السودان.. عقارات وأصول أشقاء البشير تحكي قصة فساد استثنائية
00:36 - 09 مايو 2020الفندق الكبير ذو التاريخ العريق في قطاع الضيافة السودانية والمطل على شاطئ النيل قرب القصر الجمهوري في الخرطوم كان واحدا من قصص الفساد المتخمة لعناصر نظام المخلوع عمر البشير، التي كشفت عنها لجنة إزالة التمكين.
وشملت القرارات الصادرة عن اللجنة مساء الخميس استرداد عدد كبير من ممتلكات الشعب السوداني ومئات الآلاف من الأمتار من الأراضي السكنية المميزة التي استولى عليها أشقاء المخلوع البشير وصهره وعدد من النافذين، من بينهم عبدالرحيم محمد حسين والي الخرطوم الأسبق والصديق المقرب من البشير والذي نزعت منه 9 عقارات على مساحة 6 آلاف متر مربع إضافة لمأمون حميدة وزير الصحة الولائي في عهد البشير.
مؤسسات مهمة
وشملت القرارات إنهاء عقد إيجار فندق غراند هوليداي إن (الفندق الكبير سابقا على شارع النيل في الخرطوم) والمكون من 165 غرفة.
وتمكن نافذون في المؤتمر الوطني ومعهم رجل باكستاني مغمور من السيطرة على الفندق وفقا لعقد إيجار طويل الأمد مقابل 5 دولارات فقط للغرفة، في حين كانت أسعار المبيت في الفندق تتراوح بين 100 إلى 120 دولار لليلة الواحدة.
ويعتبر هذا الفندق إرثا تاريخيا مهما ونزل فيه العديد من الرؤساء والملوك في سبعينيات القرن الماضي.
كما شملت إنهاء عقود شركة ساس لخدمات وتشغيل المطارات التي كان يسيطر عليها قادة من الدفاع الشعبي، إضافة إلى حل مجالس إدارات شركة مطارات السودان القابضة وشركة مطار الخرطوم وشركة مطارات الولايات وشركة هندسة المطارات.
وألغت قرارات الخميس كذلك تسجيل منظمة ميمان الخيرية وحجز أموالها وأصولهما لصالح وزارة المالية وتتضمن عقارات بمساحة إجمالية 8131 متر مربع.
عقارات ضخمة
وتم استرداد العقارات المملوكة لأشقاء البشير وأقاربه بمساحة تقارب الـ90 ألف متر مربع تقع معظمها في أحياء سكنية راقية في منطقتي الخرطوم والخرطوم بحري.
وتضمنت القرارات نزع 17 قطعة أرض على مساحة أكثر من 17 ألف متر مربع كان يملكها نور الدايم إبراهيم عبد الله زوج شقيقة عمر البشير.
كما شملت إنهاء عقد مستشفى الزيتونة الشهير بوسط الخرطوم المملوك لوزير الصحة الأسبق مأمون حميدة.
أطر قانونية
يؤكد طه عثمان، عضو لجنة إزالة التمكين، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن اللجنة تستند في عملها على أطر قانونية راسخة لتحقيق العدالة واسترجاع أموال الشعب السوداني المنهوبة وفقا لآليات تقصي وتحقيق نزيهة.
ويشير عثمان إلى أن كل ما يتعلق بعمل اللجنة ينسجم تماما مع ما جاء في الوثيقة الدستورية والقوانين ذات الصلة التي صدرت خلال الفترة الماضية.
ويبدي عثمان تقته الكبيرة في قدرة اللجنة على تحقيق مطالب الشعب السوداني والمتمثلة في تحقيق العدالة بكل شفافية وموضوعية لاسترداد كافة الأصول والأموال التي تم الاستيلاء عليها دون وجه حق وخارج الأطر القانونية.
ثراء فاحش
يقول الناشط سليمان علي إن قادة الإنقاذ وتابعيهم سرقوا أصولا وعقارات يقدر حجمها بتريليونات الجنيهات وأثروا ثراء فاحشا على حساب الشعب السوداني وصحتة وتعليمه واحتفظوا بتلك الأموال في شكل عقارات ومجوهرات وذهب وأسهم وأرصدة خارجية.
ويرى علي أن الفساد الذي تم الكشف عنه حتى الآن يشكل قطره في بحر ويعكس مدى حجم التلاعب في المال العام من قبل حفنة من الناس.
ويشير علي إلى أن الجهود التي تبذلها لجنة تفكيك نظام البشير لها أثر ذو شقين معنوي ومادي، المعنوي يرسل إشارة واضحة للثوار أنهم منتصرون وثورتهم في الاتجاه الصحيح لتحقيق العدالة، أما من الناحية المادية سوف تستغني كثير من مرافق الدولة عن فاتورة الإيجار الباهظة، حيث أن معظم مرافق الدولة موجودة في شكل عقارات يتملكها قادة وتابعين للنظام البائد وكانت تؤجر لمؤسسات وهيئات حكومية بمبالغ خرافية.
وينصح علي باستخدام المباني المزنوعة كمرافق صحية او تعليمية او تدريبية حسب حاجة المرحلة ويمكن أن تباع للحصول على الدعم النقدي المباشر لمالية الدولة.
تحكم خطير
يرى أيوب عبدالله، أستاذ القانون في الجامعات السودانية، أن الفساد الذي مارسه عناصر المؤتمر الوطني وأقاربهم يعكس خطورة التحكم في مصائر الناس تحت عباءة الدين.
ويقول عبدالله إن استرداد أموال وأصول الشعب المنهوبة سيساعد على إعادة التوازن الطبقي وإعادة توزيع مصادر الدخل القومي بشكل عادل لتصب فى ماعونها الطبيعي، كما ستؤدي إلى تحقيق العدالة وتطبيق مبدأ الردع العام بحيث لا يظن أحد أن العدالة غائبة.
وشدد عبدالله على ضرورة ردع المتلاعبين حتى تنتهي ظاهرة الفساد تماما في السودان الذي يحتل حاليا المركز الثالث في قائمة البلدان الأكثر فسادا بحسب مؤشر منظمة الشفافية الدولية.
غياب دولة المؤسسات
ويعزي فخرالدين عبد المتعال، الخبير في مجال الجودة والحكم الرشيد، الأسباب التي أدت إلى تفشي الفساد في السودان بهذا الحجم الكبير إلى غياب دولة المؤسسات خلال فترة حكم النظام السابق.
وقال عبدالمتعال إن عدم وجود أنظمة محاسبة ورقابة فاعلة فتح الباب واسعا أمام انتشار ظاهرة الفساد وسرقة المال العام بهذا الحجم الغير مسبوق لا في التاريخ العالمي أو تاريخ السودان.
ويشير إلى أن عمليات الفساد كانت نتاج طبيعي لحكم الفرد وسيطرة الأقارب والمجموعات المقربة من المخلوع عمر البشير.