ماتيس.. هل يعيد رحيل "الكلب المسعور" التعذيب إلى غوانتانامو؟
16:06 - 21 ديسمبر 2018قدم وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، استقالته من منصبه بصورة مفاجئة، وذلك في رسالة وجهها إلى الرئيس دونالد ترامب، استعرض فيها الأسباب وراء قراره.
وأشار الوزير، الذي يلقب أيضا باسم "الكلب المسعور، في خطابه إلى ترامب، إلى تزايد اختلاف الرؤى بينهما، وانتقد ضمنيا عدم اكتراث الرئيس بأقرب حلفاء الولايات المتحدة.
ولكن هل هو "كلب مسعور" حقا، كما قال دونالد ترامب عندما أعلن عن تعيينه أمام حشد من أنصاره في سينسيناتي بأواهايو، بحسب قناة إيه بي سي نيوز" الإخبارية "سوف نعين الكلب المسعور ماتيس وزيرا للدفاع"؟
ضد التعذيب
الآن، وبعد استقالة جيمس ماتيس، يعود التساؤل هل تعود الولايات المتحدة إلى أساليب التعذيب التي استخدمت في معتقل غوانتانامو في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001؟
ويكشف استطلاع لآراء 200 ضابط في الكلية البحرية الأميركية بشأن التعذيب أن 40 في المئة من الطلاب يؤيدونه، وارتفعت النسبة إلى 55 في المئة في حال أسر أحد الزملاء من قبل فصائل مسلحة معادية.
وتوضح هذه النسبة العالية للموافقة على التعذيب أنه يحظى بشعبية وسط القوات الأميركية، كما أنها تحظى بتأييد في البيت الأبيض.
فخلال الحملة الانتخابية عام 2016، أكد ترامب على ضرورة استخدام أساليب التعذيب في التحقيقات خصوصا مع أمثال أولئك الذين كانوا معتقلين في معتقل غوانتانامو في كوبا، مثل "الإيهام بالإغراق"، أو "صب الماء إلى درجة تقترب من اختناق الشخص تحت التعذيب.
ورغم تصريحات ترامب السابقة عن إعادة العمل بأساليب التعذيب تلك، إلا إنه لم يتمكن من تحقيق ذلك بسبب رجل واحد هو وزير دفاعه ماتيس، ذلك الجنرال المتقاعدة من قوات مشاة البحرية "المارينز".
وعلى الرغم من أن ماتيس قاد قوات أميركية في بعض أكثر جبهات القتال دموية في العراق وأفغانستان، لكنه يظل واضحا فيما يتعلق بمعارضته للتعذيب، ويجادل بأنه أمر "غير إنساني وغير قانوني وغير فعال".
وتشير التوقعات إلى أن من سيتولى المنصب من بعد ماتيس سيكون مدنيا، وستكون أولويته للرئيس وليس للأفكار والمثل والقيم التي تمثلها الولايات المتحدة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
وبمغادرة منصبه، فإن الولايات المتحدة تصبح عرضة للعودة إلى ما كان يعرف "الجانب المظلم" من ممارساتها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر.
كما أن استقالته من منصبه قد تعيد ترامب إلى تصريحاته أثناء الحملة الانتخابية عندما كان يؤيد التعذيب التي يقول فيها أيضا "إن الإيهام بالغرق (التعذيب) مجرد عمل" لكنه قد يخول القائمين عليه "بأعمال أسوأ".
يشار إلى أن الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان هو من دفع الكونغرس الأميركي إلى تبني قانون معارضة التعذيب والتصديق على معاهدة الأمم المتحدة ضد التعذيب عام 1988.
احتواء التلميذ ترامب
كان ماتيس منذ تولى منصبه يعمل خلف الكواليس لاحتواء رئيسه وللمحافظة على التحالف الدولي مع بلاده، خصوصا فيما يتعلق بانتقاداته لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ولتحالفات واشنطن مع دول أخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان وغيرها.
وفي وقت ما، في بدايات توليه منصبه، نقل عن ماتيس وصفه لترامب بأن عقليته تساوي عقلية تلميذ في الصف الخامس أو السادس الابتدائي.
ورد ذلك على الأقل في كتاب "الخوف" من تأليف الصحفي بوب وودورد، الذي نقل عن ماتيس قوله إن "عقلية ترامب تساوي عقلية طالب في الصف الخامس أو السادس".
غير أن ماتيس نفى هذه المقولة تماما، كما شدد على نفيه صدور مثل هذا التعليق عنه لترامب نفسه عندما بادره الأخير بطلب توضيح عاجل وصريح عن موقفه.
ويبدو أن ترامب كان ميالا أكثر إلى عدم تصديق وودورد على حساب ماتيس، لذا أعلن بقاء ماتيس في منصبه.
وفي مقولة أخرى، لم يتطرق لها ماتيس أنه قال إن دونالد ترامب "لم يفهم أهمية حلفاء الولايات المتحدة في الخارج، كما لم يستوعب العلاقة بين الجيش والاقتصاد، إضافة إلى أنه لم يدرك أهمية الشراكات الاستخباراتية مع الحكومات المختلفة حول العالم".
ونقل عنه قوله أيضا إن وزراء الدفاع في الولايات المتحدة لا يختارون عادة الرئيس الذي يعملون لصالحه، وفقا أيضا لكتاب بوب وودورد.
الراهب المحارب
وإلى جانب لقب "الكلب المسعور"، فإن ماتيس، الذي لم يتزوج أبدا، كان يطلق عليه أحيانا أخرى لقب "الراهب المقاتل" على خلفية تكريس نفسه لدراسة الحرب والعمل في الجيش.
ويعتبر ماتيس أحد القادة الأميركيين البارزين في حرب العراق، إذ قاد معركة الفلوجة عام 2004، وقاد الفرقة الأولى لقوات مشاة البحرية في حرب العراق.
وشارك أيضا في معارك حرب أفغانستان، وقاد الفوج السابع من قوات المارينز.
واختاره ترامب لتولي منصب وزير الدفاع في ديسمبر 2016، وبدأ عمله في ذلك المنصب في 20 يناير 2017، بعد إقرار مجلس الشيوخ الأميركي باستثناء خاص له من شرط ممارسة العسكري للحياة المدنية لمدة 7 سنوات قبل توليه منصب وزير الدفاع.
وقدم ماتيس استقالته، بعد قرار ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، من منصبه في 20 ديسمبر 2018، على أن يسري مفعولها في نهاية فبراير 2019.