حماس والحوثي وحزب الله.. ثالوث الانقلابات و"تجارة المقاومة"
17:46 - 22 مارس 2019من غزة إلى الضاحية الجنوبية في بيروت نزولا إلى صنعاء، ترفع ميليشيات مسلحة مدعومة من إيران شعارات "تحرير الأقصى.. والموت لإسرائيل"، لكنها في واقع الأمر استخدمت سلاحها في اقتتال داخلي للوصول إلى السلطة لا الأقصى.
ففي قطاع غزة الذي التهم فيه الفقر المدقع 65 في المئة من عدد سكانه البالغ 1.5 مليون نسمة، وصلت شعبية حركة حماس التي ترفع شعارات مقاومة الاحتلال وتحرير فلسطين والأقصى، إلى أدنى مستوى، وهو ما أطلق انتفاضة شعبية بعنوان "بدنا نعيش"، احتجاجا على ممارسات الحركة التي تسيطر على القطاع منذ انقلاب على السلطة الشرعية عام 2007.
وعلى مدار 13 عاما من الانقسام المرير، تحول قطاع غزة إلى سجن كبير، يعاني نزلاؤه من ممارسات قمعية تحت تهديد السلاح.
ويقول الباحث الفلسطيني في قضايا الحكم والسياسة، جهاد حرب لموقع سكاي نيوز عربية إن "حركة حماس تحولت من حركة مقاومة إلى نظام حكم بالقوة المسلحة منذ عام 2007 بعدما طردت المؤسسات الشرعية".
الهدوء مقابل الدولارات
ويلفت حرب إلى أن الحركة التي استندت إلى مقاومة الاحتلال، تحولت إلى كيان ينسق مع الاحتلال بل ويضبط الحدود لصالحه، وذلك كله في مقابل الاستمرار في السيطرة على القطاع الفقير.
وصار "الهدوء مقابل الدولارات"، شعارا جديدا في تعامل حماس مع إسرائيل، حيث تقوم الأخيرة بتمرير المدفوعات القطرية إلى حماس من أجل دفع رواتب الموظفين في القطاع في مقابل حفاظ الحركة على الهدوء في غزة ولجم الجماعات المسلحة الأخرى.
خلف الشعارات
وكشفت سنوات الانقسام الفلسطيني عما يقبع خلف الشعارات التي رفعت للاستهلاك فقط، بحسب حرب الذي تساءل:" المسجد الأقصى موجود في القدس بالضفة الغربية، فلماذا لا تتحرك حماس انطلاقا من الضفة لتحريره؟".
واعتبر أن الحركة كانت تهدف من سيطرتها على غزة إلى صنع كيان يمثل نقطة انطلاق لتنظيم الإخوان باتجاه العالم وليس خدمة للقضية الفلسطينية.
وأشار إلى أن "ما تمارسه الحركة من قمع يرتقي إلى جرائم بحق المواطنين من تعذيب واستخدام القوة المفرطة وخرق حرمة البيوت، يدلل على ذلك".
وبحسب استطلاع للرأي صادر عن المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، يرغب في 43 في المئة من سكان غزة في الهجرة، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية القائمة في القطاع تحت حكم حماس، لتصبح الحركة التي ترفع شعار مقاومة الاحتلال سببا في شتات جديد للشعب الفلسطيني إذا أتيحت له الفرصة، وهو ما يعزز القناعة القديمة بأن هذه "الحركة الاستئصالية نشأت لضرب المشروع الوطني الفلسطيني منذ ظهورها الأول إبان الانتفاضة الأولى عام 1987".
حارس السلاح الإيراني
وفي لبنان، لا تزال ميليشيا حزب الله مسيطرة على القرار اللبناني بقوة السلاح الخارج عن الشرعية بدعوى "المقاومة"، لكن اللبنانيين رأوا أن هذه الأسلحة موجهة إليهم في ما عرف بأحداث أيار 2007، عندما استخدمت الميليشيا الإيرانية سلاح "المقاومة" لترهيب الأحزاب السياسية وفرض إرادتها على الحكومة.
ويقول مدير مركز أمم للأبحاث والتوثيق لقمان سليم لموقع سكاي نيوز عربية إن "حزب الله يعد نموذجا فاضحا لاستغلال شعار المقاومة".
