خاص

مفاوضات واشنطن-بكين.. تحذيرات من رفع سقف الطموحات

سكاي نيوز عربية - أبوظبي
"حرب جمركية" بين أميركا والصين - أرشيفية
"حرب جمركية" بين أميركا والصين - أرشيفية

وسط أجواء من الترقب العالمي والحذر في الأسواق، تستعد الولايات المتحدة والصين للجلوس على طاولة المحادثات التجارية للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد بكين، وهي مواجهة قلبت موازين التجارة العالمية وهددت استقرار سلاسل التوريد.

وفي وقت يعلو فيه التفاؤل الحذر بإمكانية تهدئة التوترات، يطرح المراقبون تساؤلات جوهرية حول فرص تحقيق اختراق فعلي في هذه الجولة، وحول قدرة الجانبين على تجاوز الخلافات العميقة التي أرّقت الاقتصاد العالمي.

يحمل هذا اللقاء المرتقب في طياته فرصًا واعدة وتحديات جسيمة، وسيكون محط أنظار الأسواق والمستثمرين حول العالم.

تعقد الولايات المتحدة الأميركية والصين أول محادثات تجارية بينهما منذ أن أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرباً تجارية ضد بكين والتي هزت الأسواق المالية وأثارت مخاوف بشأن سلاسل التوريد.

  • سيلتقي وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير بنظيريهما الصينيين في جنيف هذا الأسبوع. وأعلنت الصين أن نائب رئيس الوزراء، هي ليفينغ، المسؤول الاقتصادي الأعلى لديها، سيقود وفدها.
  • سيكون هذا الاجتماع أول تفاعل رفيع المستوى بين الجانبين منذ حضور نائب الرئيس هان تشنغ حفل تنصيب ترامب في يناير الماضي.
  • صرح بيسنت لقناة فوكس نيوز مساء الثلاثاء أن الفريقين سيجتمعان يومي السبت والأحد. وأكد أن لديهما "مصلحة مشتركة" في الحوار، لأن مستوى الرسوم الجمركية المرتفع "غير مستدام". لكنه حذّر من أن المناقشات ستكون جهدًا لتخفيف التوترات، وليست مفاوضات بشأن اتفاقية تجارية أوسع.
  • قال بيسنت خلال المقابلة: "أشعر أن الأمر يتعلق بتهدئة التوتر، وليس باتفاقية تجارية كبرى. علينا تهدئة التوتر قبل أن نتمكن من المضي قدماً".

ونقل تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن المسؤولة التجارية الأميركية السابقة التي تشغل الآن منصب نائب الرئيس في معهد سياسات جمعية آسيا، ويندي كاتلر، قولها:

  • "كنا نعلم جميعا أن الولايات المتحدة والصين ستحتاجان إلى إعادة التواصل، لكن إعلان اليوم عن اجتماع وجها لوجه في جنيف على هذا المستوى الرفيع أعظم من المتوقع".
  • من المهم "الحفاظ على التوقعات تحت السيطرة".
  • "من الأسهل بكثير فرض الرسوم الجمركية على بعضنا البعض بدلاً من العمل معًا على خطة مشتركة لإعادة الارتباط واستقرار العلاقات".

كما حذّر محللون صينيون من أن التوصل إلى اتفاق نهائي قد يستغرق شهوراً، ومن الأفضل أن يُبرم خلال اجتماع بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ.

ونقلت الصحيفة عن الزميل البارز في معهد تشارهار، وانغ تشونغ، قوله: "محادثات هذا الأسبوع ليست سوى خطوة أولى في مسيرة طويلة، مسيرة طويلة تمتد لألف ميل".

أبرز الفرص والتحديات

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • "هناك فرص حقيقية، ومطالب وضرورات من الطرفين، الأميركي والصيني، لإجراء محادثات تجارية رفيعة المستوى".
  • "هذه المحادثات تأتي في إطار مساعٍ أميركية لإعادة التوازن في العلاقات التجارية مع الصين، من خلال تقليص العجز التجاري وتعزيز العدالة في التبادل التجاري".
  • "الجانب الصيني يواجه ضغوطاً اقتصادية داخلية تدفعه إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية مثل خفض الفائدة وتخفيف متطلبات الاحتياطي البنكي لدعم الاقتصاد المحلي، وهو ما يدل على حجم الضغوط التي تعانيها الصين".
  • "رغم وجود دوافع لدى الطرفين للتوصل إلى اتفاق، إلا أن التباين في الأهداف الاستراتيجية والشكوك المتبادلة قد تعيق تحقيق تقدم ملموس على المدى القريب، أو قد تحول دون التوصل إلى اتفاق جوهري".

