العملات المشفرة تنضم لموجة هبوط الأسواق العالمية.. ماذا حدث؟
05:30 - 07 أبريل 2025شهدت أسواق الأسهم تراجعات حادة في أعقاب الإعلان عن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مما أدى إلى حالة من الذعر بين المستثمرين أثرت سلباً على الثقة في الأسواق التقليدية.
ومع تصاعد التوترات التجارية، واجهت الأسهم ضغطاً شديداً في ظل القلق من تأثيرات الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي، لكن في المقابل، أظهرت العملات المشفرة استقراراً ملحوظاً في البداية؛ وقد خالفت اتجاه أسواق الأسهم، ما أثار تساؤلات حول قدرتها على التحصن أمام التقلبات الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، تغير الوضع بشكل جذري في تعاملات يوم الأحد، حيث تبعت العملات المشفرة الأسهم في هبوطها الحاد، مما يعكس تأثيرات سلبية غير متوقعة على هذه السوق المتقلبة، مقتفية بذلك أثر تراجعات "وول ستريت".
انخفض سعر البتكوين إلى ما دون مستوى 77 ألف دولار، صباح الاثنين، مع تأهب المستثمرين لمزيد من التقلبات في الأسواق المالية، بعد معاناة الأسهم الأميركية من أسوأ انخفاض لها منذ جائحة كورونا.
انخفاض البتكوين عند هذا المستوى يأتي بعد أن تداول فوق مستوى 80 ألف دولار لمعظم هذا العام، باستثناء بعض الانخفاضات الطفيفة تحته وسط التقلبات الأخيرة. وقد انخفض السعر بنسبة 39 بالمئة عن أعلى مستوى له على الإطلاق في يناير.
وبحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، فإنه عادةً ما ينظر المتداولون إلى العملة المشفرة الرائدة على أنها مؤشر رئيسي على معنويات السوق، لكنها خالفت الانهيار العام للسوق الأسبوع الماضي، حيث استقرت بين 82 ألف دولار و83 ألفاً، وارتفعت مع نهاية الأسبوع مع تراجع الأسهم وحتى الذهب.
تكبدت العملات المشفرة الأخرى خسائر أكبر خلال الليل. وانخفض سعر الإيثريوم والرمز المرتبط بسولانا بنحو 10 بالمئة لكل منهما.
من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- "رأينا أن العملات المشفرة كانت قد تماسكت إلى حدٍّ كبير أمام الانهيارات التي شهدتها أسواق الأسهم الأميركية في آخر جلستين من الأسبوع الماضي".
- "السبب الأساسي لهذا التماسك كان يرتبط بقناعة بعض المستثمرين بأن العملات المشفرة تشكل ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات.. وبالنسبة لهؤلاء، فإن أي انهيار في قطاع الأسهم يدفعهم نحو قطاع العملات المشفرة باعتبارها وسيلة للتحوط من هذه التراجعات".
- من بين العوامل أيضاً التي عززت هذا التماسك -قبل التراجعات واسعة النطاق التي شهدتها العملات المشفرة الأحد- هو الوضع العالمي المرتبط بالرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس ترامب، والتي دفعت البعض إلى النظر للعملات المشفرة على أنها أدوات مالية خارجة عن نطاق الرقابة الحكومية، وغير مركزية بطبيعتها، ما يجعلها بمنأى عن تأثيرات هذه السياسات.
- "لكن مع تراجعات الأسواق الأميركية، فإن العملات المشفرة تتأثر سلباً أيضاً.. وقد رأينا مؤخراً تراجعاً في أسعار الذهب (التي سجلت خسائر أسبوعية) وهو ما انعكس أيضاً على العملات المشفرة".
ويفسر ذلك بقوله: "يلجأ المستثمرون في مثل هذه الحالات إلى تسييل مراكزهم في الأصول الأخرى، سواء في الذهب أو العملات الرقمية، لتغطية خسائرهم في سوق الأسهم".
وبناءً على تحركات السوق الأخيرة، يتوقع يرق تحركات متفاوتة، قائلاً: "إذا ما شهدنا بعض الاستقرار في قطاع الأسهم وتوقف النزيف الحاصل حالياً، فهناك احتمال أن تستعيد العملات المشفرة بعض الزخم وتحقق ارتفاعات من جديد."
