"ديكساميثازون".. "السلاح الجديد" في المعركة ضد فيروس كورونا
16:17 - 17 يونيو 2020وصفت منظمة الصحة العالمية، نجاح باحثين بريطانيين، في علاج حالات إصابة حرجة بفيروس كورونا المستجد، بدواء من عائلة "الستيرويدات"، بالإنجاز العلمي، فما هو هذا الدواء وكيف يعمل وماهي آثاره الجانبية ودواعي استعماله؟
وتعليقا على إعلان فريق العلماء في جامعة أوكسفورد البريطانية عن النتائج الإيجابية التي سجلها دواء "ديكساميثازون"، من ناحية تقليل الوفيات في صفوف مرضى كورونا ممن يتنفسون بواسطة قوارير الأكسجين أو أجهزة التنفس الاصطناعي، قال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم، إنه العلاج الأول الذي أثبت فعاليته مع هؤلاء المرضى.
أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقال: "أنا فخور بأن علماء بريطانيين بدعم وتمويل من الحكومة البريطانية قد توصلوا لعلاج ثبتت فعاليته في مواجهة فيروس كورونا، وسيكون بالإمكان توفير هذا الدواء بشكل فوري في هيئة الخدمات الطبية، ولدينا مخزون كاف حتى في حال حدوث موجة تفشي ثانية".
وبحسب العلماء المشرفين على الدراسة فإن الدواء مفيد للمرضى الذين يعانون من أعراض متقدمة من جرّاء فيروس كورونا مما استلزم إدخالهم للعناية المركزة، وإخضاعهم للعلاج بأجهزة التنفس.
ما هو "الدواء المنقذ"؟
ينتمي عقار"ديكساميثازون" لعائلة "الستيرويدات" والتي تفيد بتقليل الالتهابات، وقد استخدم في علاج الربو والالتهاب المفصلي الروماتويدي، في ستينيات القرن الماضي.
وبحسب الأستاذ ومستشار علاج الأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، فإن استخدام "ديكساميثازون" وارد في بروتوكولات العلاج الخاصة بكوفيد-19 منذ تفشي جائحة كورونا، إلا أن الدراسة أثبتت علميا فعاليته مع فئة معينة من مرضى الوباء.
وفي الدراسة التي أثبتت فعالية "ديكساميثازون" مع فيروس كورونا، أعطي 2104 مريضا 6 ميليغرام من الدواء مرة واحدة على مدار شهر عن طريق الفم، أو الحقن الوريدي لعشرة أيام.
وقارن الباحثون النتائج بمتابعة المتغيرات لدى من أعطي لهم العلاج والباقين في العينة الاختبارية والتي تكونت من 4321 مريضا.
ووجد العلماء أنه على مدى 28 يوما، كان معدل الوفيات بين المرضى الذين يحتاجون إلى التهوية عبر أجهزة التنفس الصناعية 41 في المئة، أما بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى الأكسجين فكان في حدود 25 في المئة.
وكان معدل الوفيات بين أولئك المرضى الذي لا يحتاجون إلى دعم لجهازهم التنفسي، 13 في المئة، حسبما ذكرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
وتعليقا على نتائج الدراسة، قالت الأستاذة والباحثة في علم الأدوية الدكتورة ميس عبسي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "ديكساميثازون" مضاد التهاب مثبّط مناعي مشابه صنعي للـ"كورتيزون"، ويحول دون تحرر الالتهابات من الخلايا.
وأضافت ميس قائلة: "يستعمل الدواء مع الأمراض التي تترافق بالتهابات وعندما يكون الجهاز المناعي فعالا للغاية مثل التهاب المفاصل والذئبة الحمامية".
ووصفت ميس الدواء بأنه ليس "علاجا سحريا" لكورونا، ولكنه الأول الذي يثبت فعاليته في تخفيض معدل الوفيات مع الحالات الحرجة لمرضى كورونا، وذلك عبر تجارب سريرية واسعة، مشددة على أن استعماله ضروري أن يترافق مع أدوية أخرى مكملة له، تغطي مجالات أخرى كآليات هجوم الفيروس، والحيلولة دون تغلغله في الخلايا.
