كيف يفكر ترامب في القضايا الاقتصادية الرئيسية؟
11:42 - 16 أغسطس 2024ألقى المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، الرئيس السابق دونالد ترامب، بظلال من الشك على الاقتصاد باعتباره القضية الانتخابية الأكثر أهمية، وهي القضية التي يتمتع فيها بميزة كبيرة في ثقة الناخبين على منافسته كامالا هاريس.
وقال ترامب في تجمع حاشد في أشفيل بولاية نورث كارولينا الأربعاء، في إشارة واضحة إلى مساعدي حملته: "الآن هذا يوم مختلف بعض الشيء، لأننا نتحدث عن شيء يسمى الاقتصاد. لقد أرادوا إلقاء خطاب حول الاقتصاد".
وأضاف ترامب: "يقولون إنه الموضوع الأكثر أهمية.. لست متأكدًا من ذلك، لكنهم يقولون إنه الموضوع الأكثر أهمية.. التضخم هو الموضوع الأكثر أهمية، لكنه جزء من الاقتصاد".
تأتي محاولات حملة ترامب المختلطة للتركيز على الاقتصاد في الوقت الذي أخبر فيه الناخبون وكالات استطلاع الرأي مرارًا وتكرارًا أن الاقتصاد هو القضية الرئيسية في تحديد من سيصوتون له. كما أنها قضية رابحة للرئيس السابق، إذ يتقدم ترامب على هاريس بهامش ثماني نقاط مئوية فيمن يثق الناخبون أكثر في الاقتصاد، وفقًا لاستطلاع أجرته بلومبرy نيوز / مورنينج كونسلت في سبع ولايات متأرجحة.
ووفق استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا، فإن الناخبين في ولايات ما يسمى "الجدار الأزرق" وهي ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا من المرجح أن يتحالفوا مع ترامب (53 بالمئة) بدلاً من هاريس (44 بالمئة) فيما يتعلق بالاقتصاد، على الرغم من أن بعض استطلاعات الرأي على مستوى البلاد تظهر أن هاريس تقترب من تقدم ترامب في هذه القضية.
تطرق ترامب مساء الأربعاء إلى عديد من المواضيع المألوفة، بما في ذلك نيته تمديد التخفيضات الضريبية على الأسر والشركات الصغيرة، وإعفاء الإكراميات ومدفوعات الضمان الاجتماعي من الضرائب، وتعزيز إنتاج النفط والغاز المحلي.
وتعهد بخفض تكاليف الطاقة إلى النصف في أول 12 إلى 18 شهرًا من ولايته الجديدة من خلال القضاء على إجراءات تنظيمية والموافقة على المزيد من إنتاج الطاقة المحلية، والذي وصل إلى مستويات قياسية في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن. بينما أشار ترامب بعد ذلك إلى أن هذا قد يكون طموحا للغاية.
كما تعهد بعدم تعديل قانون الرعاية الصحية الميسرة، وهو القانون الذي سعى الجمهوريون إلى إلغائه خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض. وفي نهاية المطاف، تخلى الجمهوريون عن هذه الجهود بعد فشلهم في الاتفاق على اقتراح لاستبدال إطار الرعاية الصحية. وقال ترامب إنه لن يستأنف هذه الجهود إلا إذا تمكن الحزب من التوصل إلى بديل "أفضل".
ودعا ترامب حليفه الرئيسي سكوت بيسنت، مؤسس مجموعة كي سكوير، الذي يعد من بين المرشحين لتولي منصب وزاري في فترة ولاية ترامب الثانية، إلى المنصة في أشفيل، وقدمه باعتباره "أحد أكثر الرجال ذكاءً في وول ستريت". وبيسنت هو أحد المتبرعين الرئيسيين للحملة الانتخابية، وقد أشاد بسياسات ترامب في تعزيز أداء سوق الأوراق المالية.
اشتعال السباق
جاء تجمع ترامب - وهو أول ظهور له في ولاية متأرجحة منذ ما يقرب من أسبوعين - في الوقت الذي تسعى فيه حملته إلى كبح جماح ارتفاع شعبية هاريس في استطلاعات الرأي منذ أن حلت محل بايدن الشهر الماضي. وقد أدى زخمها إلى تشديد السباق في عديد من الولايات المتأرجحة، بما في ذلك ولاية كارولينا الشمالية، حيث كان ترامب يتقدم بفارق كبير على بايدن.
كما ستزور هاريس ولاية كارولينا الشمالية، والتي فاز بها ترامب في عام 2020، وهي ولاية يجب أن يفوز بها هذا العام. وفي رالي يوم الجمعة، ستناقش نائبة الرئيس خطتها لخفض الأسعار. وهي تسعى إلى تجاوز تصورات الناخبين السلبية لتعامل بايدن مع الاقتصاد، مع تضخم مستمر يطغى على الجهود الرامية إلى الترويج للاستثمارات في التصنيع والبنية التحتية المحلية.
سجل ترامب
المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، قال لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- لولا أزمة كورونا، لكان الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة في حالة ممتازة خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترامب.
- ترامب قام بعمل قوي ومنطقي في مجال الإصلاح الضريبي، إذ بدأ بالتصدي لمشاكل متراكمة، وإن كانت لن تحلّ بين ليلة وضحاها.
- تمكن الرئيس السابق من وضع نظام ضريبي فعال، محققًا بذلك إنجازات مميزة، بالإضافة إلى ما يتعلق بأمن الحدود الجنوبية الأميركية.
