القصة الكاملة لكارلوس غصن.. ماذا بعد الهروب الغامض؟
23:01 - 02 يناير 2020فيما تسعى السلطات اليابانية إلى تحديد كيفية هروب الرئيس التنفيذي السابق لشركتي نيسان وميتسوبيشي كارلوس غصن، من خلال تعقب تحركاته أثناء عملية الهروب، فإن السؤال المطروح حاليا هو كيف سترد على "الصفعات" التي سيوجهها رجل الاعمال متعدد الجنسيات لها بعدما أصبح حرا.
فقد شن كارلوس غصن، البالغ من العمر 65 عاما، أول هجوم ضد السلطات اليابانية، بعيد تأكيد وصوله إلى العاصمة اللبنانية بيروت.
وقال غصن في بيان نقله متحدثون باسمه الثلاثاء "أنا الآن في لبنان. لم أعد رهينة نظام قضائي ياباني متحيز حيث يتم افتراض الذنب".
وأضاف: "لم أهرب من العدالة، لقد حررت نفسي من الظلم والاضطهاد السياسي. يمكنني أخيرا التواصل بحرية مع وسائل الإعلام وهو ما سأقوم به بدءا من الأسبوع المقبل".
وقال أحد محامي غصن في لبنان إن غصن سيعقد مؤتمره الصحفي "في الأسبوع المقبل، إلا أن الموعد النهائي لم يحدد بعد"، وفقا لفرانس برس.
ويبدو أن غصن سيكشف عن تفاصيل كثيرة بشأن اعتقاله بالإضافة إلى تفاصيل عن تعامل القضاء الياباني معه، والتي قد تكون مغايرة لطريقة تعامل القضاء الغربي مع حالات مثل غصن.
وبحسب توقعات قد تشكل "هجمات" أو "صفعات" غصن ألما لليابان، فقد قال المدعي العام الياباني السابق نوبوهو غوهارا إن السؤال الأكبر حول عملية هروب كارلوس غصن هو كيف سترد السلطات اليابانية على "هجمات" غصن ضدها، خصوصا وأنه بات قادرا الآن على الحديث بحرية عن فترة احتجازه واعتقاله؟
وقال مؤسس ومدير شركة "آسيا ستراتيجي" كيث هنري إنه "بصرف النظر عما سيفعله رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الآن، فإنه من الصعب للغاية التغلب على إحراج هروب أحد أبرز المشتبه بهم" في واحدة من أكبر فضائح الشركات منذ الطفرة الاقتصادية في اليابان التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
ويتهم القضاء الياباني غصن بأربع تهم تشمل عدم التصريح عن كامل دخله واستخدام أموال شركة نيسان التي أنقذها من الإفلاس، للقيام بمدفوعات لمعارف شخصية، واختلاس أموال الشركة للاستخدام الشخصي.
وكان غصن قد أنكر مرارا وتكرارا التهم الموجهة ضده واعتبر أن اعتقاله جزء من مخطط للإطاحة به من امبراطورية صناعة السيارات التي بناها.
ظروف اعتقال وهروب غصن
أوقفت السلطات اليابانية كارلوس غصن في التاسع عشر من نوفمبر الماضي، واعتقلته لمدة 130 يوما على مرحلتين، قبل أن يوافق القضاء الياباني على إطلاق سراحه ووضعه قيد الإقامة الجبرية في أبريل 2019.
وسمحت السلطات لغصن بالتنقل داخل اليابان، بعد أن احتجزت جوازات سفره الثلاثة (واحد فرنسي وآخر برازيلي وثالث لبناني)، غير أن فترة تغيبه عن مقر إقامته كانت تخضع لقيود صارمة.
ومنذ اعتقاله، ندد محامو غصن وعائلته مرارا بظروف احتجازه وبالطريقة التي يتعاطى بها القضاء الياباني مع ملفه.
وبلغ الأمر بالقضاء الياباني حد فرض عزلة على غصن عن العالم، وصلت حد حرمانه من الحديث مع زوجته، كارول غصن، طوال 7 شهور، كما حرمته من أي وسيلة تواصل معها وقطعت عنه كل وسائل الاتصال والتواصل، بما في ذلك تصفح الإنترنت.
وتحدثت كارول مؤخرا، بعد أنباء من مقربين بأن كارلوس قرر الهرب من اليابان بعد أن حرمته "المحاكم اليابانية" من أي اتصال بزوجته في فترة أعياد الميلاد.
وشعر غصن، على ما يبدو، بأن القضاة اليابانيين يسعون إلى تأخير محاكمته، وكان يخشى ألا تبدأ المحاكمة فعليا قبل العام 2021، الأمر الذي يعني أنه سيبقى بعيدا عن زوجته وعائلته لفترة أطول من المتوقع.
