الإمارات وألمانيا.. شراكة استراتيجية ورؤية مشتركة ضد التطرف
20:35 - 12 يونيو 2019أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية، الأربعاء، بيانا مشتركا أكدا فيه على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بينهما، وتقارب المواقف بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية، والالتزام المشترك بمكافحة التطرف والإرهاب.
جاء ذلك خلال زيارة يجريها ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى برلين، بدعوة من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وخلال زيارته إلى ألمانيا، بحث ولي عهد أبوظبي مع ميركل الوضع الأمني الراهن في منطقة الخليج، والقضايا ذات الصلة بالأمن الإقليمي، وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والإنساني والثقافي بين البلدين.
وأكد الجانبان مجددا التزامهما المشترك بمكافحة التطرف والإرهاب بجميع أشكاله، على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث يرى الجانبان أن الإرهاب والتطرف العنيف يهددان النظام الدولي.
وقال الشيخ محمد بن زايد: "مسيرة التعاون بين الإمارات وألمانيا تاريخية تعززها روابط الشراكة الاستراتيجية وسنعمل معا على تدعيمها والارتقاء بها".
واستطرد قائلا: "موقفنا راسخ في دعم جهود السلام العالمي وإعلاء قيم التسامح والتضامن الإنساني ونبذ التطرف والتصدي للإرهاب".
مكافحة الإرهاب
وأكدت الإمارات وألمانيا على "رفضهما القاطع لجميع أشكال الإرهاب"، التي تمثل تهديدا للسلم والاستقرار الدوليين، وضمان التعاون الأمني في هذا الصدد.
ووافق الجانبان على حشد الجهود بشأن قضايا مكافحة الإرهاب، وتبادل الخبرات والمعلومات وتعزيز التدريب الفردي وبناء القدرات في هذا الصدد. وتحقيقا لهذه الغاية، يسعى الجانبان إلى الانخراط في تعاون ملموس في مجال مكافحة الإرهاب.
وتعزيزا لدور البلدين في مكافحة الإرهاب، أعلنت الإمارات وألمانيا تأييدهما لقرار الأمم المتحدة رقم 2462، الذي تمت الموافقة عليه بالإجماع، وشاركت في رعايته البلدان، والذي يطلب من الدول الأعضاء اتخاذ المزيد من الخطوات لمنع تمويل الإرهاب ومكافحته ومحاسبة الدول الراعية للإرهاب.
كما اتفقت الإمارات وألمانيا على الاضطلاع بدورهما في تعزيز الاستقرار في إقليميهما، إلى جانب الإسهامات الإيجابية في الشؤون العالمية.
أزمة اليمن
وبشأن الأزمة اليمنية، حثت دولة الإمارات وألمانيا بشدة على التوصل إلى حل سياسي استنادا إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وجميع القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا سيما قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216.
وأكد البلدان أهمية تنفيذ اتفاق استكهولم وفقا لقراري مجلس الأمن رقم2451 ورقم 2452، والتزامهما بتحقيق هذه الغاية، وفق ما ذكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية.
كما أعرب الجانبان عن تأييدهما للجهود المتواصلة التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث.
ويُعتبر البلدان من أهم الجهات المانحة لشعب اليمن، وهما ملتزمان بالاستجابة بفعالية للحالة الإنسانية الراهنة، إذ تساهم ألمانيا في بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، ولديها موظفون من بينهم أفراد عسكريون وشرطيون.
إيران
وفيما يتعلق بإيران، أعربت كل من دولة الإمارات وألمانيا عن قلقهما إزاء تنامي التوترات في المنطقة، وتدعوان إيران إلى "القيام بدور إيجابي والامتناع عن اتخاذ أي خطوات تصعيدية".
وأعربت ألمانيا عن الموقف الأوروبي/الدول الأوروبية الثلاث (E3)، الذي يفيد بأن خطة العمل الشاملة المشتركة تعتبر "جزءا رئيسا للهيكل الدولي لعدم انتشار الأسلحة النووية، وإنجازا للدبلوماسية المتعددة، وتم إقراره بإجماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال القرار رقم 2231".
وأكد الطرفان مجددا على ضرورة الامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها تصعيد التوترات القائمة حاليا. وترى الإمارات وألمانيا أيضا أن مراعاة سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية "أمر أساسي لضمان الأمن والاستقرار الإقليميين".