فيما أشار الغبرا من ناحية أخرى إلى سجل نائبة الرئيس بايدن، كامالا هاريس، الذي وصفه بـ "السيء للغاية"، إذ شهدت الفترة الأخيرة تعاملاً خاطئًا مع التضخم على أنه مؤقت وناجم عن أزمة كورونا، مما أدى إلى تأخر الإجراءات التصحيحية والبدء بفكرة التقشف في خطاب الحكومة الأميركية.
وأوضح أن التحول نحو الطاقة النظيفة يبدو منطقيًا على الورق، إلا أن التنفيذ واجه مشاكل كبيرة بسبب مساعي الحكومة لدفع الشركات نحو إنتاج السيارات الكهربائية، دون وجود طلب حقيقي من الشارع الأميركي.
وأضاف أن هناك استقطابًا واضحًا بين تيارين، الأول يعتمد على توفير وظائف عبر خفض الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب، والابتعاد عن تقييد الشركات بقوانين فيدرالية صارمة تضعف قدرتها على المنافسة، وهذا التيار يندرج تحت الفكر اليميني الجمهوري. بالمقابل، التيار اليساري يركز على دعم المجتمع وتوفير خدمات مجانية ودعم العاطلين وذوي الدخل المحدود.
وأكد الغبرا أن هذه الأفكار تُعرض على الناخب الأميركي، وهناك اختلافات في تأييدها بين فئات المجتمع، مما ينعكس على نتائج استطلاعات الرأي التي تتفاوت حسب الولاية ونوع الأشخاص المشاركين فيها. كما أشار إلى أن هذه الاستطلاعات ليست دائمًا محايدة، إذ تلعب دورًا سياسيًا في التأثير على الناخبين وفقًا للولايات.
ثقة أكبر في ترامب
خبير العلاقات الدولية والشؤون الأميركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور أحمد سيد أحمد، أوضح في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن:
- هناك ثقة أكبر لدى الناخب الأميركي في سياسات ترامب مقارنة بكامالا هاريس، خاصةً أن الأخيرة لا تمتلك رؤية اقتصادية واضحة (حتى الآن) فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية الأساسية مثل التضخم وارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة.
- هاريس تفتقر إلى توجه واضح فيما يخص السياسات الضريبية وغيرها من القضايا خلال السنوات الثلاث الماضية في فترة توليها منصب نائبة الرئيس بايدن، حيث يقتصر دورها فقط على التخويف من ترامب، الذي تدّعي أنه يهدد الديمقراطية الأميركية.
- ترامب، في المقابل، لديه سياسة اقتصادية واضحة ورؤية شاملة للقضايا الاقتصادية. ففي أول عامين من ولايته، حقق معدلات نمو كبيرة في الولايات المتحدة وإنجازات اقتصادية بسبب سياساته المتعلقة بتخفيض الضرائب، وفرض رسوم على السلع الأجنبية، وإصلاح ودعم الشركات الكبرى، مع توفير فرص عمل وتحقيق نهضة اقتصادية ملحوظة، لكنها تلاشت نتيجة لفيروس كورونا والسياسات التي تبعتها من إغلاق وارتفاع في التحديات الاقتصادية.
وأوضح أن ترامب يمتلك رؤية واضحة حول خفض الإنفاق الحكومي، لأنه يرى أن هذا الإنفاق خلال فترة بايدن أدى إلى عجز في الموازنة وتدهور في معدلات النمو. وبالتالي، يهدف ترامب إلى تقليص نفقات الإنفاق العام لسد العجز مع الإيرادات، بالإضافة إلى تخفيض الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى بهدف إنعاش الاستثمارات وتوفير فرص عمل.
كما أشار إلى أن فترة بايدن شهدت اتجاهًا لفرض ضرائب على الأغنياء والشركات، مما أدى إلى انكماش الاستثمارات. لذلك، لا يعزى تقدم هاريس في استطلاعات الرأي إلى حلولها للقضايا، بل إلى الترحيب بخروج بايدن نتيجة ظروفه الصحية وأدائه السيء في القضايا الداخلية والخارجية، مما دفع الحزب الديمقراطي إلى الالتفاف حولها.
سياسات غير واضحة
لكن على النقيض من كثيرٍ من التوجهات والآراء المتداولة، أوضح عضو الحزب الديمقراطي الأميركي، مهدي عفيفي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الاستطلاعات الأخيرة ومراكز البحث تشير إلى عدم وضوح سياسات المرشح ترامب في مجال الاقتصاد بشكل عملي. فغالباً ما يركز في حديثه على ضرورة جعل أميركا عظيمة مرة أخرى، دون التطرق إلى التفاصيل.
وأضاف عفيفي أن الناخب المستقل، الذي يلعب دورًا حاسمًا في الانتخابات الأميركية المقبلة، قد لا يثق في المرشح ترامب. وبالتالي، تتقدم المرشحة كامالا هاريس –في بعض الاستطلاعات- بفضل سياساتها الواضحة ودعم الحزب الديمقراطي والمستقلين.
وأشار إلى أن المرشحة هاريس تتعامل بشكل مباشر مع القضايا الملحة للمواطن الأميركي، وتحرص على الظهور الدائم أمام تجمعات كبيرة، مما يجعلها أقرب في أسلوبها إلى الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.