ويشار في هذا السياق إلى أن:
- انخفاض سعر البتكوين، الأحد، قد أثار موجة من عمليات التصفية طويلة الأجل، حيث اضطر المتداولون الذين راهنوا على ارتفاع سعره إلى بيع أصولهم لتغطية خسائرهم.
- خلال الـ 24 ساعة الماضية، شهد البتكوين عمليات تصفية طويلة الأجل تجاوزت 181 مليون دولار، وفقًا لـ CoinGlass .
- شهدت الإيثريوم عمليات تصفية طويلة الأجل بقيمة 188 مليون دولار في الفترة نفسها.
وقد تخلص المستثمرون المضطربون من حيازاتهم من العملات المشفرة، التي يتم تداولها على مدار 24 ساعة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث توقعوا المزيد من الآثار السلبية، بعد أن أثارت الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضها ترامب مخاوف الركود العالمي وتسببت في بيع المستثمرين لجميع المخاطر.
قلق الأسواق
وعززت تصريحات وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، الأحد، قلق الأسواق وحالة عدم اليقين، وذلك بعد أن أكد إصرار البيت الأبيض على الرسوم الجمركية، قائلاً: "لن يتم تأجيل الرسوم".
وأفاد بأن إدارة ترامب ستظل ثابتة في فرض الرسوم الجمركية المتبادلة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين حتى في مواجهة عمليات بيع في سوق الأسهم العالمية"، مشيراً إلى أن "البيت الأبيض لا يفكر في تمديد الموعد النهائي للبدء".
بحسب لوتنيك، فإنه "لا مجال للتأجيل.. ستبقى هذه الإجراءات ساريةً لأيامٍ وأسابيع بالتأكيد.. على الرئيس إعادة ضبط التجارة العالمية.. لدى الجميع فائضٌ تجاري، ونحن لدينا عجزٌ تجاري".
يأتي ذلك في حين ذكر المجلس الاقتصادي الأميركي أن 50 دولة على الأقل تواصلت لبدء المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة.
- أثارت الرسوم الجمركية المفروضة على جميع الواردات، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية المفروضة على الشركاء التجاريين الرئيسيين، مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية قد تدفع الولايات المتحدة إلى الركود. وأدى تزايد المخاوف بشأن التأثير الواسع النطاق للرسوم الجمركية إلى تذبذب الأسواق العالمية.
- في الجلستين التاليتين لإعلان التعريفات الجمركية، محت الأسهم العالمية 7.46 تريليون دولار من قيمتها السوقية بناءً على القيمة السوقية لمؤشر ستاندرد آند بورز العالمي للسوق.
- يتضمن هذا الرقم 5.87 تريليون دولار خسرتها سوق الأسهم الأميركية خلال هاتين الجلستين، و1.59 تريليون دولار أخرى خسارة في القيمة السوقية في أسواق عالمية رئيسية أخرى.
المضاربة
من جانبه، يشير خبير أسواق المال، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أنه "لا يمكن الجزم بثبات أو استقرار العملات المشفرة (كما حدث في آخر الأسبوع رغم تراجع أسواق المال)؛ إذ تؤخر سوق الكريبتو ردود أفعالها لأسباب تتعلق بالمضاربة، وبالتالي شهدنا لاحقاً تراجعاً يعوّض حالة الاستقرار التي أبدتها مؤخراً".
ويشير إلى استغلال المستثمرين الاستقرار السابق للبيع، متفقاً مع يرق في هذا السياق فيما يتعلق بعمليات التسييل التي تشكل ضغطاً على السوق، في ظل حالة عدم اليقين. ويرى سعيج أن الحذر يبقى مطلوباً في ظل تقلبات هذا السوق.
لكنه بشكل عام، يعتقد بأن "العملات المشفرة مازالت تحظى بتوقعات إيجابية مدفوعة بترقب إجراءات تنظيمية جديدة في تداولها، وهي وعود جاءت من شخصيات قيادية مثل الرئيس دونالد ترامب وعدد من صناع القرار، مما عزز من ثقة المستثمرين في مستقبل هذا السوق".
وانخفضت قيمة البتكوين بنسبة 15 بالمئة منذ بداية العام، وفي غياب محفز خاص بالعملات المشفرة ، من المتوقع أن تستمر في التحرك جنبًا إلى جنب مع الأسهم حيث تطغى مخاوف الركود العالمي على أي رياح تنظيمية داعمة كان من المتوقع أن تستفيد منها العملات المشفرة هذا العام، وفق تقرير شبكة "سي إن بي سي" الأميركية.