حروب المستقبل.. هل ستكون أكثر دموية من الحرب العظمى؟
06:12 - 14 نوفمبر 2018قبل 100 عام تقريبا، وبعد حرب استمرت 4 أعوام راح ضحيتها عشرات الملايين بين قتيل وجريح، تم التوقيع على هدنة وضعت حدا للحرب التي صارت تعرف بالحرب العظمى أو الحرب العالمية الأولى.
شهدت تلك الحرب تكنولوجيات جديدة مقارنة بالحروب السابقة، فظهرت الأسلحة الرشاشة والمدفعية، ونقل الجنود إلى الجبهات بواسطة السكك الحديدية، ثم تواصلت تكنولوجيات القتل والدمار بالظهور برا وبحرا وجوا، وبالطبع الأسلحة الكيماوية.
هذه الأسلحة حلت محل السيوف والدروع الخشبية والمعدنية والبنادق البدائية والخيول، فقد قتل في تلك الحرب أكثر من 8.5 مليون جندي، وما يزيد على 10 ملايين مدني، فيما تجاوز عدد الجرحى العشرين مليونا.
أما حاليا ومع ظهور ثورة صناعية جديدة، أكثر تطورا بكثير من الثورة الصناعية الأولى، فالأمور باتت مختلفة تماما.
في هذه الثورة، صار هناك الذكاء الصناعي بالإضافة إلى الإنترنت والأقمار الصناعية والتطور الهائل في باقي التكنولوجيات، التي إن أدخلت في الصناعات الحربية فإنها ستقلب موازين القوى وستكون أكثر فتكا وهلاكا من أي حرب أخرى حتى بدون استخدام أسلحة نووية.
كما يلاحظ كثيرو ن من المتابعين والعارفين، تطور الجيوش المختلفة أسلحة لم تعد تعتمد على البشر، ومن أبرزها طائرات الدرون، التي يتم تشغيلها وتنفذ عملياتها عن بعد.
والأمر الأكثر أهمية هو الدرون المصغرة، التي تمتلك "عقلية العمل" منفردة أو ضمن سرب، مثلما هو الحال مع الدرون الأميركية "بيردكس 103" وهي شكل مصغر من الدرون يعمل وفق سلوكيات أسراب الدبابير.
ولكن تطوير الأسلحة التي تعمل من دون بشر، أو غير المأهولة، انتقل من الجو إلى الأرض، حيث الدبابات الدرون، كما هو الحال مع الدبابة الروسية "أوران 9" التي يمكنها القيام بعمليات عسكرية مختلفة بواسطة التحكم عن بعد.
وفي البحر أيضا، ثمة سفن وغواصات درون، يمكنها تنفيذ العمليات الحربية البحرية المختلفة عن طريق التحكم عن بعد.
ومن الدرون إلى الأسلحة ذاتية التوجيه، وهذه الأسلحة يتم تحديثها بصورة متسارعة، بالنظر إلى عمليات التطوير المتلاحقة التي تجريها الجيوش على مثل هذه الأسلحة الفتاكة.
ولعل أكبر تحول عسكري في كل العصور يجري حاليا - وهو تحول في نشر لا القنابل والرصاص ، ولكن من المعلومات، وكلما زادت المعلومات وأصبحت أكثر دقة، كلما حسمت المعركة بصورة أكبر وأسرع.
ويترافق هذا بالطبع مع تطوير أجهزة استشعار يمكن زرعها خلف خطوط الأعداء، بحيث تسمح للأسلحة بالتعرف على بيئات مختلفة وتستجيب وفقا لذلك.
أما المشاة الجدد في مثل هذه المعارك فهم عباة عن روبوتات مختلفة الأشكال والأحجام، بالإضافة إلى التخصصات في المهام القتالية والحربية.
وبالتأكيد، مع وجود كل هذه التكنولوجيات الحربية والعسكرية، لا بد أن يترافق كل ذلك مع السرعة والقدرة على التخفي أو الاختفاء.
بالنظر إلى كافة التطورات في الوسائل الحربية، ستكون هناك أسلحة مميزة، مثل القاذفات غير المأهولة فائقة السرعة، التي لن يتمكن الرادار من التقاطها.
وهذا النوع من الأسلحة يقتضي توافر أسلحة فائقة القوة مثل أسلحة الليزر أو الكهرونغناطيسية.
أما ميادين المعارك، فلن تختلف كثيرا، لكنها ستترافق مع محاولات للامتداد والانتشار بعيد عن الحدود الجغرافية للدول الداخلة في الحرب، ولذلك فإن أبرز ميادين معارك المستقبل هي أعماق البحار والفضاء، والفضاء الإلكتروني.
الخلاصة
خلقت الحرب العظمى صورة للحرب التي ظلت قائمة لمدة قرن، وفيها رجال يرتدون الزي العسكري ويتمترسون في خنادق وخلف الاستحكامات، يتقدمون أحيانا ويتراجعون في أحيان أخرى، ويخوضون المعارك في كل ظروف الطقس، التي قد تعمل أحيانا ضد هذه الجيوش، ولمصلحة جيوش أخرى، وذلك من أجل مجد الإمبراطوريات والدول القومية.
أما مستقبلا، فكل شيء سيكون مختلفا، فالحرب ستصبح أقل ترتيبا وتنظيما، ويشارك فيها الرجال والنساء بعضهم يرتدي الزي العسكري، وآخرون يرتدون الجينز، ويستخدمون أجهزة الكمبيوتر بدلا من البنادق.
ولم تعد ساحات المعارك متميزة؛ فيمكن أن تكون في أي شارع بأي مدينة أو ربما سلسلة أخبار على صفحات منصات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك.
كذلك ستكون الحرب المستقبلية سريعة وسريعة جدا، وستترافق مع زيادة وتيرة صنع القرار، أداتها التكنولوجيا المتطورة، والفائقة التي تعتمد على الذكاء الصناعي، والقدرة على الاتصال ونقل المعلومات.
لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن التكنولوجيا لا تعمل دائما على النحو المنشود، إذ ربما تأخذ مسارا مختلفا تماما.
على سبيل المثال كان ريتشارد غاتلينغ، الذي ولد عام 1818، مخترعا من كارولاينا الشمالية، وأشتهر باختراعاته المتعلقة بالمزارع.
لاحقا، حول غاتلينغ تفكيره إلى الأسلحة، خصوصا بعد أن رأى كيف أن الآلات الزراعية قللت من الحاجة إلى القوى العاملة في الحقول، وافترض أن المدافع الرشاشة ستقلل من الحاجة إلى الجنود في ساحة المعركة، وبالتالي ستقلص الخسائر بين الجنود، بفضل زيادة القوة النارية.
وبينما سمحت البندقية للقوات البريطانية باحتلال العديد من الدول، فإنه، عندما واجه الجنود بعضهم بعضا عبر الخنادق بين عامي 1914 و1918، حول عدد الضحايا الهائل حلم غاتلينغ إلى كابوس.