وحول ما يتعلق بردة فعل الأسواق، يوضح الشوبكي أن "الأسواق أظهرت حالة من الترقب والحذر (..)"، لكنه في الوقت نفسه يشدد على أن "تزايد التفاؤل بشأن المحادثات قد يؤدي أيضًا إلى تراجع جاذبية الأصول الآمنة مثل الذهب، ما انعكس على أسعاره".

ويتابع الشوبكي: "الوضع كان قد ازداد تعقيدًا مع التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً بلغت 145 بالمئة على بعض السلع الصينية، وردت الصين برسوم وصلت إلى 125 بالمئة.. كما رفعت الولايات المتحدة الرسوم على الألواح الشمسية إلى 3500 بالمئة، ومنعت الصين تصدير المعادن النادرة إلى أميركا، وسط قيود على تصدير الرقائق الإلكترونية".

الهيمنة على العالم.. حرب مفتوحة بين أميركا والصين

ويضيف:

  • "ما لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل يعالج القضايا الجوهرية بين البلدين، فمن المرجح أن تستمر الحرب التجارية، بل وقد تتصاعد لتشمل مجالات جديدة"
  • لذلك ينبغي التركيز على بناء الثقة من خلال خطوات ملموسة مثل تخفيف الرسوم الجمركية تدريجيًا وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي.
  • وينبغي على المستثمرين متابعة تطورات هذه المحادثات عن كثب، والاستعداد لتقلبات حادة محتملة في الأسواق بناءً على نتائجها.

ويمثل الاجتماع أول جهد حقيقي لمعالجة الحرب التجارية التي شهدت فرض واشنطن تعريفات جمركية بنسبة 145 بالمئة على الواردات من الصين وفرض بكين تعريفات جمركية انتقامية بنسبة 125 بالمئة على السلع الأميركية.

وتُعدّ هذه أول إشارة إيجابية للشركات التي كانت قلقة بشأن المستوى القياسي للرسوم الجمركية التي فرضها الجانبان على بعضهما البعض. كما تأتي تلك الإشارة بعد أن صرّح ترامب في مناسبات عديدة بأن البلدين يعقدان مفاوضات، وهي ادعاءات دحضها فريقه.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن بكين قررت إجراء محادثات بعد أن ألمح مسؤولون أميركيون مؤخرا في عدة مناسبات إلى إمكانية تخفيف الرسوم الجمركية وأرسلوا رسائل حول رغبتهم في إجراء مفاوضات.

وأفادت الوزارة في بيان بأنه "بناء على دراسة متأنية للتوقعات العالمية ومصالح الصين الخاصة ودعوات الشركات والمستهلكين الأميركيين، قررت الصين الموافقة على التعامل مع الولايات المتحدة".

كما حذّرت الولايات المتحدة من "استخدام المحادثات غطاءً للإكراه والابتزاز". وأشارت الوزارة إلى أن دولًا أخرى تتفاوض بالفعل مع إدارة ترامب، وأضافت: "يجب التأكيد على أن الاسترضاء لا يجلب السلام، والتسوية لا تكسب الاحترام".

مرحلة جديدة

بحسب الكاتبة الصحافية الصينية ياي شين هوا، فإن:

  • المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة تتجه إلى مرحلة جديدة، وسط ترقب عالمي لما ستؤول إليه هذه المحادثات. ورغم توفر دوافع إيجابية، يبقى الوصول إلى اتفاق نهائي محفوفًا بالتحديات.
  • من جهة، تواجه الولايات المتحدة ضغوطًا اقتصادية داخلية متزايدة -بما في ذلك انكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 بالمئة خلال الربع الأول- ما جعل الشركات والمستهلكين يعانون من تبعات الرسوم الجمركية المرتفعة.
  • في المقابل، أبدت الصين انفتاحًا على محادثات بنّاءة، وهو ما خلق مناخًا مشجعًا لانطلاق المفاوضات.
  • لكن هناك عوائق كبيرة تهدد بإفشال المفاوضات. فعلى الرغم من إشارات الانفتاح من الطرفين، إلا أن الولايات المتحدة تواصل اتخاذ إجراءات متشددة، مثل إلغاء إعفاءات جمركية ورفع ميزانية الدفاع، مما زاد من حالة عدم الثقة لدى بكين.
  • كما أن الخلافات الجوهرية لا تزال قائمة، خصوصًا بشأن الرسوم الأحادية والعقوبات على الشركات الصينية، مقابل مطالب واشنطن بحماية الملكية الفكرية وضبط نقل التكنولوجيا.

وتضيف لدى حديثها مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن الأسواق العالمية أبدت حساسية شديدة تجاه المفاوضات، حيث انعكست الإشارات الإيجابية على ارتفاع مؤشر التكنولوجيا في هونغ كونغ وصعود اليوان. ويعوّل كثيرون على أن اتفاقًا مرحليًا أو شاملًا قد يعيد الاستقرار لسلاسل التوريد ويعزز فرص العمل والاستثمار، فيما قد يقود فشل المفاوضات إلى اضطرابات اقتصادية واتجاه المستثمرين للأصول الآمنة.

وتستطرد: نجاح المفاوضات مرهون بإجراءات أميركية جوهرية مثل إلغاء الرسوم والعقوبات، مما يرفع فرص خلق بيئة تجارية أكثر عدلًا واستقرارًا. في المقابل، تواصل الصين تقوية موقعها التفاوضي عبر ضبط صادرات المعادن النادرة، وتوسيع الانفتاح لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز مبادرة "الحزام والطريق" لزيادة نفوذها الدولي.

وتوضح أن البيئة الدولية تلعب دورًا مؤثرًا، إذ تواجه واشنطن خلافات مع حلفائها بشأن سياساتها التجارية، مما قد يدفعها لتقديم تنازلات. وعلى الرغم من التفاؤل قصير المدى في الأسواق عند ظهور أي تقدم، فإن الخلافات الهيكلية العميقة بين البلدين تفرض حالة من الحذر. ولضمان تقدم حقيقي، يجب على الطرفين اعتماد نهج عملي قائم على التعاون والحوار المتوازن، بما يخدم الاستقرار الاقتصادي العالمي.

موقف ترامب

في سياق متصل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب،  في تعليق مفاجئ يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى "توقيع صفقات" مع شركاء تجاريين ، على الرغم من ادعاء كبار المسؤولين في البيت الأبيض منذ أسابيع أن مثل هذه الصفقات هي الأولوية القصوى للإدارة، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.

وأفاد ترامب خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني: "لسنا مضطرين لتوقيع صفقات، بل عليهم توقيعها معنا. إنهم يريدون حصة من سوقنا، ولا نريد حصة من سوقهم".

وبعد أسابيع من القول إن الدول تطلب محادثات تجارية ثنائية مع الولايات المتحدة، لم يعلن الرئيس وفريقه بعد عن أي اتفاقيات أو أطر رسمية.

ونبه ترامب، وقد بدا عليه الإحباط من تزايد الضغوط على البيت الأبيض لإظهار تقدم في محادثات التجارة: "أتمنى لو يكفّوا عن سؤالنا: كم صفقة ستوقعون هذا الأسبوع؟" وأضاف: "لأننا سنأتي يومًا ما ونقدم لكم 100 صفقة".

ويأمل المستثمرون وقادة الأعمال بشدة أن تتمكن إدارة ترامب من التفاوض على سلسلة من الاتفاقيات الثنائية مع شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند قبل أن يضرب العبء الكامل للتباطؤ التجاري الناجم عن الرسوم الجمركية الاقتصاد الأميركي.

زهير: الصين حصلت على قوتها التصنيعية من أميركا

اقتصاد عالمي

الإمارات واليابان
أخبار الإمارات

جمارك أبوظبي تستعرض حلولها الجمركية الذكية في اليابان

الغاز الروسي
اتحاد أوروبي

أوروبا تواجه عملية انفصال صعبة عن الغاز الروسي

اقتصاد الإمارات - تكنولوجيا
خاص

الإمارات.. لاعب رئيسي في سباق التكنولوجيا العالمي

الاتحاد الأوروبي
تجارة

أوروبا تقترح شراء سلع أميركية إضافية بقيمة 50 مليار يورو

اقرأ أيضاً

دونالد ترامب
أسواق عالمية

ترامب يهاجم باول مجددًا: "لا يفقه شيئًا!"

مبادلة الإماراتية
أخبار الشركات

مبادلة للاستثمار تحلّق بأصولها إلى 330 مليار دولار في 2024

رئيس الفيدرالي جيروم باول
خاص

بعد تصريحات "باول".. ما الاتجاهات المستقبلية لأسعار الفائدة؟

الرئيس الأميركي دونالد ترامب
اقتصاد عالمي

ترامب يستبعد أي تنازلات جمركية لبكين قبل محادثات سويسرا