هل تسيطر الصين فعلا على قناة بنما مثلما يقول ترامب؟
17:14 - 22 يناير 2025يبرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعيده باستعادة السيطرة على قناة بنما مؤكدا أن الصين "تشغل" الممر البحري الذي يربط بين المحيطين الهادئ والأطلسي، غير أن الحقيقة ليست بهذا الوضوح، وفقا لما جاء في تقرير لوكالة فرانس برس.
ولم يستبعد الرئيس الأميركي الجديد عند تنصيبه الخيار العسكري "لاستعادة" القناة البالغ طولها 80 كيلومترا والتي أقامتها الولايات المتحدة وتم افتتاحها عام 1914، قبل نقل السيادة عليها إلى بنما منذ 25 عاما.
ورد عليه رئيس بنما خوسيه راوول مولينو مؤكدا أن "القناة بنمية وستبقى كذلك".
وتقوم وكالة حكومية مستقلة هي "هيئة قناة بنما" بتشغيل وإدارة القناة التي تعتبر الولايات المتحدة أكبر مستخدميها، تليها الصين.
"إغلاق وعرقلة"
غير أن شركة صينية هي "هاتشيسون بورتس" تملك امتيازا لتشغيل مرفأي بالبوا وكريستوبال عند كل من منفذي القناة على المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنه "في حال اندلاع نزاع" قد تأمر الصين بـ"إغلاقهما أو عرقلة حركة نقلنا" عبر القناة، مؤكدا أن القناة تطرح "مسألة خطيرة جدا".
وأعلن مكتب المراقب المالي البنمي الثلاثاء أنه أمر بإجراء "تدقيق شامل" في شركة "موانئ بنما" بهدف "ضمان الاستخدام الفعال والشفاف للموارد العامة" وتحديد ما إذا كانت الشركة "تمتثل لاتفاقات الامتياز الخاصة بها، بما في ذلك الإبلاغ عن الدخل والمدفوعات والمساهمات للدولة".
وأكدت الشركة في بيان أنها "تتعاون بالكامل" مع التدقيق، مؤكدة أن التحقيقات السابقة أثبتت التزامها "واجباتها بموجب العقد".
ورأى بنجامان غيدان مدير برنامج أميركا اللاتينية في مركز ويلسون الذي يتخذ مقرا في واشنطن، أن "ثمة مخاوف منطقية على ارتباط بوجود شركة صينية" موضحا أن "القناة لها قيمة هائلة للولايات المتحدة، سواء تجاريا أو إستراتيجيا، ولن يكون من الصعب على بكين وقف عملها".
غير أن ريبيكا بيل تشافيز رئيسة مركز "الحوار الأميركي" للدراسات شددت على أن "الصين لا تشغّل قناة بنما ولا تسيطر عليها"، مشيرة إلى أن بنما "احترمت" حياد القناة وحافظت على "فعالية عملياتها".
غير أن ترامب الذي أعلن أن الولايات المتحدة تنازلت "بحماقة" عن القناة، يتهم بنما بـ"نهب" الولايات المتحدة، مؤكدا أن السفن الأميركية يجب أن تدفع رسوما منخفضة أكثر لعبور القناة.
استثمارات صينية
وقال أوكليدس تابيا أستاذ العلاقات الدولية البنمي إن "هذه حجة واهية تخفي إرادة في حمل بنما على خفض علاقاتها مع الصين إلى أدنى الحدود".
ومنذ عاودت بنما العلاقات الدبلوماسية مع بكين عام 2017، سجلت مبادلاتها التجارية مع الصين زيادة كبيرة، مع أن الولايات المتحدة تبقى شريكها السياسي والتجاري الرئيسي.
وشاركت مجموعات صينية في بناء مرفأ لسفن الرحلات عند مدخل القناة من جهة المحيط الهادئ، كما أنها تساهم في مشروع بناء جسر فوق القناة تصل قيمته إلى 1.4 مليار دولار.
وخلال زيارة قام بها الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2018، اقترحت بكين مشاريع أخرى تصل قيمتها إلى مئات ملايين الدولارات، وسعت حتى لإقامة سفارة عند مدخل القناة، لكن ذلك لم يتحقق لأسباب تنسب إلى ضغوط أميركية.
استخدام القوة
وتعهدت بنما بموجب اتفاقات 1977 التي قادت الولايات المتحدة إلى نقل إدارة القناة إلى بنما عام 1999، بضمان أن تبقى القناة مفتوحة باستمرار أمام دول العالم.
وقال خوليو ياو الذي شارك في فريق التفاوض البنمي على الاتفاقات، متحدثا لوكالة فرانس برس "لا يذكر أي من بنودها، ولا يجيز للولايات المتحدة أن تستعيد أو تطالب باستعادة قناة بنما".
غير أن نص الاتفاقات يتضمن تعديلات أدخلتها عليها الولايات المتحدة، تنص على إمكان أن تستخدم واشنطن القوة المسلحة بصورة أحادية "للدفاع عن القناة ضد أي تهديد" بالإغلاق.
ولفت تابيا إلى أن هذا السبب حصرا "يمكن أن يبرر استخدام القوة العسكرية في بنما، وفقط لإبقاء القناة مفتوحة، وليس للسيطرة عليها واستغلالها اقتصاديا".
وقال بنجامان غيدان أن تكرار ترامب تهديداته الإثنين "يزيد من احتمال أن يكون هذا إعلانا جديا"، معتبرا أن القيام بـ"تدخل عسكري قليل الاحتمال"، غير أن الحكومة الأميركية قد تستخدم الرسوم الجمركية للضغط على بنما.