ماذا يعني شراء "ترامب ميديا" للبيتكوين؟
06:10 - 30 مايو 2025
في خطوة لافتة قد تشكل نقطة تحول في مسار سوق العملات المشفرة، أعلنت شركة "ترامب ميديا" عزمها شراء البيتكوين واحتفاظها به كجزء من أصولها.
هذه الخطوة المفاجئة تأتي في ظل تصاعد التوجهات المؤسسية نحو الاستثمار في العملات الرقمية، مما يعيد إشعال النقاش حول مستقبل البتكوين كأصل استثماري استراتيجي.
وبينما يرى البعض أن هذا القرار قد يمنح السوق دفعة جديدة من الزخم، يحذر آخرون من المخاطر الكامنة وراء تقلبات العملات المشفرة وتأثيرها على استقرار الشركات.
الشركة الأم المتداولة في البورصة لمنصة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، أعلنت يوم الثلاثاء عن أنها وافقت على بيع نحو 1.5 مليار دولار من الأسهم و1 مليار دولار من السندات القابلة للتحويل من خلال طرح خاص، لشراء البيتكوين واحتفاظها به كجزء من أصولها.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، في بيان:
- "نرى في البيتكوين أداة عليا للحرية المالية، والآن ستحتفظ ترامب ميديا بالعملات المشفرة كجزء أساسي من أصولها".
- "هذا الاستثمار سيساعد في الدفاع عن شركتنا ضد المضايقات والتمييز من قبل المؤسسات المالية، وهو ما يعاني منه العديد من الأميركيين والشركات الأميركية".
- هذه الاستراتيجية ستوفر أيضًا فرصًا لشركة "ترامب ميديا" في مجالات مثل مدفوعات الاشتراكات وتطوير رمز دفع.
بحسب تقرير لـ "أكسيوس" فإن أهمية هذه الخطوة تكمن في أنها الأحدث ضمن عدة استراتيجيات مرتبطة بالعملات المشفرة من قبل شركات على صلة بالرئيس ترامب، وهي خطوات خطوات أثارت انتقادات في الكونغرس وأبطأت تقدم التشريعات الخاصة بالأصول الرقمية.
ويشير التقرير إلى أن استراتيجية الاستثمار في البيتكوين ضمن خزينة الشركات تم الترويج لها بشكل كبير من خلال استراتيجية مايكل سايلور، المرتبطة بشركة "مايكرواستراتيجي".
ويأتي إعلان "ترامب ميديا" بعد شهرين من توقيع الرئيس ترامب على أمر تنفيذي ينص على إنشاء احتياطي وطني استراتيجي من البيتكوين.
مصداقية للبتكوين
من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- "أعلنت شركة ترامب ميديا أنها ستجمع نحو 2.5 مليار دولار، مقسّمة إلى 1.5 مليار دولار من خلال بيع الأسهم، ومليار دولار عبر إصدار سندات بعوائد صفرية، وذلك بهدف دعم عملة البيتكوين.
- هذا الإعلان يُضفي مصداقية أكبر على البيتكوين في الأسواق.
- رأينا في السابق كيف كان مايكل سايلور، مؤسس شركة مايكروستراتيجي، من أوائل المستثمرين الكبار في البيتكوين، حيث أنشأ محفظة ضخمة من العملة الرقمية، ما شجّع العديد من الشركات على اتباع المسار نفسه.
- واليوم نرى اتجاهاً متزايداً بين الشركات نحو إدراج البيتكوين ضمن محافظها المالية، سواء كمخزن للقيمة أو كوسيلة للتحوط.
ويضيف: هذه التحركات من المؤكد أنها ستعزّز مصداقية البيتكوين، وتدعم توقعات بارتفاع أسعارها، خاصة في ظل أن معظم العملات المشفّرة، وفي مقدمتها البيتكوين، ما زالت تعتمد بشكل كبير على نشاط المضاربين. وعادة ما يتفاعل هؤلاء بسرعة مع مثل هذه الأخبار، ما يدفع الأسعار إلى الصعود.
ويقول يرق: نشهد أيضاً نمواً ملحوظاً في عدد الشركات التي تحتفظ بمحافظ بالعملات المشفّرة، إذ ارتفع العدد من 89 إلى 113 شركة خلال شهر واحد فقط. وهذا يؤكد وجود توجه مؤسساتي واضح نحو هذا النوع من الأصول.
ويستطرد:
- في ظل مخاطر اقتصادية قائمة مثل تقلبات الدولار وارتفاع العوائد على السندات الأميركية، فإن التوجّه نحو البيتكوين كوسيلة للتحوط بات منطقياً.
- كما أن الصعود الكبير في سعر البيتكوين مؤخراً – من نحو 75 ألف دولار إلى 109 آلاف دولار – يشكّل دافعاً إضافياً على المدى القصير والمتوسط، ويدعم توقعات بمزيد من الارتفاعات.
- كلما زاد عدد الشركات التي تعتمد هذا النوع من التحوط وتُنشئ صناديق استثمارية تعتمد على البيتكوين، سنشهد اتساعاً في قاعدة تبنّي العملات المشفّرة واقترابها من الاعتماد المؤسسي الواسع.
يأتي هذا الإعلان الخاص بشركة "ترامب ميديا" في الوقت الذي تختبر فيه عملة البيتكوين من مستويات قياسية، وينطلق أكبر تجمع لعشاق الأصول الرقمية هذا العام في لاس فيغاس ستريب (بيتكوين 2025)، وهو المؤتمر الذي كان قد ساعد العام الماضي في ترسيخ صورة الرئيس دونالد ترامب باعتباره ”أول رئيس للعملات المشفرة ” في البلاد، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.