والخميس، داهمت السلطات اليابانية المنزل الفخم، في الحي الراقي بطوكيو، الذي كان يقيم فيه غصن قبل فراره إلى لبنان، كجزء من تحقيق النيابة العامة بعملية هروبه، بحسب ما ذكرت قناة "أساهي" التلفزيونية التابعة لشبكة سي إن إن الأميركية.
وتقتضي شروط كفالة غصن أن يتم تركيب 3 كاميرات لاسلكية للمراقبة الأمنية من شرفة فوق مدخل البيت.
وقال غوهارا "من المرجح أن يقوم المدعون العامون في طوكيو الآن بتتبع تحركات غصن عبر اليابان، وجمع لقطات للمراقبة والبحث عن متعاونين محتملين".
وبينما لم تتضح بعد كيفية هروب غصن، ذكرت وكالة رويترز وصحيفة فاينانشال تايمز، أنه تم تهريبه من طوكيو بواسطة شركة أمنية خاصة، في مؤامرة يعتقد أنه تم الإعداد لها عدة أشهر.
التداعيات في تركيا
تأخر رد فعل تركيا على وصول كارلوس غصن إلى اسطنبول قبل توجهه إلى العاصمة اللبنانية إلى نحو 3 أيام.
فقد قالت تقارير إن غصن وصل إلى مطار أتاتورك في اسطنبول في وقت متأخر الاثنين، وكانت زوجته كارول غصن بانتظاره قبل أن يتوجها معا إلى بيروت.
والخميس، أفادت وسائل إعلام تركية أن السلطات التركية أوقفت 7 أشخاص في اسطنبول للاشتباه في أنهم ساعدوا غصن على الفرار إلى لبنان.
وأضافت أن السلطات فتحت تحقيقا بشأن تسهيل هروب غصن إلى لبنان "بعد وصوله بطريقة غير قانونية إلى مطار أتاتورك، ومنه إلى العاصمة اللبنانية بيروت".
وأوضحت أن المعتقلين السبعة الذين تم إيقافهم يعملون في شركة طيران شحن خاصة، بينهم 4 طيارين، وموظفين اثنين في الخدمات، ومدير عمليات الشركة.
يشار إلى أن مؤسسة تتبع الطيران "فلايت رادار 24"، كانت قد تتبعت طائرة خاصة انطلقت من أوساكا في اليابان، إلى اسطنبول التركية، ثم تتبعت طائرة خاصة أخرى متوجهة إلى لبنان في الوقت الذي قيل فيه أن غصن وصل إلى البلاد.
هل يسلم لبنان غصن لليابان؟
يأتي هذا فيما استلمت النيابة العامة التمييزية في لبنان ما يعرف بـ"النشرة الحمراء" من الإنتربول الدولي، وفيها طلب بتوقيف كارلوس غصن بعد فراره من اليابان.
يشار إلى أنه لا يوجد اتفاقية تبادل تسليم مجرمين بين لبنان واليابان، ووفقا لهذا فإن طوكيو لا تستطيع إجبار بيروت على إعادة غصن.
لكن وفقا للنشرة الحمراء، وهي طلب يرفعه الإنتربول الى الأجهزة القضائية في دولة ما لتحديد مكان أحد المطلوبين وتوقيفه قبل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فإن لبنان سيتخذ القرار المناسب بعد استدعاء غصن والتحقيق معه، ورفع خلاصة التحقيق إلى وزير العدل اللبناني، الذي يقوم بدوره بتقديم مطالعته أمام مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.
الجدير بالذكر أن لبنان، الخميس، نفى أن يكون الرئيس ميشال عون قد التقى غصن بعيد وصوله إلى بيروت.
من جهتها، قالت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون الاقتصاد، أغنيس بانييه-روناشيه، الخميس إن بلادها لن تسلم كارلوس غصن، في حال دخوله فرنسا.
وأوضحت الوزيرة لقناة "بي أف أم تي في" إنه إذا توجه غصن إلى فرنسا "لن نقوم بتسليمه، لأن فرنسا لا ترحل بتاتا مواطنيها، لذلك سنطبق على غصن القواعد نفسها التي تطبق على أي شخص آخر، لكن ذلك لا ينفي اعتقادنا بأن غصن يجب ألا يتهرب من القضاء الياباني"، حسبما نقلت فرانس برس.
والسؤال الآن، بعد طلب الإنتربول بحق غصن، وفي حال شعور رجل الإعمال، بأن إقامته في لبنان قد تصبح "موضع شك"، فهل يتجه إلى فرنسا، التي منحته جوازي سفر؟