خطة السلام الأميركية.. بين الرفض الفلسطيني وسيناريوهات الرد
00:49 - 28 يناير 2020يترقب الفلسطينيون بقلق إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطة السلام الأميركية، التي تم رفضها سياسيا وشعبيا، في الوقت الذي لا يزال الجانب الإسرائيلي يدعمها بقوة معتبرا أنها "فرصة تاريخية".
وقال ترامب في وقت سابق الاثنين، إنه سيعلن خطته للسلام في الشرق الأوسط، التي تأجلت طويلا، يوم الثلاثاء، معربا عن اعتقاده بأن الفلسطينيين "سيوافقون عليها في نهاية الأمر".
وأوضح ترامب الذي كان جالسا بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض، أن خطته "منطقية جدا للجميع". وأضاف أنه بالنسبة للفلسطينيين "فإنهم سيرغبون فيها في نهاية الأمر" بيد أنه أحجم عن تفسير كيف ستكون جيدة لهم.
ويخشى الفلسطينيون أن تبدد الخطة آمالهم في إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، لذا أعلنت القيادة الفلسطينية أنها ستعقد اجتماعا طارئا بعد الإعلان، لاتخاذ موقف فلسطيني موحد.
وقبيل الاجتماعات الأميركية الإسرائيلية، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية: "هذه الخطة هي لحماية ترامب من العزل وحماية نتانياهو من السجن. هذه ليست خطة للسلام في الشرق الأوسط، بل خطة سلامة الذات لأصحابها"، حسب ما ذكرت وكالة رويترز.
وأضاف: "هذه الخطة.. ما هي إلا خطة لتصفية القضية الفلسطينية، ونحن نرفضها ونطالب المجتمع الدولي أن لا يكون شريكا فيها لأنها تتعارض مع أبجديات القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني".
جاء ذلك وسط مطالبات باتخاذ خطوات كبيرة، كالإعلان عن إنهاء العمل بالاتفاقيات المرحلية الموقعة مع إسرائيل، وسحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني معها.
لكن بالرغم من الاتفاق على الموقف الرافض، فإنه لا يبدو أن استراتيجية المواجهة الفلسطينية في رام الله واضحة المعالم، فكل ما قيل عن اتخاذ قرارات مصيرية، قيل عندما ـعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، ولم يفعل حتى اليوم .
التخلص مع الاتفاقيات
وقال عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، لـ"سكاي نيوز عربية": "الأمر يستوجب أن يكون هناك آليات عملية فورية، للتخلص من كل الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، التي تشمل جوانب أمنية واقتصادية وسياسية".
وتابع: "لا بد أيضا من سحب الاعتراف بإسرائيل، التي لا تعترف بدولة فلسطين، بالإضافة إلى توسيع كل أشكال المقاومة الشعبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضد الاستيطان الاستعماري والحواجز ، والوصول إلى عصيان مدني كامل في كل الأراضي الفلسطينية".
تأهب في الضفة
ولا يبدو في شوارع وميادين المدن الفلسطينية ما يشي بانفجار شعبي في وجه الخطة، لكن كل شيء يخضع لقوانين الاحتمالات، مما استدعى الجيش الإسرائيلي للتأهب والاستعداد في الضفة الغربية .
فالقوى الفلسطينية تتوعد بتصعيد في أماكن تقول إسرائيل إنها ستضمها إلى سيادتها كالأغوار والمستوطنات، لكن حتى هؤلاء لا يمتلكون إجابة عن شكل ونوع وأدوات هذا التصعيد .
وقال منسق القوى الوطنية الفلسطينية عصام أبو بكر: "يوم الأربعاء سيكون يوم غضب شعبي، إذ سيزور مئات الفلسطينيين الأغوار للتأكيد على أن ضمها لن يمر ضمن هذه الصفقة، وأن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تتحكم في مصير الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية".
وشدد أبو بكر في حديثه مع "سكاي نيوز عربية"، على أن هذا الضم "لا يغير من الصفة القانونية للأراضي الفلسطينية، باعتبارها أراض محتلة".
"تجنب الرفض"
من جانبه، رأى الخبير في شؤون الشرق الأوسط جمال عبد الجواد، أن على الفلسطينيين ان يتجنبوا رفض الخطة الأميركية بشكل كامل.
وأضاف لـ"سكاي نيوز عربية: "على الفلسطينيين أن يتجنبوا رفضها بشكل كامل. هو ليس خيارا مثاليا.. لكنه أفضل الخيارات المتاحة حتى لا يعطي الفلسطينيون ذريعة لليمين الإسرائيلي للمضي قدما في خطوة ضم غور الأردن".
وتابع: "لا يوجد أمل كبير في تفاوض ناجح في ظل هذه الإدارة الأميركية.. لكن المقاطعة لها تكلفة كبيرة على القضية الفلسطينية".
"مصير القدس هو الأهم"
وشدد عبد الجواد على أن مصير القدس هو "الأهم" وأن العاصمة المطروحة خارج القدس.. هذه هي النقطة الرئيسية، وما إذا كان المجتمع الفلسطيني قابلا للتعاطي مع هذه المقترحات أو التعامل مع مقاربة بشأنها".
وعما إذا كان بإمكان الدولة الفلسطينية منقوصة الجيش والسيادة أن تعيش، أجاب الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالقول: ""نعم تستطيع أن تعيش".
وتابع: "الجيش ليس ركنا من أركان الدولة وإنما أداة للأمن، وبالتالي فإن الترتيبات الأمنية هي الأهم. الربط بين السيادة والجيش هو تصور غير واقعي في المسألة الفلسطينية".
نقاط إيجابية؟
أما الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ديفيد بولوك، فأعرب عن اعتقاده بوجود "نقاط إيجابية في خطة السلام الأميركية"، حيث أشار إلى وجود مستوطنين بالضفة الغربية مقابل فلسطينيين في داخل إسرائيل.
واستطرد قائلا: "على الرغم من المشاكل والشكاوى الفلسطينية، فإنني أرى نقاطا إيجابية، حيث توجد مستوطنات، وهناك تقريبا نصف مليون من الإسرائيليين اليهود في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه هناك مليونين فلسطيني يقطنون داخل إسرائيل".
وأضاف: "لذلك أنا لا أرى أي تناقض بين بقاء المستوطنين في الضفة الغربية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد مرحلة انتقالية".
ومع اختلاف وجهات النظر، وما إذا أُخذت هذه الصفقة على محمل الجد أو جرى التقليل من أهميتها كمتغير على الأرض فلسطينيا، فإن إسرائيل تسعى لاستثمارها كفرصة تاريخية لفرض واقع جديد على الأرض، تكون فيه الأغوار ونصف الضفة الغربية والقدس تحت سيادتها.