وبدوره نبّه أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إسلام عنان، من أن "ديكساميثازون" يعد واحدا من أكثر الأدوية القادرة على علاج أمراض كثيرة، إلا أن آثاره الجانبية عديدة ومرتبطة بالجرعات التي يصفها الطبيب لكل حالة، محذرا من أخذه للوقاية من كوفيد-19، أو بدون استشارة طبية.
كيف يعمل "ديكساميثازون"؟
يعمل "ديكساميثازون" على تقليل آثار ما يعرف بـ"العاصفة المناعية" لدى مرضى كورونا، وهو ما أوضحه عنان قائلا: "يمثل الجهاز التنفسي العلوي نقطة الاقتحام الأولى بالنسبة لفيروس كورونا، والذي ينتقل لاحقا للأسفل وصولا للرئة، ليعمل الجهاز المناعي على إطلاق أجسام مضادة لا تفرّق بين الخلايا الجيدة والسيئة. وتنجح تلك الأجسام في قتل الفيروس وإضعافه ولكنها تدمر خلايا الرئة، وهنا يأتي دور هذا الدواء في تخفيف أثر العاصفة المناعية، والمساعدة على تحسين التنفس".
وحول استجابة "ديكساميثازون" لفيروس كورونا وآلية تفاعله معه، بيّن بلعاوي أن الجسم في الحالات الحرجة يشكل "عاصفة مناعية" تحارب الفيروس، ولكن ذلك يتسبب بأضرار في الرئة والقلب والكلى والدماغ، وتحدث التهابات وتجلطات لاحقا، وهنا يعمل الدواء على توسيع القصبات والحويصلات الرئوية، والمساعدة في إيصال الأكسجين إلى الدم.
دواعي الاستخدام
صحيح أن الإعلان عن النتائج الإيجابية لدواء "ديكساميثازون" يمثل بارقة أمل في المعركة التي يخوضها العالم بوجه فيروس كورونا، إلا أن الخبراء يحذرون من خطورة تقديمه لفئات معينة من المصابين بالمرض.
وفيما يتعلق بهذه النقطة، أوضحت ميس، أن الدواء يستخدم مع الحالات التي تحتاج للتنفس الاصطناعي والأكسجين، وهو غير فعال مع الحالات التي تعاني أعراضا متوسطة الشدة، مشيرة إلى عدم وجود آثار جانبية بالنسبة عند الفئة الموصى بتناوله، في حين أن أخذه دون داع سيؤثر على العضلات ومستويات السكر في الدم والجهاز العصبي.
كذلك استبعد بلعاوي وجود أعراض جانبية للدواء على المدى القصير ووفق الجرعات المطلوبة، دون أن ينفي وجود أعراض جانبية على المدى البعيد، أي لدى استعماله لمدة تتراوح بين عام وعامين، ومع الجرعات العالية.
التكلفة والآثار الجانبية
يعد "ديكساميثازون" دواء رخيصا، إذ تقدّر تكلفة دورة علاج ثمانية أشخاص يعانون من كوفيد-19، بـ40 جنيها إسترلينيا، أي ما يعادل 50 دولارا أميركيا تقريبا.
أما عن الآثار الجانبية للعقار، فأبرزها بحسب المعهد البريطاني الوطني للصحة وجودة الرعاية، الشعور بالقلق والضعف الإدراكي والإحساس بعدم التوازن والإعياء واحتباس السوائل والصداع وارتفاع ضغط الدم وتغيّر المزاج والغثيان وهشاشة العظام وآلام في المعدة وزيادة الوزن واضطرابات في النوم.
ومن بين الأعراض الجانبية الأقل شيوعا، زيادة الشهية ومشاكل في الرؤية والقلب والدوار، كما ينصح الأطباء من يتناولون أدوية "الستيرويدات" تجنب الاختلاط بالمرضى الذين يعانون من الحصبة وجدري الماء.
ووفق إرشادات المعهد البريطاني الوطني للصحة وجودة الرعاية، فإن الجرعات العالية من "الستيرويدات" قد تكون لها آثار تتمثل بالأرق والمزاج السيء واضطرابات سلوكية وأفكار سلبية كالرغبة في الانتحار.