نظرة إلى المستقبل.. هل تختفي البنوك التقليدية؟
02:54 - 08 مايو 2025
لم تعد زيارة فرع البنك ضرورة، بل خياراً قد يندر أو يختفي مع مرور الوقت.. من مئة بنك رقمي فقط قبل جائحة كورونا إلى أكثر من 300 بنك اليوم، تتحول خارطة الخدمات المالية عالمياً بخطى ثابتة نحو العالم الرقمي، مدفوعة بثقة متزايدة من المستخدمين وتبني واسع للتكنولوجيا.
حجم سوق البنوك الرقمية بلغ نحو 12 مليار دولار في 2023، ويُتوقع أن يقفز إلى 30 مليار دولار بحلول العام المقبل 2026.. هذا ليس مجرد رقم، بل دلالة واضحة على أن الخدمات المصرفية كما نعرفها لم تعد كافية لجيل جديد يفضل السرعة والمرونة والتعامل عبر التطبيقات.
اليوم، أكثر من 76 بالمئة من عملاء البنوك حول العالم لا يزورون الفروع التقليدية معتمدين تماماً على المعاملات الرقمية.
وحول التحول الرقمي المتسارع في القطاع المصرفي ودخول البنوك الرقمية كلاعب جديد يغير قواعد اللعبة، تحدث كريستوف كوستر، الرئيس التنفيذي لـ "رويا" أول بنك رقمي إسلامي في الإمارات، لبرنامج "بزنس مع لبنى" على "سكاي نيوز عربية"، عن مستقبل المصارف، ودور العملات المشفرة، والتحديات التي تنتظر البنوك التقليدية أمام موجة التحول الرقمي التي لا هوادة فيها.
- قبل جائحة كورونا، كان هناك ما يقارب 100 بنك رقمي حول العالم. ولكن مع تسارع وتيرة التحول الرقمي الذي فرضته الجائحة، تضاعف هذا العدد ثلاث مرات ليصل إلى 300 بنك رقمي بحلول اليوم.
- يعكس هذا النمو الهائل حجم السوق المتزايد للبنوك الرقمية، الذي بلغ 12 مليار دولار في العام 2023.
- من المتوقع أن يتضاعف الرقم ليصل إلى 30 مليار دولار بحلول العام المقبل 2026.
- يرتبط هذا النمو القوي بشكل وثيق بالثورة التكنولوجية وزيادة الاعتماد على أنظمة الدفع الإلكتروني.
تكشف إحصاءات أن 76 بالمئة من عملاء البنوك حول العالم لم يعودوا يزورون فروع البنوك التقليدية، وأصبحوا يعتمدون بشكل أساسي على التطبيقات البنكية لإجراء معاملاتهم المالية.
- حجم المعاملات المصرفية الرقمية، قفزت من 230 مليار دولار في عام 2017 إلى توقعات بوصولها إلى 7.6 تريليون دولار هذا العام 2025.
"رويا" .. نموذج للبنك الرقمي الإسلامي
في هذا السياق، يوضح كوستر أن فكرة تأسيس "رويا" انبثقت من رغبة المساهمين في إنشاء مؤسسة مالية إسلامية تجمع بين أحدث التقنيات والقيم الإسلامية الأصيلة، منوهاً بأن البنك يتميز بتجربة مستخدم فريدة، حيث يمكن للعملاء فتح حساباتهم في غضون ثوانٍ معدودة عبر تطبيق الهاتف المحمول.
كما يعتمد البنك على بنية تحتية سحابية متطورة، ما يمنحه مرونة وكفاءة عاليتين. وتهدف رؤية البنك إلى جعل دولة الإمارات رائدة في مجال الصيرفة الرقمية الإسلامية.
ويؤكد كوستر على أن رويا يولي اهتماماً خاصاً بدمج التكنولوجيا المتقدمة مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وفي خطوة مبتكرة، يتيح البنك لعملائه شراء وبيع العملات المشفرة، بما في ذلك البيتكوين والإيثريوم، من خلال تطبيق الهاتف المحمول الخاص بهم.
تتم هذه العمليات عبر بنية تحتية آمنة بالشراكة مع شركة فيوز في أبوظبي، التي توفر البنية التحتية لتداول الأصول المشفرة تحت إشراف الجهات التنظيمية.
وحول الجدل الدائر حول توافق العملات المشفرة مع مبادئ التمويل الإسلامي، يشير إلى أن رويا لديه قرار من اللجنة الشرعية الخاصة به يجيز تداول العملات الافتراضية مثل البيتكوين والإيثريوم، ويشجع العملاء على بناء ثرواتهم بطرق مسؤولة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
التركيز على المجتمع والابتكار المستمر
يصف رويا نفسه بأنه "بنك رقمي مجتمعي"، وهذا يعني ليس فقط تقديم تجربة رقمية سلسة، بل أيضًا المشاركة الفعالة مع المجتمع. وقد استثمر البنك في إنشاء مراكز مجتمعية فعلية، تعمل كفروع للمصرف، حيث يمكن للأفراد التعرف على العلامة التجارية، وتلقي التثقيف المالي، وطرح الأسئلة.
وفيما يتعلق بالمستقبل، يكشف كوستر:
- يخطط رويا للتوسع في تقديم أصول رقمية أخرى متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل الصكوك المرمزة والذهب الرقمي.
- الصيرفة الرقمية تلعب دوراً حيوياً في تطوير التمويل الإسلامي، حيث تعمل كجسر يربط بين عالم التمويل الإسلامي التقليدي والاقتصاد الرقمي المتنامي.
- في السنوات القليلة المقبلة، ستشهد الصناعة المصرفية تحولاً جذرياً؛ فالبنوك التقليدية التي تفشل في التكيف مع التطورات التكنولوجية ستتخلف عن الركب.
- البنوك التقليدية لن تختفي بشكل تام، بل سيشهد المستقبل تكاملاً بين البنوك التقليدية والرقمية.
الأمن السيبراني أولوية قصوى
وفيما تواصل البنوك الرقمية التوسع بسرعة، يشدد كريستوف كوستر على أن أمن المعلومات يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه هذا القطاع. ويقول إن "الثقة هي أساس العلاقة بين العملاء والبنك الرقمي، وأي خلل في حماية البيانات أو المعاملات قد يهدد سمعة المؤسسة بالكامل".
وأضاف أن بنك "رويا" يولي مسألة الأمن السيبراني أولوية قصوى، ويعتمد على بنية تحتية متقدمة مبنية على تقنيات الحوسبة السحابية الآمنة، بالإضافة إلى شراكات استراتيجية مع مؤسسات متخصصة في أمن البيانات لضمان أعلى درجات الحماية، بما يتوافق مع المعايير الدولية وأحكام الشريعة الإسلامية. مضيفًا أن تطور أدوات الهجمات الإلكترونية يفرض على البنوك الرقمية أن تظل دائمًا متقدمة بخطوة، وأن تستثمر باستمرار في الحماية والتشفير والتحديثات التقنية.
في الختام، يؤكد كريستوف كوستر، أن رويا لا ينظر إلى شركات التكنولوجيا المالية كمنافسين، بل كشركاء استراتيجيين يمكنهم تقديم أفضل المنتجات والخدمات للعملاء. ويسعى البنك إلى أن يكون منصة وبنية تحتية داعمة للنظام البيئي للتكنولوجيا المالية في دولة الإمارات.