هل يمكن لترامب الترشح لولاية ثالثة؟
13:31 - 27 يناير 2025يتبنى النائب الجمهوري آندي أوجلز من ولاية تينيسي، مقترحاً هادف لتعديل الدستور الأميركي، الذي يحدد التعديل الثاني والعشرون منه حالياً فترة ولاية الرئيس بفترتين انتخابيتين.
التعديل الذي يقترحه أوجلز مصمم خصيصاً لزميله الجمهوري الرئيس دونالد ترامب؛ لأنه سيسمح بانتخاب الرؤساء لولاية ثالثة فقط إذا كانت ولايتهما الأولى والثانية غير متتاليتين.. وترامب هو الرئيس الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة والذي تم انتخابه لفترات غير متتالية.
وقال أوجلز في بيان يوم الخميس الماضي "لقد أثبت ترامب أنه الشخصية الوحيدة في التاريخ الحديث القادرة على عكس تدهور أمتنا واستعادة أميركا إلى عظمتها، ويجب منحه الوقت اللازم لتحقيق هذا الهدف".
يأتي ذلك بعد تعليقات متكررة من جانب ترامب تشير إلى أنه قد يرغب في البقاء في السلطة لفترة ولاية ثالثة، حيث قال للمشرعين الجمهوريين بعد انتخابه: "أظن أنني لن أترشح مرة أخرى ما لم تقولوا، إنه جيد للغاية لدرجة أننا يجب أن نتوصل إلى شيء آخر".
في حين كان ترامب قد ذكر أن التعديل الثاني والعشرين يحظر الفترات الثالثة بعد أن يخدم الرئيس فترتين متتاليتين، وهو ما يعني أن ترامب يمكن أن يترشح للمرة الثالثة حيث كانت هناك فجوة مدتها أربع سنوات بين ولايته الأولى والثانية، بينما لا يوجد شيء في نص التعديل الثاني والعشرين يدعم هذا التفسير، بحسب تقرير لفوربس.
ويلفت التقرير إلى أنه "من المؤكد تقريباً أن دعوة أوجلز لتعديل الدستور سوف تفشل، حتى لو حصل على دعم أغلبية المشرعين في مجلس النواب والشيوخ، فإن التعديلات الدستورية لا يمكن أن تمر إلا بأغلبية الثلثين في كلا المجلسين، وهو أمر غير مرجح للغاية نظرا للأغلبية الضيقة للحزب الجمهوري".
كما أنه إذا نجحت التعديلات الدستورية في اجتياز الكونغرس، فيجب أن توافق عليها ثلاثة أرباع الولايات على الأقل، وهو لن يحدث تقريبا ؛ نظرا لأن الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية من غير المرجح إلى حد كبير أن تدعم منح ترامب فترة ولاية ثالثة.
السياقات الأساسية
من جانبه، يقول خبير العلاقات الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": إذا أردنا تقييم حظوظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الترشح لدورة رئاسية ثالثة من خلال تعديل الدستور، فمن الضروري أولاً النظر في السياق الدستوري لهذه العملية:
- وفقاً للدستور الأميركي يتطلب التعديل موافقة ثلثي أعضاء مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ)، وبعدها تصديق ثلاثة أرباع الولايات.
- هذا الإجراء "معقد للغاية"؛ خاصة في ظل بيئة سياسية مشحونة وشديدة الاستقطاب كالتي تشهدها الولايات المتحدة اليوم.
ويضيف الخفاجي: أما من الناحية السياسية، فيجب النظر إلى البعدين الأساسيين، وهما:
- أولاً- موقف الجمهوريين والديمقراطيين، فقد يدعم الجمهوريون الفكرة؛ نظراً للشعبية الكبيرة التي يحظى بها ترامب داخل الحزب، إلا أن الدعم قد لا يكون كافياً لتحقيق هذا التعديل.. في المقابل، سيعارض الديمقراطيون بشدة أية محاولات لتجاوز القيود الدستورية؛ كونها تعتبر سابقة خطيرة تهدد أسس الديمقراطية الأميركية.
- ثانياً: الرأي العام الأميركي: الرأي العام منقسم بشدة حول ترامب؛ فبينما يعتبره مؤيدوه زعيماً استثنائياً، يرى معارضوه أنه شخصية مثيرة للجدل وتهدد النظام الديمقراطي الأميركي.
ويختتم خبير العلاقات الدولية حديثه بالإشارة إلى أنه "في الظروف الحالية، من غير الواقعي أن يتمكن ترامب من الترشح لولاية ثالثة؛ نظراً للصعوبات الكبيرة التي تواجه تعديل الدستور.. ومع ذلك، فإن النقاشات المثارة حول هذا الموضوع تعكس مدى نفوذ ترامب السياسي ومحاولات حلفائه لتعزيز حضوره في الساحة السياسية الأميركية، فأنصار ترامب يسعون لتحويله إلى رمز وطني".
صعب التمرير
في هذا السياق، نقلت شبكة "سي إن بي سي" الأميركية، عن الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة هارفارد، البروفيسور ستيفن ساكس، قوله إن:
- التعديل الدستوري الذي تم تقديمه مؤخراً والذي من شأنه أن يسمح بانتخاب الرئيس دونالد ترامب لولاية ثالثة في البيت الأبيض يواجه احتمالات طويلة جداً - في أفضل الأحوال - للموافقة عليه .
- الحسابات والسياسات المتعلقة بمثل هذا الاقتراح من المؤكد أنها ستؤدي إلى فشله في النهاية.. من الصعب للغاية تمرير أي تعديل للدستور.