وهذا العام، سيشهد المؤتمر حضوراً مكثفًا من البيت الأبيض في عهد ترامب، بمشاركة نائب الرئيس جيه دي فانس، ودونالد ترامب جونيور، وإريك ترامب، وقيصر العملات المشفرة ديفيد ساكس، ومسؤولين كبار آخرين.
فيما لا يزال سهم ترامب ميديا متقلبًا، حيث انخفض بأكثر من 30 بالمئة هذا العام حتى الآن. وتبلغ القيمة السوقية للشركة حوالي 5.3 مليار دولار، على الرغم من تسجيل إيرادات بلغت 3.6 مليون دولار فقط وخسارة قدرها 400 مليون دولار في عام 2024.
سياسات ترامب
كبير محللي الأسواق المالية في شركة FXPro، ميشال صليبي، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- الخطوة التي تتخذها "ترامب ميديا" هذه الخطوة قد يكون لها تأثير ملحوظ على سوق العملات المشفرة على المدى القصير.
- أن توقيت هذه الخطوة يتزامن مع سياسات إدارة ترامب الحالية التي تدعم الأصول الرقمية، سواء من خلال إنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين على المستوى الحكومي أو عبر تخفيف القيود التنظيمية على الشركات الكبرى في هذا المجال مثل "كوين بيس" و"روبنهود".
- إعلان شركة ترامب، المشغلة لمنصة "تروث سوشال"، عن نيتها لشراء هذه الكمية الكبيرة من البيتكوين يجعلها من بين أكبر الشركات المالكة للعملات الرقمية، مما يعزز الثقة في البيتكوين كمخزن للقيمة.
- هذه الخطوة قد تشجع المزيد من المستثمرين المؤسسيين على دخول السوق.
ومع ذلك، يحذر صليبي من المخاطر المحتملة، مشيرًا إلى أن سعر سهم الشركة انخفض بنسبة تتراوح بين 8 إلى 9 بالمئة بعد الإعلان، مما قد يعكس قلق بعض المستثمرين من التوسع في الأصول الرقمية.
ويختتم تصريحاته بالإشارة إلى أن خطوة "ترامب ميديا" من المتوقع أن تعزز الثقة في سوق العملات المشفرة، وتقدم دعمًا سياسيًا ومؤسسيًا قد يكون له تأثيرات إيجابية على المدى القصير والمتوسط.
وتأتي خطوة "ترامب ميديا" في أعقاب اتجاه متزايد بين الشركات ذات التوجهات السياسية لتحويل سندات الخزانة الخاصة بها إلى أدوات استثمارية تعتمد بشكل كبير على بيتكوين. وهي استراتيجية روّج لها مايكل سايلور في شركة مايكروستراتيجي عام 2020 ، لكنها الآن مدعومة بقوة من قبل حركة ترامب السياسية وحلفائه في مجال العملات المشفرة، بحسب "سي إن بي سي".
تحول نوعي
وفي السياق، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- قرار شركة ترامب ميديا يمثل تحولًا نوعيًا في توجه الشركة؛ إذ تنتقل من مجرد منصة تواصل اجتماعي إلى لاعب مؤثر في قطاع الخدمات المالية والعملات المشفرة.
- هذه الخطوة مجرد محاولة لجذب الانتباه أو استغلال موجة العملات الرقمية، بل أنها تحمل أبعادًا استراتيجية واضحة، خاصة مع تصريحات الإدارة بأن "بيتكوين" أصبحت أحد الأصول الأساسية ضمن محفظة الشركة، ووسيلة لتحصينها ضد أي تضييق أو تمييز مالي محتمل من قبل المؤسسات المالية التقليدية.
- على المدى القصير، ضخ سيولة بهذا الحجم في "بيتكوين" من جهة ذات صلة بعائلة ترامب، وبدعم سياسي مباشر من الرئيس الأميركي ذاته، من المرجح أن يعزز ثقة السوق ويدفع بالمزيد من المستثمرين، سواء أفرادًا أو مؤسسات، إلى الدخول في سوق العملات الرقمية.
- السوق بطبيعتها تتأثر سريعًا بأي أخبار كبرى أو تحركات من لاعبين رئيسيين، وإعلان مؤسسة مدرجة عن تحويل جزء من ميزانيتها إلى "بيتكوين" يخلق حالة من الزخم، حتى وإن كان الأثر السعري المباشر محدودًا أو مؤقتًا.
أما من ناحية ثقة المستثمرين، فيرى أن هذه الخطوة قد ترفع من سقف التوقعات وتدعم الثقة المؤسسية، خاصة وأن الاستثمار يتم عبر قنوات رسمية وبالتعاون مع منصات كبرى لحفظ الأصول الرقمية (..) ما يشير إلى دخول عنصر الحوكمة وإدارة المخاطر المؤسسية إلى المشهد. وهذا من شأنه أن يشجع صناديق استثمارية أخرى، وربما شركات مدرجة، على دراسة تبني توجه مماثل أو على الأقل إعادة تقييم استراتيجياتها تجاه الأصول الرقمية.
رغم ذلك، لا يمكن تجاهل أن سهم "ترامب ميديا" شهد تراجعًا ملحوظًا عقب الإعلان، وهو ما يعكس استمرار حالة التردد في السوق، أو تقييمًا دقيقًا للمخاطر المرتبطة بهذا التحول المفاجئ في نموذج عمل الشركة، وفق سعيد، الذي يضيف: كما أن هناك من يطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت هذه الخطوة تمثل فعلًا استثمارًا طويل الأجل أم مجرد محاولة لتحسين صورة الشركة أو استغلال موجة العملات المشفرة لأهداف دعائية أو سياسية.