كيف تتابع المخابرات البريطانية المشتبهين بالإرهاب؟
23:28 - 04 فبراير 2020بعد وقوع كل عمل إرهابي في بريطانيا، يصدر عن جهاز المخابرات المعروف بـ"MI6" بأن المهاجم كان موضوعا تحت المراقبة أو أنه غير معروف تماما.
ويتطلب الأمر عملية طويلة ومعقدة قبل إصدار هذا الحكم، بحسب ما يفيد تقرير مطول لشبكة "سكاي نيوز" نشرته الاثنين.
لكن الأمر الأخطر والأهم هو عملية ملاحقة هؤلاء قبل ارتكاب عمليات إرهابية.
وتستخدم المخابرات البريطانية مجموعة واسعة من التكتيكات من أجل ملاحقة الأشخاص المتورطين أو المشتبه في تورطهم بالإرهاب، لكن هذه التكتيكات باتت محل مساءلة والتدقيق، إثر العمليات الإرهابية التي وقعت بالفعل.
وهذا ما حدث إثر الهجوم الإرهابي الأخير الذي نفذ في لندن الاثنين وأصيب فيه 3 أشخاص طعنا من قبل سوديش أمان، الذي قتل لاحقا على أيدي عناصر الشرطة البريطانية، وتبين أنه خرج من السجن منذ مدة بعد إدانته في جرائم إرهابية.
وتستند تفاصيل تقرير "سكاي نيوز" على المعلومات العامة الواردة في التقارير حول الهجمات الإرهابية التي نجحت بالفعل، بالإضافة إلى ضابط سابق في جهاز المخابرات روى حكايات مذهلة عن ملاحقة إرهابيين كادوا يخطفون عنصرا من الجهاز الأمني في البلاد.
طرف الخيط
وتبدأ عملية التحرك الأمني بمجرد حصول "MI6" على معلومات استخبارية جديدة حول تهديد إرهابي، حيث يتم فزر تلك المعلومات وتقييمها، وتحديد طريقة التعامل مع هذا التهديد.
ولجأت المخابرات البريطانية إلى هذا التكتيك مع ارتفاع الهجمات الإرهابية في البلاد منذ العام 2011.
وفي تقييم المعلومات، يتم مقارنتها مع التحقيقات الجارية التي تجريها السلطات، وفي حال تم إيجاد صلة ما بين الطرفين، يتم تمرير المعلومات إلى الفريق الذي سيتولى التحقيق في الأمر.
وإذا لم يكن هناك فريق في الوكالة الأمنية يبحث في التهديد الذي تتحدث عنه المعلومات الاستخبارية، يتم إخضاعها مجددا لعملية تقييم.
أما في حال كانت المعلومات تتحدث عن خطر حقيقي وكانت ذات مصداقية كافية، وثمة طريق واضح للعمل بناءً عليه، تطلق المخابرات البريطانية عندها تحقيقا واسعا
وبمجرد انطلاق التحقيق، تبدأ المخابرات في عملية "التتبع"، التي تشمل فحص جميع قواع بيانات الجهاز، لمعرفة إذ كانت هناك أي معلومات ذات صلة بالموضوع أو الشخص الذي يجري التحقيق بشأنه.
ويمكن أن تتبع المخابرات البريطانية التهديد أو الشخص عبر بيانات جهاز مخابرات أجنبي تتعاون معه، لتحديد ما إذا كانت في قواعد بياناتهم معلومات ذات صلة.
أولويات التحقيقات
والتحقيقات التي تجريها المخابرات البريطانية في ملف الإرهاب، تتم وفقا لأولويات المخاطر التي تشكلها:
1.التخطيط لهجوم إرهابي: ويعتبر التحقيق في هذا الملف الأكثر إلحاحا، وعادة عندما تكون هناك معلومات استخبارية شحيحة وموثقة حول وجود هجوم إرهابي قيد التخطيط.
2. أنشطة المتطرفين: ويغطي هذا التحقيق مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل نية أحدهم السفر إلى مناطق القتال مع جماعة متشددة أو جمع النقود لصالح مجموعات إرهابية.
3. معلومات غير مؤكدة: لا توجد معلومات قاطعة بشأن التهديد الإرهابي، ويحتاج الأمر إلى مزيد من العمل لتحديد ما إذا كان الأشخاص الذين تدور حولهم المعلومات يشكلون تهديدا أم لا.
4. التحقيقات الأدنى خطورة: وتتعلق بالأشخاص الذين كانوا يشكلون تهديدا في الماضي، لكنهم لم يعودوا منخرطين في الإرهاب بعد خرجوهم من السجن مثلا.
3 آلاف شخص قيد المراقبة
تتعامل المخابرات البريطانية مع 3 آلاف شخص تعتقد أنهم خطر في أي وقت، تخضعهم للمراقبة بدرجات متفاوتة، وذلك تمنح الأولوية في التحقيقات لهؤلاء الأشخاص.
وينقسم هؤلاء إلى ثلاثة طبقات: أهداف رئيسية، أبرز المحيطين بهم، وطبقة ثالثة تتصل بصورة أقل بالطبقتين الأولى والثانية.
ورغم أن هذا الأمر قد يبدو مطمئنا لكن الأمر ليس كذلك، إذ إن منفذي الهجمات الإرهابية التي وقعت في السنوات الأخيرة ببريطانيا كانوا قيد المراقبة، مثل خالد مسعود الذي نفذ هجوم الطعن قرب البرلمان وسلمان عبيدي الذي فجر نفسه في مانشستر.
"إرهابي يتخفى وراء نقاب"
وقال ضابط سابق في المخابرات البريطانية "إنه في حال حصل الجهاز الأمني على معلومات تظهر أن شخصا أو مجموعة ما تشكل تهديدا، تبدأ عملية مراقبة لصيقة لهم، شاركت فيها أنا شخصيا، وذلك حتى نتأكد من أنهم تحت سيطرتنا".
وأضاف أنه في إحدى العمليات كاد الإرهابيون يختطفون أحد عناصر المخابرات السريين الذي كان مكلفا بمراقبتهم، وهو الأمر الذي لم تشهده بريطانيا من قبل.
وقال إنه في مناسبة أخرى، كان يتابع متطرفا يرتاد مسجدا في لندن، وينتحل صفة متشرد يرتدي ملابس رثة.
ولفت انتباه أنه كانت هناك عدد أكبر من المصليات المنقبات اللاتي يغادرن المسجد أكثر من اللاتي يدخلن إليه، وذلك نبه فريق المراقبة إلى أن المشتبه فيه ربما يكون قد غيّر من هيئته.
وبالفعل، كان المشتبه الرئيسي يرتدي البرقع، وبعد التحقق من شخصيته تم الاتصال بالقوات الخاصة من أجل القبض على الإرهابي.
وعندما داهمت القوات الخاصة سيارة المشتبه فيه، وأخرجوه منها، عثروا على أسلحة وعبوات أنبوبية وكان يخطط لشن هجوم في اليوم التالي.