- بموجب المادة الخامسة من الدستور، يتعين على مجلس النواب ومجلس الشيوخ الموافقة على مقترح التعديل بأغلبية الثلثين.. وهذا يعني 290 صوتا بـالموافقة من أصل 435 عضواً في مجلس النواب، و67 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ.
- بمجرد موافقة الكونغرس يتعين بعد ذلك التصديق على الاقتراح من قبل الهيئات التشريعية للولايات أو مؤتمرات الولايات ــ والاختيار متروك للكونغرس ــ في ثلاثة أرباع الولايات.
- حتى اليوم ، هناك 218 ممثلاً جمهوريًا فقط، و53 عضواً جمهورياً في مجلس الشيوخ، و28 هيئة تشريعية تابعة للولاية يسيطر عليها الجمهوريون .
- اقتراح أوجلز حظي بقدر أكبر من الاهتمام مما تستحقه فرص إقراره.
يشار إلى أن الكونغرس كان قد أقر التعديل الثاني والعشرون في عام 1947 وصدقت عليه الولايات في عام 1951، بعد أن تحدى الرئيس فرانكلين روزفلت فترات الرؤساء السابقين التقليدية بانتخابه أربع مرات.
وفي حين وضع الرئيس جورج واشنطن سابقة للرؤساء الذين خدموا لفترتين فقط عندما ترك منصبه في عام 1796، لم يكن هناك شيء يقنن رسميًا تلك الحدود الزمنية في القانون الفيدرالي قبل التصديق على التعديل الثاني والعشرين.
تعديلات الدستور الأخيرة
- آخر مرة تم فيها تعديل الدستور الأميركي كانت في العام 1992، عندما تم التصديق على التعديل السابع والعشرين.
- يحظر هذا التعديل زيادة رواتب أعضاء الكونغرس من أن تصبح سارية المفعول إلا بعد انتخابات أعضاء مجلس النواب.
- كان هذا التعديل قد اقترحه في العام 1789 النائب جيمس ماديسون أثناء الدورة الأولى للكونغرس، لكنه ظل خاملاً لمدة قرنين من الزمان حتى أدرك أحد طلاب الجامعة في عام 1982 أنه لا يزال مؤهلاً للتصديق.
- قبل ذلك، تم التصديق على التعديل السادس والعشرين، الذي أعطى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا الحق في التصويت، في عام 1971.
عملية معقدة
من جانبه، يوضح مستشار المركز العربي للبحوث والدراسات، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن تعديل الدستور الأميركي بهذا الغرض يُعتبر عملية شبه مستحيلة عملياً؛ كما أنها قد تؤدي إلى اضطرابات داخلية أو حتى احتمال انفصال بعض الولايات.
ويشير إلى أن المادة الخامسة من الدستور الأميركي (التي تحدد عملية تعديل الدستور، وتنص على الإجراءات التي يجب اتباعها لاقتراح واعتماد التعديلات) تضع شروطًا معقدة لإجراء التعديل؛ إذ تتطلب موافقة مجلسي النواب والشيوخ بأغلبية الثلثين، وهو ما يعني تأييد 290 نائباً من أصل 435 في مجلس النواب و67 من أصل 100 عضو في مجلس الشيوخ.
يضيف: "هذه الخطوة لا تتوقف عند موافقة الكونغرس فقط، بل تحتاج أيضاً إلى تصديق ثلاثة أرباع الولايات الأميركية، وهو ما يتطلب موافقة 38 ولاية مما يجعل تحقيق هذا السيناريو في غاية الصعوبة".
لكن بحسب الديب، فإن السيناريو الوحيد الذي قد يبقي دونالد ترامب في البيت الأبيض بعد انتهاء ولايته الحالية يتمثل في ترشحه لمنصب نائب الرئيس في انتخابات العام 2028، مع ترشح نائب الرئيس جيه دي فانس لمنصب الرئيس. وإذا فاز الثنائي بالانتخابات واستقال فانس من منصبه، فإن ذلك قد يُعيد ترامب إلى الرئاسة.
في هذا السياق، وبالعودة لتقرير فوربس، فإنه يشير إلى أنه:
- في حين أن التعديل الثاني والعشرين يوضح تماماً أنه لا يمكن انتخاب الرؤساء لفترة ولاية ثالثة، إلا أنه لا ينص صراحةً على أنه لا يمكنهم الخدمة لفترة ولاية ثالثة، مما يفسح المجال لبعض الثغرات القانونية التي قد يحاول ترامب استغلالها، وفق التقرير المشار إليه.
- في مقال نُشر في العام 1999 في كلية الحقوق بجامعة مينيسوتا، أشار الباحثان القانونيان بروس جي بيبودي وسكوت إي غانت إلى أن الدستور لن يحظر صراحةً سيناريو يمكن فيه لرئيس فترتين العودة إلى البيت الأبيض دون انتخابه - أي من خلال انتخابه لمنصب لا يزال في خط الخلافة، مثل نائب الرئيس، ثم تولي السلطة إذا استقال الرئيس أو أصبح غير قادر على الخدمة.
- يشير هذا إلى أنه قد يكون من الممكن لنائب الرئيس جيه دي فانس أو حليف آخر لترامب الترشح للرئاسة في العام 2028 مع ترامب كرفيق لهم، ثم بعد توليه المنصب، يستقيل من المنصب حتى يتمكن ترامب من العمل كرئيس بدلاً منه.
- لم يتم اختبار هذا السيناريو على أرض الواقع ومن المؤكد أنه سيواجه تحديات قانونية، حيث قد يزعم المنتقدون أنه يتعارض مع التعديل الثاني عشر، الذي ينص على أن "أي شخص غير مؤهل دستورياً لمنصب الرئيس لن يكون مؤهلاً لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة".