بعد وفاة طبيبين في بريطانيا.. كورونا "يعرّي" ملف هجرة العقول
14:42 - 30 مارس 2020الحرب ضد كورونا كانت العامل المشترك في وفاة الطبيبان عادل الطيار وأمجد الحوراني وهما اثنان من نحو ألفي طبيب سوداني يعملون في مختلف المستشفيات البريطانية.
لكن قصة الطيار والحوراني لا تقتصر فقط على التضحيات الضخمة التي تقدمها الكوادر الطبية والصحية التي تعمل ليل نهار من أجل التصدي لكورونا الذي يعتبر التحدي الأكبر أمام العالم خلال العقود الخمس الماضية على الأقل، بل تسلط الضوء على هجرة الأطباء السودانيين التي تزايدت بشدة خلال العقدين الماضيين حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 20 ألف طبيب سوداني ينتشرون في مستشفيات ما يقارب ال 50 دولة في مختلف أنحاء العالم.
دور مهم
ووفقا للفاتح عمر السيد القيادي في نقابة أطباء السودان الشرعية فإن عشرات الآلاف من الأطباء السودانيون يعملون في عدد كبير من بلدان العالم، مما جعلهم يضطلعون بدور مهم في التصدي للكثير من الأمراض والأوبئة التي تنتشر في العالم من وقت لآخر.
وفي الجانب الآخر، يرى السيد أن السودان يمكن أن يستفيد كثيرا من الكوادر المهاجرة التي تجلب معها خبرات وقدرات جديدة.
وفي السياق، يشير أيمن وهو طبيب سوداني مقيم في بريطانيا إلى أنه وعلى الرغم من أن مهنة الطب مهنة إنسانية ولا ترتبط بجغرافية محددة أو بلون أو دين إلا أن هجرة الأطباء السودانيين ألقت بظلال قاتمة على المشهد الصحي في السودان والذي تتجلى ملامحه بشدة في التدهور الكبير في أوضاع المستشفيات الحكومية والخاصة.
ويقول أيمن إن المئات من الاستشاريون والأخصائيون السودانيون يعملون في مختلف مؤسسات الرعاية الصحية بالمملكة المتحدة، مؤكدا أن العديد من الأطباء السودانيون في المملكة المتحدة يظهرون قدرات عالية ويتميزون كثيرا عن غيرهم بسبب عوامل من بينها ما يرتبط بالتكوين الداخلي للشخصية السودانية التي تسعى للتفوق والتميز خصوصا عندما تتوفر لها الإمكانيات والمعجنات وفرص التدريب المطلوبة.
معضلة حقيقية
منى عثمان طبية في العقد الثالث من العمر كانت تحضر نفسها للامتحان النهائي في تخصص الأطفال قبل أن يتم تأجيل الامتحان بسبب مخاوف كورونا. لم تكن مسيرة منى وغيرها ممن يسعون للتخصص سهلة فالكثير منهم يجبرون على دفع الكثير من تكاليف التخصص الباهظة من جيوبهم الخاصة بلد لا يتعدى فيه راتب طبيب الامتياز الخمسين دولار في أحسن الأحوال.
تقول منى إن الطبيب السوداني يعمل في ظروف سيئة للغاية مما يجعله يكون مضطرا للهجرة والعمل في بلدان أخرى وتحمل كافة التبعات الأسرية والاجتماعية.
وتشبر منى إلى أن الطبيب كان أحد أبرز ضحايا التدهور الذي أصاب قطاع الرعاية الصحية في السودان، فهو من ناحية يكون قلقا على أوضاع مرضاه في ظل النقص الكبير في المعينات والأجهزة الطبية وقلقا من الناحية الأخرى على وضعه الذي لا يمكنه من تقديم ما يجب تقديمه.
بصيص أمل
رغم أنه لم يمضي على تسلمه حقيبة وزارة الصحة في حكومة حمدوك الانتقالية سوى نحو 150 يوما، إلا أن وزير الصحة السوداني أكرم التوم سعى بشكل حثيث إلى تغيير الصورة السيئة للنظام الصحي التي خلفها نظام البشير والتي تعبر عن حجم الدمار الشامل الذي لحق بكافة مناحي الحياة في البلاد.
ومن بين أبرز التحديات التي تواجه قطاع الرعاية الصحية في السودان النقص الحاد في عدد الكوادر الطبية في الكثير من التخصصات المهمة ننيجة لموجة الهجرة العاتية التي اجتاحت القطاع بسبب سياسات النظام السابق وانعدام فرص التدريب.