فضيحة ورشى وتهديد.. هل يطيح نجل القذافي رئيس وزراء كندا؟
14:36 - 01 أبريل 2019تتسارع التطورات في فضيحة فساد يواجهها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وقد تعرضه إلى خسارة أصوات الناخبين الليبراليين في الانتخابات المقررة أكتوبر المقبل، لكن الأمر المثير بشأن هذه القضية هو ارتباطها بنظام الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وتحديدا ابنه الساعدي القذافي.
والجمعة الماضية، نشرت وزيرة العدل السابقة والنائب العام السابق جودي ويلسون-رايبولد شريطا صوتيا لمكالمة هاتفية يدعم شهادتها على أحداث قضية فساد واحتيال، حاول ترودو التستر عليها، بحسب ادعاء المسؤولة السابقة.
بدأت الفضيحة باستقالة هذه الوزيرة من منصبها، وشهادتها أمام البرلمان في القضية المتعلقة بشركة المقاولات الكندية العملاقة إس إن سي لافالين.
واتهمت الوزيرة السابقة ترودو ومعاونيه بالضغط عليها لقبول اتفاق تسوية مع الشركة، والتغاضي عن تهم الفساد الموجهة إليها.
وقالت إن ترودو ومساعديه حاولوا، على مدى أشهر، إقناعها بأن محاكمة الشركة قد تتسبب في خسارة الكثير من الوظائف، "وبالتالي أصوات الناخبين"، مشيرة إلى أنها استقالت من منصبها بعدما تعرضت لـ"تهديدات مبطنة".
وفي يناير الماضي، نقل رئيس الوزراء الكندي ويلسون-رايبولد من منصبها كوزيرة للعدل إلى تولي شؤون المحاربين القدامى، فتنحت عن منصبها بعد عدة أسابيع.
وأنكر ترودو قيامه بأي مخالفات، وقال للصحفيين إنه يرفض نهج وزيرة العدل السابقة في "شخصنة" القضية، وإنه ومساعديه التزموا بقواعد النقاش الديمقراطي بشأن قضية هامة.
أصل القضية
تعود القضية إلى عام 2012 عندما صادرت الشركة الكندية وثائق من مقر الشركة، وكشفت هذه معلومات تتعلق باتهامات بالرشوة والفساد موجهة إلى شركة إس إن سي لافالين الكندية العملاقة.
وحينها، قالت الشرطة إن الوثائق التي عثرت عليها تدين الشركة بتقديم رشى، والتحايل لتجريد أصحاب الأسهم من عشرات الملايين من الدولارات.
وكشفت الوثائق تورط عدد من كبار الموظفين في الشركة في محاولة تهريب أفراد من أسرة القذافي إلى المكسيك، بعد مقتل القذافي عام 2011، لكن الشركة أصدرت بيانا أنكرت فيه علاقتها بذلك.
كانت الشركة تنفذ أعمال بناء في ليبيا بقيمة مليارات الدولارات، من بينها مشروعات للري، وشبكات المياه، وبناء سجون، ومطار، وذلك على مدى 10 سنوات.
وبحسب ما نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية، فقد ثبت تقديم الشركة رشوة مالية بقيمة 36 مليون دولار لمسؤولين ليبيين بين عامي 2001 و2011.
ووفقا للإندبندنت، كان الساعدي القذافي على علاقة وثيقة بالشركة الكندية، وترأس قائمة من تلقوا الرشى من إس إن سي لافالين.
وتوطدت علاقة الساعدي بالشركة إلى حد عرض منصب نائب رئيس إس إن سي لافالين لشؤون المغرب عام 2008، براتب سنوي قدره 150 ألف دولار، وعقد لمدة ثلاث سنوات.
لكن لم يتضح ما إذا كان الساعدي هو من طلب ذلك، أم الشركة هي التي عرضت عليه.
على أية حال، أخفت الشركة هذا العرض عن الحكومة الكندية، وقالت إن مساهمات الساعدي في توسع أعمال إس إن سي لافالين في دول المغرب العربي تحتم عليها إصدار تصريح عمل له في كندا.
كما أظهرت الوثائق التي صادرتها الشرطة أن الشركة دفعت كثيرا من فواتير الإقامة والحراسة والسفر الخاصة بزيارة الساعدي القذافي لكندا عام 2008.
ما بعد الفضيحة
لم تنكر الشركة الاتهامات الموجهة إليها، بل قالت إنها غيرت من طريقة إدارة أعمالها، وتخلصت من مصادر الفساد، ومقابل هذا الاعتراف، سعت للتسوية مع الحكومة، بعيدا عن المحاكمة، وهو ما أيده ترودو.
لكن وزيرة العدل والنائب العام السابق ويلسون-رايبولد رفضت ذلك، أما رئيسة مجلس الخزانة جين فيلبوت فاستقالت، قائلة إنها من أكبر مساعدي ومؤيدي ترودو لكن "أهمية الالتزام بقيمي ومسؤولياتي الأخلاقية، وواجباتي الدستورية"، يحتم عليها قرار الاستقالة.
وأضافت "الشخص يدفع ثمن التمسك بمبادئه، لكن ثمن التخلي عنها أكبر بكثير".
وإثر هذه الفضيحة، استقال أيضا مستشار رئيس الوزراء جيرالد باتس.
لماذا يتمسك ترودو بالتسوية؟
ويروج ترودو إلى أنه مهتم بأن تتفادى الشركة الملاحقة القضائية، وأن تتم تسوية الأمر من خلال اتفاق، للحفاظ على آلاف الوظائف.
وأعرب ترودو وأعضاء حكومته عن مخاوفهم حيال المخاطرة بآلاف الوظائف في الشركة الكندية للأعمال الهندسية، التي يعمل بها نحو 9 آلاف موظف، حال ملاحقة الشركة قضائيا.
لكن الشركة تتمتع بأهمية أخرى لدى ترودو، فمقرها في مقاطعة كيبيك ذات الأهمية الكبرى لحزب رئيس الوزراء الليبيرالي، حيث يضمن الفوز في هذه المقاطعة أغلبية مقاعد البرلمان.
وكانت وزيرة العدل السابقة ويلسون-رايبولد قالت إن ترودو ومعاونيه مصرون على ضرورة التوصل لتسوية مع الشركة حتى يتم استغلال ذلك في الترويج للحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، خاصة بعدما خسر ممثل حزب ترودو في الانتخابات البلدية في كيبيك.
وبينما تحقق مفوضية النزاهة الكندية في الاتهامات التي ذكرتها ويلسون-رايبولد، لتقف على حقيقة خرق أي قواعد لتضارب المصالح، أوقفت اللجنة البرلمانية المسؤولة عن القضية التحقيق في قضية إن سي لافالين، بعد تأكيدها أن أهدافه تحققت.
ورغم ما تقوم به ويلسون-رايبولد من أجل أن يعيد البرلمان النظر في القضية، قالت وزيرة العدل السابقة إن رئيس الوزراء وفريقه لم يخرقا أية قوانين، لكنهما تصرف بشكل غير لائق، الأمر الذي ربما سيؤثر على فرض ترودو في الانتخابات المقبلة.