3 أعوام بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.. ماذا تغير؟
19:18 - 15 يوليو 2019مرت ثلاثة أعوام على محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا منتصف يوليو 2016، والتي وقف خلالها الأتراك مع الرئيس رجب طيب أردوغان في وجه الجيش، إلا أن الرئيس ردّ جميل مواطنيه بإطلاق حملات "تطهير" لم تستثن أحدا، هذا إلى جانب ممارسات عديدة شملت تقييد الحريات واحتكار السلطات.
وتحيي تركيا هذه الذكرى عبر 1500 احتفال في عموم البلاد وخارجها، ومن بينها حفل في مطار أتاتورك بإسطنبول، حيث من المتوقع أن يلقي أردوغان خطابا عن المناسبة، دون أن يتطرق على الأغلب للآثار المدمرة لحملة "التطهير" التي أطلقها عقب محاولة الانقلاب.
ويرى مراقبون أن حملة "التطهير" دفعت البلاد إلى أوضاع سيئة للغاية وكانت بمثابة "انقلاب" بطريقة أخرى مارستها الحكومة ضد خصومها السياسيين، فوضعت بعضهم في السجون ودفعت آخرين لمغادرة تركيا مكرهين.
وأشاروا إلى أن هذه الحملة التي أدت إلى تدهور أحوال حقوق الإنسان أظهرت انتهازية حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه أردوغان، إذ بات يتهم الآخرين، ولا سيما المعارضة بصلات مزعومة مع فتح الله غولن، الذي كان يوم ما حليفه الأساسي، وأصبح لاحقا المتهم الرئيسي بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
أرقام المعتقلين والمطرودين
وفي تقرير لها، تقول منظمة "هيومان رايتس ووتش" الحقوقية، إن حكومة أردوغان طردت أكثر من 150 ألف موظف من عملهم بزعم ضلوعهم في محاولة الانقلاب أو صلتهم بجماعة غولن، فيما زجت بنحو 64 ألفا آخرين في السجون، ومن بين هؤلاء نحو 150 صحفيا وإعلاميا، مما يجعل تركيا أكبر سجن للصحفيين في العالم.
أما أرقام موقع "أحوال" المتخصص في الشأن التركي، فتقول إن هناك 77 ألف تركي خلف القضبان بانتظار استكمال محاكمتهم، فيما جرى فصل 150 ألف موظف من العمل في السلك الحكومي، كما تم إغلاق أكثر من 200 مؤسسة إعلامية.
ويقول الباحث السياسي، بركات قار، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الانقلاب ذكرى مشؤومة في تاريخ تركيا، إذ أنه بعد فترة من هذه المحاولة، باتت السلطة تقوم بـ "بمحاولة انقلاب"، لكن ليست كتلك التي حدثت في ليلة 15 يوليو.
وقتل في ليلة الانقلاب نحو 300 مواطن تركي وأصيب نحو ألفين آخرين، وكانت أبرز أحداثه في العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، حيث خرج آلاف الأتراك للتصدي للجنود المشاركين في المحاولة الانقلابية، المتهم فيها غولن.
وأضاف قار أن حملة أردوغان لم تستهدف فقط جماعة غولن، بل طالت أيضا كل المعارضين في الداخل والخارج.
ورأى أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ في تركيا، سياسيا وحقوقيا ومعيشيا، مشيرا أيضا إلى الشكاوى من ارتفاع الأسعار المتتالية.
وأوضح أن ما حدث بين جماعة غولن وحزب العدالة والتنمية هو اختلاف"الأخوين" حول كيفية الوصول إلى السلطة، إلا أنهما يتفقان فيما يتعلق بقمع الحريات، متحدثا عن غموض مازال يحيط حتى الآن ما حدث في محاولة الانقلاب الفاشلة.
وبحسب الباحث السياسي، فإن حملة التطهير التي جرت في تركيا ساعدت حزب العدالة والتنمية في التخلص من غولن والمعارضة على حد سواء، مؤكدا أن حكومة أردوغان في أضعف حالاتها رغم سياسة اليد الحديدية التي مارستها في حملة "التطهير"، ومشيرا لــ"انفجارات" داخل الحزب الحاكم، في إشارة إلى الاستقالات فيها.
قبل الانقلاب وبعده
وعن الأوضاع قبل الانقلاب، بيّن قار أن الأمور كانت نسبيا جيدة في تركيا، مضيفا "كانت هناك مؤسسات سياسية وبرلمانية وعدالة والناس تستطيع التظاهر والمطالبة بحقوقها، أما بعد الانقلاب، فقد ساءت الأوضاع لدرجة ان أعضاء البرلمان لا يسمح لهم بعقد مؤتمر صحفي في الشارع".
وأشار إلى أن عدد المعتقلين في حزب الشعوب الديقراطي بلغ 4600 معتقلا فقط، فضلا عن آلاف الأكاديميين وغيرهم، مشيرا إلى أن تظاهرات الطلاب داخل الحرم الجامعي تقابل بتدخل قوات الأمن وقمعها.
انتهاكات بعد الطوارئ
وسلط الباحث السياسي، جواد غوك، الضوء على الانتهاكات التي وقعت في البلاد عقب رفع حالة الطوارئ، مضيفا في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الاعتقالات في تركيا مستمرة، حيث يجري توقيف الناس بكل سهولة حتى بعد رفع الطوارئ.
وظلت تركيا رهن حالة الطوارئ من يوليو 2016 حتى يوليو 2018، ويقيد هذا القانون الحريات ويمنح السلطات التركية صلاحيات واسعة، مثل تمديد فترة الاعتقال وغيرها.
وأقرّ البرلمان التركي ما يعرف بـ"قانون مكافحة الإرهاب"، الذي يكرس عمليا بعض تدابير حالة الطوارئ، مثل حظر التجمعات العامة وتمديد الاعتقال دون محاكمة.
المعارضة بدائرة الاتهام
واعتبر غوك أن أردوغان استغل الظروف التي تلت محاولة الانقلاب، فأصبح خصومه السياسيون متهمين، وللمفارقة فإن الرئيس اتهم الآخرين بصلتهم بجماعة غولن، رغم أنه كان هو حليف هذه الجماعة.
وأشار إلى أن عشرات الآلاف قدموا طلبات تستأنف أوامر عزلهم من وظائفهم، لكن السلطات قبلت طلبات 5 في المئة فقط.
واختتم الباحث السياسي التركي حديثه بالقول إنه رغم تردي حرية الصحافة ووقوف معظم وسائل الإعلام مع حزب أردوغان الحاكم، إلا أن الشعب رفض التصويت لمرشحه في انتخابات إسطنبول، الأمر الذي يعد مؤشرا إيجابيا قد يفتح الطريق أمام التغيير في المستقبل.