"الشيف عمر".. قصة أصغر طباخ مغربي تجاوز كل صعوبات الإعاقة
23:05 - 26 مايو 2020ثار على الواقع، وتجاوز كل عوائق الإعاقة، سلك طريق البطولة وهو يتحف الثقافة المغربية في الطبخ من "البطبوط" إلى "السيرومي". هو عمر عرشان أو "الشيف عمر" أصغر طباخ في المغرب.
وكأي طفل بطل آمن بأن بين العادي والخارق للعادة بضعة أحرف، ليبرهن للجميع أن للمطبخ نجوم من نوع خاص يتجاوزون معطى وجودهم ويحققون منذ الصغر ما لا يكون في الحسبان، فلا العجز ولا المرض ولا أي شيء، رنين الإرادة لا يعلو فوقه أي صوت.
"الشيف عمر" ألم به منذ أيام طفولته الأولى مرض نادر جعله محاصرا في كرسي، لكن ذلك لم يقف يوما حجر عثرة أمام طموحاته وأحلامه حيث قدم وصفته الأولى وعمره لا يتجاوز خمس سنوات.
بالإرادة تُصنع النجاحات
"أنا لا أعتبر نفسي مختلفا عن الآخرين، بالعكس أنا أسعى لتحقيق أحلامي. أقول لكل شخص يعاني من مرض "الاعتلال العضلي، لا تخجلوا ولا تعيشوا في الظلام. تمسكوا ببسمتكم وآمالكم في هاته الحياة، لأن الإرادة لنا جميعا، فلنعش بحب وأمل ومثابرة"، هكذا قال عمر عرشان أو "الشيف عمر" عن رسالته لكل إنسان يعاني من إعاقة حركية.
واشتهر عمر لدى متتبعيه على مواقع التواصل الاجتماعي بلقب "الشيف عمر (Chef Omar)"، ويعد أصغر بودكاستر مغربي في مجال الطبخ.
ابتسامته الجميلة لا تغادر محياه وعيناه تشع شغفا وهو يحكي عن سر ولعه بالطبخ، "أريد أن أصبح "شافا" مشهورا عالميا، أشارك الناس ما أقوم بإعداده من وجبات، ولما لا تقديم برنامج تلفزيوني"، يردف بالقول بنبرة متحمسة.
وحصل عمر على العديد من الجوائز المغربية، ويمتلك صفحة على فيسبوك تحمل اسم "الشيف عمر" تجاوز عددها 150ألف و 576 متابع، كما يتقاسم مع محبيه وصفاته على "يوتيوب".
وتخطت شهرة "الشيف عمر" حدود المملكة، ليصل صداها إلى أوروبا حيث التقى بطباخ الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، الشيف كيوم كوميز.
وعن سر نجاحه وتألقه رغم المرض، يصر عمر في حديثه قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية": "لا أومن بالاستسلام، أتغلب على إعاقتي الحركية بالطاقة الإيجابية والابتسامة، أحب الطبخ وأجد ملاذي في إعداد الوصفات ومشاركتها مع الأصدقاء".
"الحق في التعليم"
"عانينا بداية من إيجاد مدرسة تقبل وضعية عمر، للأسف نفتقر لثقافة العناية والاهتمام بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة"، هكذا قالت لبنى لشقر والدة "الشيف عمر" جوابا عن سؤال التعليم وحقه في التمدرس.
وتضيف "لم تقبله عدة مؤسسات تعليمية بحجة وضعيته الخاصة وفي الأخير بحثنا وسجلناه في مدرسة أميركية بالدار البيضاء".
أظهرت نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة للعام 2014، أن نسبة المعاقين وصلت إلى 6.8 في المئة، أي بما مجموعه أكثر من مليوني شخص في وضعية إعاقة. كما أفادت الدراسة التي أعدتها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية أن أسرة واحدة من بين أربع أسر في المغرب معنية بالإعاقة أي ما يمثل نسبة 24.5 في المئة.
الملفت للانتباه حسب النتائج، أن 66.1 في المئة من المعاقين دون مستوى تعليمي، أي ما يعادل مليونا و476 ألف شخص. ويصل معدل البطالة وسط المعاقين النشيطين إلى 47.65 في المئة، أي 290 ألف شخص، رغم أن الدستور المغربي ينص على "إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية أو حسية حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية".
وردا عن سؤال بشأن كيفية تقوية فرص تشغيل أصحاب الإعاقة، أفادت سمية العمراني، عضوة بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئيسة تحالف الجمعيات العاملة في مجال التوحد، قائلة "لأن النتائج مشروطة بأسبابها فأول مدخل هو التربية الدامجة".
وأوضحت لموقع سكاي نيوز عربية: "على سبيل المثال لا يعقل أن شخصا من ذوي الإعاقة كبر في مؤسسات غير مفتوحة على الحياة الاجتماعية أن يندمج في الحياة الاجتماعية".
ومن أفضل ما قال عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ، المصاب بالتصلب الجانبي الضموري: "يوجد داخل كل فرد منا شرارة من النار والطاقة الإبداعية الخلاقة، لقد فقد العديد منا إمكانية استخدام أجزاء من أجسامهم بسبب حادث أو مرض، ولكن هذا في الواقع لايشكل أهمية كبيرة لأنه فقط مشكلة ميكانيكية، أما الشيء المهم فهو أننا نمتلك الروح الإنسانية والقدرة على الإبداع".
امتلك "الشيف عمر" الروح الإنسانية إذن، تحدى إعاقته الحركية، فعلم الكبار دروسا بليغا في الحياة والأمل بابتسامته المعهودة التي لا تفارق محياه وبجملته التي يرددها دائما "أنا لست مختلفا، أنا مثلكم وأحبكم".