خطف ونهب وفوضى.. الفصائل الموالية لتركيا ترهب عفرين
16:42 - 30 أكتوبر 2018في خضم الحملات التي تشنها تركيا منذ أشهر على المقاتلين الأكراد شمالي سوريا، توثق تقارير للمرصد السوري لحقوق الإنسان انتهاكات حقوقية تقوم بها فصائل موالية لأنقرة، تصل إلى عمليات خطف ونهب وإثارة للفوضى في عفرين وريفها، المحاذية للحدود التركية.
وتوغلت قوات الجيش التركي في شمال غربي سوريا في حملتين عسكريتين، الأولى تحت ذريعة طرد تنظيم "داعش" من على حدودها في عام 2016، والثانية بهدف انتزاع السيطرة على منطقة عفرين من يد قوات كردية في الربيع الماضي.
وتعكس عمليات التوغل العسكري التركي في عفرين وريفها، رغبة أنقرة في تعزيز نفوذها بالشمال السوري، إلا أن ما شاب عمليات عفرين من انتهاكات حقوقية موثقة من جانب الفصائل الموالية للأتراك، أثار الشكوك في نوايا أنقرة الحقيقية من وراء هذا التدخل العسكري الكبير بالمنطقة.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، فصولا من سلسلة انتهاكات متواصلة، تمارسها فصائل موالية لتركيا بحق من تبقى من أهالي مدينة عفرين وريفها بالقطاع الشمالي الغربي من محافظة حلب، بما في ذلك اقتحام المنازل والاختطاف والاعتقال العشوائي والاستيلاء على الأراضي الزراعية.
"حرب الزيتون"
وأشار المرصد إلى أن عناصر من لواء موال لتركيا عامل في منطقة عفرين، اقتحموا منزلا قرب دوار النيروز في المدينة، واعتقلوا رجلا برفقة ابنه وابنته، بتهمة أنهم "خلايا وحدات حماية الشعب الكردية"، وجرى اقتيادهم إلى جهة مجهولة حتى الآن.
واستولى مسلحون من "فرقة الحمزة" الموالية لأنقرة، على أرض زراعية تعود ملكيتها لأحد مواطن مقيم في ألمانيا، بذريعة دعمه لوحدات حماية الشعب الكردية، حيث جرى طرد شقيق صاحب الأرض منها، ونهب المئات من أشجار الزيتون.
وأضاف المرصد أن فصائل موالية لأنقرة، لا تزال ترتكب انتهاكات في عفرين وريفها بحق من تبقى من أهلها، من الاستيلاء على الأراضي والاعتقالات العشوائية والتضييق على السكان.
وفي فصل جديد من الجرائم، أقدم لواء "السلطان شاه" المنخرط ضمن الفصائل الحليفة لتركيا على شرعنة سرقاته لأرزاق أهالي عفرين عبر سلسلة قرارات أصدرها وعممها فيما يتعلق بجني محصول الزيتون، في ناحية شيه بريف عفرين.
وتنص القرارات على فرض إتاوات بنسب مختلفة من محصول الزيتون، حيث تم إجبار الأهالي أصحاب الأراضي الزراعية على دفع 10 بالمئة من إنتاج محصولهم، أما في حالة عدم وجود أصحاب الأراضي الزراعية في الناحية ونيابة الوكلاء عنهم، فتم تحديد نسب أكبر تصل إلى 35 بالمئة إذا كان الوكلاء من "أنصار ومؤيدي" وحدات حماية الشعب الكردية.
كما أشار المرصد إلى اقتحام فصيل عامل في مدينة عفرين لمنزل وضرب صاحبه وزوجته وسرقة محتوياته، علما أن صاحب المنزل اعتقل على يد الفصائل العاملة في المنطقة مرتين سابقتين، وفقا لما أكدته مصادر محلية.
وعلق المرصد على الواقعة قائلا: "يتزامن هذا الاعتداء مع استمرار الغموض الذي يلف مصير الكثير من المختطفين على يد الفصائل العاملة في العملية العسكرية التي تقودها القوات التركية، حيث تشهد منطقة عفرين عمليات اختطاف متكررة من قبل الفصائل، وسط صمت وتغاض واضحين من تركيا"، مشيرا إلى أن أنقرة "تطلق يد هذه الفصائل لممارسة النهب والسلب والاعتقال وطلب الفدى المالية".
فدى بآلاف الدولارات
على صعيد متصل، لا يزال مصير السيدة التي أقدم أحد الفصائل المقاتلة التابعة لتركيا على اعتقالها منذ نحو أسبوعين من مكان عملها في "مؤسسة مياه الشرب" في عفرين، مجهولا.
واعتقلت السيدة بتهمة انتمائها للقوات الكردية، فيما أبلغت مصادر المرصد السوري أن الفصيل الذي اعتقل السيدة طالب ذويها بفدية مالية قدرها 25 ألف دولار أميركي مقابل الإفراج عنها.
وتحدث المرصد عن مداهمات تنفذها القوات الموالية للعملية التركية في أحياء بمدينة عفرين، بحثا عن ضحايا جدد لاعتقالهم و"الإتجار بهم" بطلب الفدى.
وقال المرصد السوري إن الاعتقالات طالت مواطنين في قرى بريف عفرين، حيث تم اقتيادهم لجهة مجهولة وزجهم في سجون هي منازل لمواطنين من سكان عفرين المهجرين على خلفية العمليات العسكرية.
اقتتال داخلي
وتثير الغنائم التي تتحصل عليها الفصائل الموالية لتركيا من عفرين، خلافات داخلية بين هذه الفصائل تصل إلى درجة الاقتتال.
ووثق المرصد اقتتالا جديدا بين هذه الفصائل على خلفية النزاع على أملاك ومعامل ومزارع زيتون في قرية عين الحجر بريف عفرين، حيث دارت اشتباكات عنيفة الخميس استمرت لساعات بين فصيلي "تجمع أحرار الشرقية" و"فرقة السلطان مراد"، ترافقت مع استهدافات متبادلة بالرشاشات الثقيلة، ما أسفر عن إصابة أكثر من 15 شخصا.
ومع عمليات الاعتقال والاختطاف والإتجار بالمعتقلين وفرض الإتاوات، وردت إلى المرصد السوري نسخة من تعميم ممهور بختم المجلس المحلي في عفرين، جاء فيه: "ندعو كافة الأخوة المواطنين في مدينة عفرين (فقط المدينة دون الريف)، إلى مراجعة المجلس المحلي مكتب الأملاك والتوثيق العقاري، مصطحبين معهم كافة الثبوتيات التي تخص عقاراتهم من أجل تصديقها بصفة رسمية وفق الأصل".
وأضاف التعميم: "أما الذين فقدوا أوراقهم لسبب ما فسيتم منحهم حق الملكية المؤقتة عن طريق التحديد والتحرير العقاري المعتمد، وبإجراءات دقيقة جدا تفاديا لحدوث أي مشكلة تخص أملاك المواطنين، علما أن المجلس المحلي لا يعتد بأي عملية بيع جديدة وتعد باطلة بطلانا مطقلا لا يترتب عليها أي أثر قانوني، وبالتالي سيتم فقط تصديق وتثبيت الملكيات السابقة لأصحابها".
وحسب المرصد، يأتي القرار بعد جولات متكررة من الاقتتال بين فصائل العملية التركية، إثر خلافات للاستيلاء على منازل أو مباني في مدينة عفرين وريفها، مما خلف قتلى وجرحى من الطرفين.