تركيا وداعش والقاعدة.. تحقيق أميركي يكشف "دور أردوغان"
17:36 - 01 سبتمبر 2019كشف تحقيق استقصائي أميركي أجراه موقع "إنفستيغيتيف جورنال" عن ضلوع تركيا في إنشاء وتمويل خلايا لتنظيم القاعدة وداعش في سوريا خلال السنوات الماضية.
واستضاف التحقيق، الذي عرض على الموقع، على مدى أكثر من 30 دقيقة، أحمد يايلا قائد الشرطة التركية السابق الذي استقال احتجاجا على تمويل إدارة الرئيس أردوغان لعشرات الآلاف من مقاتلي داعش، وتهريبهم إلى داخل سوريا، إضافة إلى شراء النفط من التنظيمات الإرهابية، بما بلغت قيمته مئات الملايين من الدولارات.
وعرض التحقيق أيضا العديد من الوثائق والتسجيلات الصوتية، التي تدعم ما كشفه.
وقال أحمد يايلا إن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كان "يطمح في 2010 لتأسيس دولة إسلامية كبرى، وأنه وجد هدفه على وشك أن يتحقق عندما عمت الاضطرابات سوريا".
وعلى لسان يايلا، فإن "أردوغان كان يرى أن دعمه للجماعات المتشددة سيقود في النهاية إلى سيطرته على سوريا".
وأذاع الموقع تسجيلا صوتيا باللغة التركية لاجتماع كان وزير الخارجية حينها، أحمد داوود أوغلو، جزءا منه، وقال يايلا إن "هذا الاجتماع عُقد قبيل انتخابات 20014 البرلمانية".
وفي الاجتماع يظهر هاكان فيدان مدير المخابرات التركية وهو يتحدث عن 4 نقاط أساسية، قائلا: "أرسلنا نحو ألفي شاحنة إلى سوريا، سأرسل 4 رجال إلى سوريا لو كان ذلك ضروريا، سنطلق 8 قذائف تجاه تركيا لإيجاد تبرير لغزو سوريا، لابد أن نهاجم قبر سليمان شاه".
وهذه ليست المرة الأولى، التي يتم فيها فضح تورط أردوغان والاستخبارات التركية في نقل أو تسليح المتطرفين، حيث سبق لصحيفة "جمهوريت" المحلية أن نشرت صورا ولقطات فيديو وتقريرا يكشف أن مسؤولين من المخابرات يساعدون في نقل أسلحة ومسلحين بالشاحنات إلى سوريا.
وكان تقرير مشابه نشره موقع "نورديك مونيتور" الاستقصائي السويدي، في شهر مايو الماضي، كشف فيه عن تساهل الحكومة التركية مع المقاتلين المتشددين الأجانب الذين تعتقلهم.
وبحسب التقرير الذي استند على بيانات خاصة بالاستخبارات التركية، أطلقت أنقرة سراح الغالبية العظمى من المقاتلين المتشددين الأجانب، الذين اعتقلتهم خلال الفترة الواقعة بين عامي 2014 و2016، والذين قدموا إلى البلاد كمحطة عبور للالتحاق بعمليات قتالية في سوريا والعراق.
وتشير البيانات الخاصة بفرع المخابرات التابع للشرطة التركية إلى أنه تم اعتقال 37 بالمئة فقط من المقاتلين الأجانب، الذين ألقي القبض عليهم في الفترة الممتدة من 1 يناير 2014 وحتى 30 يونيو 2016.
وخلال ذات الفترة، اعتقلت الشرطة في المناطق الريفية التركية والحدودية 311 متطرفا تركيا، وظل في السجن 39 بالمئة منهم فقط، وأطلق سراح الباقين.
وينتمي معظم الذين يتم إخلاء سبيلهم لتنظيمات متطرفة مثل "داعش" و"القاعدة"، حيث يجري تحريرهم بعد محاكمات تجري بسرعة.
وتم تقسيم المعتقلين، بحسب وثائق المخابرات التركية، لإرهابيين ومتعاونين ومتعاطفين وهم من يساعدون ويحرضون على الإرهاب، دون إيراد أي معلومات عن كيفية المعايير المستخدمة للتمييز بينهم، والحكم على الخطورة التي يمثلونها.
