تركيا.. محاكمة النشطاء تكشف "توظيف القضاء وتخويف الشارع"
20:08 - 03 يوليو 2020شكلت الأحكام التي أصدرتها محكمة في إسطنبول، الجمعة، ضد نشطاء حقوقيين ضربة جديدة لنزاهة القضاء التركي، واعتبرها محللون بمثابة رسالة تخويف للشارع التركي من الانخراط في أي عمل حقوقي.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة ضد نظام الحكم في تركيا بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان عام 2016، لم تتوقف السلطات عن الزج بالآلاف في السجون تحت ذرائع عدة، أبرزها الانتماء إلى جماعة رجل الدين فتح الله غولن، الموجود حاليا في الولايات المتحدة.
وآخر فصول هذا المسلسل المستمر منذ أكثر من 4 سنوات، تمثل في إدانة محكمة تركية، الجمعة، رئيس منظمة العفو الدولية السابق في تركيا تانر كيليش، بالعضوية في منظمة إرهابية، وحكمت عليه بالسجن أكثر من ست سنوات.
تبرئة ألماني وسويدي
كما أدانت المحكمة أيضا ثلاثة من نشطاء حقوق الإنسان، وهم غونال كورسن، وإديل إيسر، وأوزلم دالكيران، باتهامات مساعدة جماعة إرهابية، وحكمت عليهم بالسجن لعام وشهر لكل منهم.
وبرأت المحكمة سبعة نشطاء آخرين، من بينهم المواطن الألماني بيتر شتودتنر، والسويدي علي غارافي من الاتهامات.
واعتقل 10 نشطاء في مداهمة للشرطة في يوليو 2017، بينما كانوا في ورشة عمل للتدريب على الأمن الرقمي، في جزيرة بويوكادا قبالة إسطنبول. واعتقل الناشط كيليش بشكل منفصل قبلها بشهر في إزمير.
وتعليقا على الأحكام التي صدرت اليوم، قال مدير تحرير صحيفة "أحوال" التركية من لندن، غسان إبراهيم، إن "مثل هذه الأحكام تعتبر تهديدا لكل مواطن تركي يفكر في العمل بمجال حقوق الإنسان".
وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "تركيا أصبحت أكبر سجن للصحفيين في العالم مقارنة بأي دولة أخرى، وتقوم بجرائم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان".
"دولة بوليسية"
وأشار إلى أن تركيا في عهد الرئيس أردوغان "تحولت إلى دولة بوليسية من الطراز الأول، مع الأخذ في الاعتبار سعي الحكومة التركية للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي".
وبخصوص تبرئة ساحة الناشطين الألماني والسويدي قال إبراهيم إن "تركيا تأخذ مسألة الإفراج عن بعض النشطاء الأجانب في إطار صفقات التبادل مع هذه الدول. فتركيا تحاول أن تتفاهم مع الجانب الألماني لكي يعود السياح الألمان إلى تركيا، وبالتالي لا يمكنها أن تصدر حكما بتهمة الإرهاب ضد شخص ألماني في الوقت الذي تحاول التقرب من الألمان".
وأكد أن "انتقاء الأشخاص في المحاكمة يدل على عدم وجود عدالة وقضاء مستقل في تركيا"، مشيرا إلى أن هذا التصرف "يدل على رغبة في نشر الرعب لدى المواطنين الأتراك"، واصفا المحاكمة بأنها "مهزلة".
"مهزلة قضائية"
من جانبها، أدانت منظمة العفو الدولية الحكم على النشطاء، ووصفته بأنه "ضربة قاصمة لحقوق الإنسان والعدالة" في تركيا.
وقال أندرو غاردنر، الباحث في منظمة العفو الدولية، الذي حضر الجلسة: "اليوم، نشهد مهزلة للعدالة بمقاييس صادمة. إن حكم المحكمة يتحدى المنطق ويكشف أن هذه المحاكمة التي استمرت ثلاث سنوات محاولة مسيسة لإسكات الأصوات المستقلة".
وأضاف: "هذه القضية اختبار فاضح لنظام العدالة التركي. ومن هذا المنطلق، من المؤسف رؤية الدور الذي لعبه ويستمر في لعبه لتجريم الدفاع عن حقوق الإنسان".