فمنذ انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، قدمت الميليشيا نفسها بديلا للجيش الوطني، بذريعة الدفاع عن لبنان، وأدخلت البلد في حرب مدمرة مع إسرائيل عام 2006، أعادتها عشرات السنوات إلى الوراء، قبل أن تنخرط في مغامرات عسكرية خارجية في سوريا والعراق واليمن خدمة للمشروع الإيراني.
ويقول سليم:" هذا السلاح المودع في لبنان هو سلاح إيراني وحزب الله هو حارس هذا السلاح وسادنه عند الضرورة وهو بواب على باب هذا المستودع الإيراني لاستخدامه كلما اقتدت الحاجة" .
و"لو كان اللبنانيون استفادوا حقا من حرب 2006، لكان من المنطقي أن يكرر حزب الله هذه الحرب، إذا كانت بالفعل انتصارا إلهيا، لكن الحرب كانت مغامرة عادت بالويل على اللبنانيين".
ولا يستخدم حزب الله شعار المقاومة وتحرير فلسطيني للانتشار العسكري تبعا للأوامر الإيرانية فقط، فبحسب سليم، برر به حزب الله الأنشطة الإجرامية التي تخالف جميع الأعراف الدينية والإنسانية، مثل تهريب المخدرات وشبكات الدعارة وغسيل الأموال.
وعلى المستوى السياسي، "أصبح شعار المقاومة وسيلة لابتزال الخصوم، وتحول سلاح حزب الله إلى صنم يعبد".
ووصلت هيمنة حزب الله بقوة السلاح الإيراني بلبنان عام 2019 إلى بلد شبه معزول يقبع في جحر سياسي، موصوم أمام المؤسسات الدولية بكونه مرتع لتبييض الأموال واستخدام الموانئ للتهريب بينما يعاني الاقتصاد من تضخم يسير على الطريق الفنزويلي لتزداد معه معاناة اللبنانيين.
الحوثي و"النصب" باسم الأقصى
وإذا كانت الحركات الموالية لإيران في فلسطين ولبنان قد رفعت شعارات مقاومة الاحتلال لأراضي البلدين انطلاقا من الوجود الجغرافي فيهما، فإن حالة ميليشيا الحوثي الإيراني تثير الاندهاش.
فعلى بعد آلاف الكيلومترات إلى جنوب الجزيرة العربية وعدم وجود حدود مشتركة مع أرض فلسطين، ترفع ميليشيا الحوثي "شعار الموت لإسرائيل.. الموت لأميركا"، تماما مثلما يرفع ذات الشعار في طهران القابعة خلف مياه الخليج العربي.
واستغلت الميليشيا الإيرانية هذه الشعارات عندما انقلبت على الشرعية اليمنية في سبتمبر عام 2014، واستولت على العاصمة صنعاء في تمرد أودى بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين، بينما يدخل البلد العام الخامس من الانقلاب مع تعطيل أي حل جاد في الأفق.
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي يحيى أبو حاتم لموقع سكاي نيوز عربية إن الجميع يعلم إن "الشعارات الحوثية لا تتعدى الحناجر والرايات المدونة عليها، لكنها في الحقيقة سعت للتواصل مع الأميركيين والإسرائيليين منذ نشأتها عام 2004".
وكان يحيى الحوثي، شقيق عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيا، قد قال في لقاء تلفزيوني سابق، محاولا تهدئة مخاوف الغرب من الحوثيين: "يقولون إننا نستخدم شعارات الموت لأميركا وإسرائيل.. هذا كلام.. ما في أحد مات.. الحمد لله أميركا موجودة.. وإسرائيل موجودة".
ويعتبر أبو حاتم أن القدس أصبحت شماعة للجماعات المسلحة الموالية لإيران "لدغدغة مشاعر الجماهير، لكن في الحقيقة هم ليسوا إلا خدام النظام الإيراني، الذي لم يقدم أي مساعدة للقضية الفلسطينية".
وأشار إلى إنشاء الحوثيين لجمعيات "من أجل دعم الأقصى" ظاهريا، لكن الأموال التي تجمع من اليمنيين عقب صلاة الجمعة كل أسبوع تذهب إلى ما يعرف بالمجهود الحربي.
ويقول:" ينصبون على اليمنيين باسم القدس ويستقطعون الأموال لأجل شراء الأسلحة لمواصلة التمرد"