيا للتصعيد وحشد المرتزقة ودعم الميليشيات ضد الجيش الوطني الليبي، هو ما دفع مجلس النواب لطلب التدخل المصري، وهي دعوة تنسجم مع خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو الماضي، حيث أكد على استعداد القاهرة لدعم القبائل الليبية.
واسترسل الأسمر قائلا: "مجلس النواب الليبي يريد وضع حد للتمادي التركي وخصوصا بعد رفض أنقرة لإعلان القاهرة الذي حظي بقبول دولي".
ومن جانبه، اعتبر الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مجلس النواب الليبي انتظر كثيرا قبل اللجوء لهذا الخيار والذي اتخذ عقب إصرار تركيا على احتلال الأراضي الليبية وإنشاء قواعد فيها، والسيطرة على ثرواتها.
ولفت أديب إلى أن مجلس النواب الليبي هو المخوّل بالمطالبة بالتدخل المصري، وذلك بعد سقوط اتفاق الصخيرات، مؤكدا على أن دخول مصر عسكريا على خط الأزمة الليبية إن حدث، فمن شأنه أن يغيّر كثيرا على الأرض، حيث سيتمكّن من توجيه ضربات مركّزة للميليشيات المتطرفة الإرهابية والداعمين لها، كما أنه سيدعم القبائل الليبية في السيطرة على مناطق احتلها المستعمر التركي وأعوانه.
الموقف الأوروبي
ويجمع المراقبون للشأن الليبي عن تغيّر ملحوظ في الموقف الأوروبي إزاء هذا الملف، فإلى جانب التصريحات الأخيرة القوية لمنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، طالبت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي تركيا، الثلاثاء، باحترام حظر توريد السلاح إلى ليبيا، مشيرة إلى أن استقرار ليبيا مهم لفرنسا لأنه يؤثر على الوضع الأمني في البحر المتوسط وبالتالي في أوروبا.
وفي مقابلة إذاعية، بمناسبة يوم الباستيل الوطني، أكدت وزيرة الجيوش الفرنسية، أن لا حل عسكريا في ليبيا، داعية الأطراف الليبية والقوى الدولية للعمل من أجل حل سياسي.
وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا، بوقف تدفق الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، داعيا إلى استئناف الحوار بشكل فوري من أجل وقف إطلاق النار.
وذكر ماكرون: "أجدد تأكيدي على أن تحقيق الاستقرار في ليبيا ضروري جدا لضمان سلامة وأمن أوروبا ومنطقة الساحل. وعلى هذا الأساس، أدعو لاستئناف المفاوضات بشكل فوري وفتح أبواب الحوار السياسي من أجل التوصل لوقف إطلاق النار. أؤكد من جديد أن تحقيق السلم الدائم في منطقة البحر المتوسط يستدعي تحركنا ولن نسمح لقوات خارجية بتحديد مستقبلنا ومصيرنا."
وتعليقا على "النبرة القوية" الأوروبية الموجهة لتركيا، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والجامعة الأميركية، الدكتور طارق فهمي: "هناك تغيير في الموقف الأوروبي، حيث أكدت دول في الاتحاد على ضرورة تحجيم الدور التركي في ليبيا".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، قال فهمي: "الموقف الأوروبي بشأن ليبيا على درجة كبيرة من الأهمية، مع التأكيد على ضرورة أن تكون هناك آليا واضحة لتحرك تلك الدول ضد تركيا، هذا إلى جانب تفعيل عقوبات على أنقرة لوقف تجاوزاتها".
وبدوره أثنى الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، على الموقف الفرنسي الرافض للسلوك التركي في ليبيا، داعيا العرب والمجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم في وجه أنقرة التي لن يقتصر تهديدها في حال نجاحها بمخططها الإرهابي على ليبيا فقط، وإنما سيطال العديد من بلدان العالم.