كيف فضحت ناقلة المتوسط حقيقة "القوة الإيرانية"؟
15:08 - 03 سبتمبر 2019منذ أسابيع والناقلة الإيرانية هائمة على وجهها في مياه المتوسط، لا تجد ميناءً ترسو عليه، في حادثة لافتة تظهر ضعف إيران في مواجهة تحذيرات أميركية شفهية (مذكرة التوقيف)، رغم خطابها العالي النبرة، الذي يتوعد الولايات المتحدة بالويل والثبور.
وبدأت قصة الناقلة الإيرانية في مطلع يوليو الماضي، عندما احتجزتها البحرية البريطانية في منطقة جبل طارق، للاشتباه بأنها تنقل نفطا إلى الحكومة السورية، في خرق للعقوبات الأوروبية المفروضة على دمشق منذ عام 2011.
وأفرجت سلطات جبل طارق عن السفينة في 15 أغسطس، وقالت السلطات إن إيران قدمت ضمانات بأن السفينة لن تبحر إلى جهة يفرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات.
لكن هذا الإفراج لم يتم إلا بعد أن غيّرت إيران اسم الناقلة من "غريس1 " إلى "أدريان داريا1"، وقامت بنما بشطب اسم الناقلة من سجلاتها، وأنزل علم بنما عن الناقلة ليرفع علم إيران عليها، في خطوة تظهر خشية هذه الدولة اللاتينية من غضب واشنطن.
وبعد ذلك أبحرت السفينة في مياه المتوسط، لكن دخلت الولايات المتحدة على الخط، إذ بعد قليل من إبحار الناقلة الإيرانية، أصدرت واشنطن مذكرة توقيف بحقها.
لماذا العجز الإيراني؟
يقول رئيس تحرير مختارات إيرانية، محمد عباس ناجي، في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إن أسبابا عديدة أدت إلى عجز إيران عن الرد على الإجراءات الأميركية.
ويضيف أن الدول المطلة على البحر المتوسط رفضت استقبال السفينة مثل تركيا ولبنان، وذلك تجنبا لأي توتر مع الولايات المتحدة، التي حذرت صراحة الدول من التعاون مع الناقلة.
وجاءت أزمة الناقلة في خضم أزمة أكبر بدأت في مايو، وهي تشديد العقوبات الأميركية الأقسى على إيران، التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بعدما انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني.
وردت إيران بخطاب ناري توعدت خلاله القوات الأميركية الموجودة في المنطقة، وقال مسؤولون في النظام الإيراني إن "القوات الأميركية في مرمى النيران الإيرانية".
"خيارات أحلها مرّ"
وبحسب الخبير في الشؤون الإيرانية، فقد أظهرت أزمة الناقلة أن طهران غير قادرة على الالتفاف على العقوبات الأوروبية والأميركية، مشيرا إلى تعهد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، لبريطانيا بأن الناقلة لن تنقل النفط إلى سوريا من أجل إطلاق سراحها في جبل طارق.
وأضاف أن الأمر يظهر أن العقوبات الأميركية على إيران فعّالة، والأخيرة عاجزة عن نقل حمولة الناقلة، وبالتالي بيع نفطها.
وتبدو الخيارات صعبة أمام إيران حاليا، فإذا تحدت الولايات المتحدة ونقل حمولة الناقلة إلى الحكومة السورية، فهذا سيظهر أن إيران لا تلتزم بتعهداتها ولا تحترم الوعود التي تطلقها للدول الأخرى.
وفي حال لم تتمكن إيران من نقل حمولة الناقلة وأعادتها إلى أراضيها فسيشكل ذلك إحراجا كبيرا لها.
وفي 26 أغسطس الماضي، أعلنت إيران على لسان المتحدث باسم حكومتها أن حمولة الناقلة بيعت إلى مشتر لم تحدد هويته.
وشكك محمد عباس ناجي في رواية أن إيران باعت حمولة الناقلة، ذلك أنه لا يوجد ما يؤشر على ذلك.
ويبدو أن إيران أعلنت بيع حمولة الناقلة في محاولة لإظهار تحديها للعقوبات الأميركية، أو في محاولة لطي ملف هذه الناقلة سريعا.
وتحمل "أدريان داريا1" على متنها 2.1 مليون برميل من النفط الخام، وهو ما يعني أن قيمة الشحنة تناهز حوالي 130 مليون دولار.
وتظهر بيانات موقع "مارين فيسيل ترفيك" الذي يتتبع السفن أن الناقلة الإيرانية كانت موجودة (حتى ظهيرة الثلاثاء) في المياه الدولية قبالة السواحل السورية.