ليبيا وسوريا
وفيما يتعلق بليبيا، ترى الإمارات وألمانيا أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع الدائر هناك، وأن الإطار السياسي للمبعوث الأممي غسان سلامة "يمثل الخيار الأفضل لتجاوز الأزمة السياسية الحالية، وأن الحيلولة دون تصعيد الصراع أمر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقرار في المنطقة وهو أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي ككل. كما أن مكافحة الإرهاب والتطرف قضية محورية بالنسبة لمستقبل ليبيا".
وبشأن سوريا، يرى البلدان أن الصراع الدائر في سوريا "لا يمكن حله بالوسائل العسكرية"، ويؤيدان بشدة الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة جير بيدرسن في مساعيه لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
ودعت الإمارات وألمانيا "جميع الأطراف المعنية" إلى دعم تلك الجهود السياسية.
خارطة طريق جديدة
وحضر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة مأدبة العشاء الرسمية التي أقامتها مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، ببرلين.
وقال ولي عهد أبوظبي: "سعيد جدا بوجودي في ألمانيا ونحن هنا اليوم نحتفي بمرور 15 عاما على توقيع الاتفاقية الاستراتيجية بين الامارات وألمانيا حيث كان التبادل التجاري وقتها بيننا يقارب 3 مليار دولار أما اليوم فإنه يقارب 14 مليار دولار ".
وأضاف الشيخ محمد بن زايد: "زيارتنا لألمانيا تؤكد أن لدينا خارطة طريق جديدة 15 سنه قادمة .. نتطلع أن يتضاعف التبادل التجاري بصورة أكبر "، وقال "ناقشنا مواضيع عديدة ونحن متفقون على كثير من الأمور ونتطلع إلى تقوية هذه العلاقة ومد جسور التعاون بين الإمارات وألمانيا".
من جانبها قالت المستشارة الألمانية، إن "اللقاء تناول مجموعة واسعة من المواضيع الألمانية الإماراتية وخصوصا الشراكة الاستراتيجية التي نحتفي بمرور 15 عاما على إبرامها بيننا .
وأوضحت ميركل "أن المحادثات التي جرت عكست الحرص على تعميق العلاقات وهذا ما ترجمه البيان المشترك الذي أصدرناه اليوم".
وأشارت إلى أن اللقاء الذي جمع ولي عهد أبوظبي ووزير الاقتصاد الألماني وأصحاب الشركات الألمانية يعكس الرغبة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ونوهت إلى أن زيارة مليون سائح ألماني إلى الإمارات كل سنه يعكس التواصل الموسع بين البلدين.
بلد التسامح
المستشارة الألمانية ميركل أشادت بمبادرة عام التسامح التي أطلقتها الإمارات هذا العام، وقالت "إنها بالنسبة لنا مهمة جدا حيث شهدت الإمارات أول زيارة لبابا الفاتيكان للإمارات، كما استضافت الإمارات الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص حيث تميزت هذه النسخة بمشاركة طيف واسع من مكونات شعب الإمارات والمقيمين فيها".
وأضافت ميركل، أن الحديث تضمن أهمية بناء الجسور بين الأديان والطوائف المختلفة وضرورة مواجهة التطرف والكراهية من خلال التفاهم بين الشعوب إضافة أهمية مكافحة الإرهاب الدولي .
وأشارت إلى وجود فرص ومشاريع كثيرة للتعاون في المناطق ذات الاهتمام المشترك ومنها منطقة دول الساحل الخمس. مشيرة إلى أهمية المناخ الاقتصادي الذي تشهده دولة الإمارات والإمكانيات التي تتمتع بها لمواصلة التعاون الثنائي.
وقالت ميركل "حسب منظمة الشفافية الدولية تتميز الإمارات بدورها الريادي في التصدي للفساد على مستوى المنطقة وهذا يهم الشركات الألمانية والاستمارات الجديدة".
وفيما يخص الأمن الإقليمي أوضحت ميركل أن البلدين لديهما المزيد من التعاون في المنطقة حيث شملت المحادثات الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن.
وفي ختام كلمتها أعربت عن قلقها من نشاط الصواريخ في إيران، إضافة إلى تدخلها في سوريا، مشيرة إلى أن الاتفاق النووي مع إيران يلاقي وجهات نظر مختلفة إلا أننا نفضل الحلول السياسية والسلمية في هذا الصدد .