الحصانة الحكومية.. كيف تحول الجنود الإسرائيليين إلى عصابات؟
19:24 - 24 ديسمبر 2018شنت صحيفة "هاآرتس" هجوما حادا على الحكومة الإسرائيلية، بسبب التغاضي عن التحقيق في سلسلة من عمليات إطلاق النار نفذها جنود شرطة الحدود الذين استخدموا القوة "في غير محلها"، وقتلوا فلسطينيين، ورغم ذلك أفلتوا من العقاب "بحصانة من الحكومة".
وأشارت الصحيفة، المعارضة على طول الخط لسياسات رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، إلى تحذير أطلقه رئيس أركان الجيش غادي أيزنكوت مما وصفه بـ"تبني طرق العصابات".
وحسبما قالت صحيفة "هاآرتس" في افتتاحيتها، فإن أخطر ما في هذه الحوادث، التي وقعت في الأسابيع الأخيرة، رفض التحقيق في مقتل فلسطيني (19 عاما) من الخليل بالرصاص، بعدما شك الجنود بشأن نيته في طعن عناصر شرطة الحدود، بباب دمشق (باب العمود) في القدس.
ولم يقتصر الأمر على وزارة العدل التي لم تحقق في سوء سلوك الشرطة، بل في أن هذا القرار كان مدعوما من قبل النيابة.
ويأتي رفض القسم المختص بالتعامل مع انتهاكات الشرطة في وزارة العدل، رغم حصول شرطة القدس على شهادة جنود شرطة الحدود الذين أطلقوا النار على المراهق، حيث قال أحدهم إنه "أطلق النار على الإرهابي في الرأس من مسافة 7 أمتار بعد أن سقط على الأرض"، وقال الثاني إنه "أطلق رصاصة أخرى لأنه رأى أن الإرهابي يحرك رأسه"، فيما اعترف الثالث بأن رجال الشرطة "أكدوا عملية القتل".
وكررت وزارة العدل رفضها التحقيق في الحادث، قائلة إن إطلاق النار لم "يتجاوز حدود المعقولية"، لأن رجال الشرطة شعروا بأن حياتهم وحياة الأشخاص من حولهم معرضة للخطر.
لكن هذا التعليق يثير شكوكا بشأن درجة الخطر الذي مثله الفتى الفلسطيني، إلى جانب تساؤلات بشأن ماهية "حدود المعقولية" التي تتمتع بها شرطة الحدود، بحسب افتتاحية "هاآرتس".
وبدأ الجيش أيضا التحقيق في مقتل فلسطينيين اثنين في الرابعة عشرة من العمر، كانا جالسين على سطح أحد المباني في قطاع غزة عندما أصابهما صاروخ "تحذيري" في يوليو الماضي، وقد تم فتح التحقيق بسبب تقرير أعده موقع مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم)، ومجموعة الأبحاث العلمية Forensic Architecture، ومقرها لندن.
و"الصاروخ التحذيري" يكون صغيرا نسبيا لتحذير المدنيين من ضربة أكبر وشيكة، ووفقا للتقرير، فإن الصاروخ الذي قضى على المراهقين كان يحتوي على شظايا تهدف إلى تضخيم قوة الضربة.
لكن في مقطع فيديو نشره المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، تم محو الضربة الأولى، التي قتلت المراهقين.
وتعلق افتتاحية "هاآرتس" على ذلك، بالقول: "يجب أن يدقق الجيش الإسرائيلي فيما إذا كان يمكن رؤية المراهقين على السطح قبل إطلاق الصاروخ، ويجب إعادة النظر في أنواع الصواريخ التحذيرية إذا كانت مميتة. لا بد أن تخضع لجميع القيود التي يفرضها القانون، وعلى رأس هذه القيود التمييز بين الجنود والمدنيين".
وأضافت الصحيفة: "تحقق وزارة العدل أيضا في حادث خطير آخر وقع السبت الماضي، إذ قتل فلسطيني (17 عاما) بالرصاص قرب مستوطنة بيت إيل بالضفة الغربية عندما حاول الفرار من قوة تابعة لجيش الدفاع أمرته بالتوقف. وعلى عكس الادعاء المبدئي، تراجع الجيش الآن ليقول إنه لم يشتبه في أن الفتى حاول ارتكاب هجوم. ليثبت مرة أخرى أن أصابع جنوده على الزناد سريعة للغاية، بما يعرض أرواح الفلسطينيين للخطر".
وتقول "هاآرتس" إن مناخ التحريض والقومية والعنصرية في إسرائيل، الذي يغذيه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزراء حكومته، يعد بمثابة أرض خصبة للافتقار إلى القانون، نظرا لاختلال للسلطة بين الجيش والفلسطينيين.
وتكمل: "فرئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي غادي أيزنكوت، الذي حذر الجيش من تبني طرق العصابات، يجب أن يثبت أن تحذيره كان أكثر من مجرد كلمات فارغة، من خلال تسريع تحقيقات الشرطة العسكرية. وينطبق الشيء نفسه على مفوض الشرطة ووزارة العدل، المسؤولة عن الإدارة التي تحقق في سوء تصرف الشرطة".