المشروع التركي بسوريا
وكشفت وثائق سرية، في يناير الماضي، أن الاستخبارات التركية نقلت بشكل سري مقاتلين "متشددين" إلى الحدود التركية السورية، للتأثير على الحرب الدائرة في البلد المجاور.
وأشارت الوثائق إلى أن "العملية السرية"، التي وقعت قبل نحو 4 أعوام، فُضِحت حين تم استدعاء وحدات الشرطة المحلية التركية للبحث عن حافلتين، تستخدمان في نقل المقاتلين المتشددين المسلحين من نقطة على الحدود السورية إلى أخرى.
وكشفت إحدى الوثائق المسربة والموقعة عام 2014 من قبل نائب رئيس الاستخبارات التركية، إسماعيل حقي موسى، الذي يشغل حاليا منصب سفير تركيا في فرنسا، أن قضية نقل المقاتلين تعتبر "سر دولة".
وأوضحت الوثيقة، أن المقاتلين جرى نقلهم عبر الحدود في ليلة 9 يناير 2014، وذلك داخل حافلات متعاقدة مع الاستخبارات التركية MIT.
ووصلت الحافلات إلى البوابة الحدودية في بلدة أكجاكلي التركية، ثم مرت عبر البوابة الحدودية دون أي تفتيش أو فحص.
وبعدها، جرى تفريغ الحافلات من المقاتلين والأسلحة والذخيرة في حدود الساعة الخامسة صباحا، وعادت الحافلات مرة أخرى إلى تركيا.
وفي اليوم التالي، تلقت الشرطة المحلية التركية بلاغا يفيد أن حافلتين، كانتا متوقفتين في منطقة استراحة على طريق سريع، متورطتان في تهريب المخدرات.
وأخضعت العناصر الأمنية الحافلتين للتفتيش، لكنها لم تعثر على مخدرات، ووجدت في المقابل 40 صندوقا من الذخيرة للرشاشات الثقيلة.
وجرى اعتقال السائقين، شاهين غوفينميز وإسات لطفي، إلى جانب مالك شركة الحافلات، ميهراك ساري.
واعترف الموقوفون، خلال التحقيق معهم، بأن الحافلتين استأجرتهما "MIT" ، مشيرين إلى أنهم قاموا بمهمات مماثلة من قبل.
وحسب اعترافات المعتقلين، فإن الاستخبارات التركية نقلت ما يناهز 72 "متشددا" إلى الحدود السورية لمساعدة الجماعات المتطرفة هناك.
وبعدما قاد المدعي العام، مصطفى سرلي، التحقيق وأمر بإجراء فحص ميداني للأماكن التي تم فيها اعتقال المقاتلين، جرى إعفاؤه من القضية لأسباب مجهولة.
بينما سارع كومالي تولو، المدعي العام الجديد في القضية، إلى إسقاط القضية، وغلق الملف ضد جهاز الاستخبارات بتاريخ 28 نوفمبر 2014.
"جنة داعش المالية"
وقال يايلا في تحقيق "إنفستيغيتيف جورنال" إن تركيا كانت مصدر التجارة الوحيد للجماعات المتشددة في سوريا، وأن الدواعش حصلوا على جميع إمدادتهم من تركيا (ملابس وأدوية وأسلحة وغذاء).
وفي مارس الماضي، كشف تحقيق استقصائي حديث تمكن تنظيم "داعش" من نقل أصول مالية كبيرة لتركيا، وأن هزيمة التنظيم الإرهابي عسكريا في كل من سوريا والعراق تمثل فرصة للإرهابيين لتبني استراتيجية اقتصادية اعتمدتها "القاعدة" في الماضي.
وفي التحقيق الذي أجرته مجلة "أتلانتيك" الأميركية، كشف مسؤول عراقي بارز لم تكشف عن اسمه، أن الجزء الأكبر من الأصول المالية لتنظيم "داعش" قد نقل إلى تركيا، رغم العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية وطالت شركات للخدمات المالية في سوريا والعراق.
ووفق المسؤول، فقد وصلت أصول التنظيم الإرهابي إلى تركيا إما نقدا أو بعد تحويلها لذهب، كما تغاضت السلطات التركية عن بيع عناصر من "داعش" للنفط المهرب لمشترين أتراك.