الغاز الروسي يودع أوروبا مع توقف العبور عبر أوكرانيا
10:27 - 01 يناير 2025توقفت إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا الأربعاء في أول أيام العام الجديد مما يسدل الستار على هيمنة موسكو على الإمدادات في سوق الغاز الأوروبية لفترة طويلة.
وتم إغلاق أقدم طريق لتصدير الغاز الروسي إلى أوروبا، وهو خط أنابيب يعود تاريخه إلى حقبة الاتحاد السوفيتي، في نهاية 2024 مع انتهاء اتفاقية عبور مدتها خمس سنوات بين روسيا وأوكرانيا.
وقال وزير الطاقة الأوكراني جيرمان جالوشينكو في بيان "أوقفنا عبور الغاز الروسي. هذا حدث تاريخي. روسيا تخسر أسواقها، وستتكبد خسائر مالية. اتخذت أوروبا بالفعل قرار التخلي عن الغاز الروسي".
وكان من المتوقع وقف تدفقات الغاز في ظل الحرب التي بدأت في فبراير 2022. وأصرت أوكرانيا على أنها لن تمدد الاتفاقية وسط الصراع العسكري.
وقال مصدر في القطاع إن غازبروم افترضت العام الماضي أن الغاز لن يمر عبر أوكرانيا، والذي يمثل ما يقرب من نصف إجمالي صادرات الغاز الروسية عبر خطوط أنابيب إلى أوروبا.
ولا تزال روسيا تصدر الغاز عبر خط أنابيب "ترك ستريم" في قاع البحر الأسود. ويحتوي الخط على فرعين، أحدهما للسوق المحلية التركية والآخر لتزويد العملاء في وسط أوروبا، مثل المجر وصربيا، بالغاز.
من جانبها، قالت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم الأربعاء في بيان على تليغرام، "بسبب رفض الجانب الأوكراني مرارا وبكل وضوح تجديد هذه الاتفاقيات، حُرمت جازبروم من القدرة الفنية والقانونية على توريد الغاز عبر الأراضي الأوكرانية اعتبارا من أول يناير 2025".
وأضافت "لا يورد الغاز الروسي عبر الأراضي الأوكرانية بدءا من الساعة الثامنة بتوقيت موسكو (0500 بتوقيت غرينتش)".
وذكرت وزارة الطاقة الأوكرانية أيضا أن مرور الغاز الروسي عبر أوكرانيا "توقف لمصلحة الأمن القومي".
وستخسر أوكرانيا بذلك نحو 800 مليون دولار سنويا قيمة رسوم تدفعها روسيا، كما ستخسر جازبروم نحو خمسة مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
وقلص الاتحاد الأوروبي اعتماده على الغاز الروسي بشدة بعد اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022 من خلال البحث عن مصادر بديلة للغاز.
وجهزت باقي الدول التي لا تزال تشتري الغاز الروسي، مثل سلوفاكيا وجمهورية التشيك والنمسا، إمدادات بديلة ولا يتوقع محللون تأثيرا يذكر على السوق جراء توقف تدفق الغاز الروسي.
واستقرت أسعار الغاز الأوروبي عند التسوية الثلاثاء عند 48.50 يورو لكل ميغاوات في الساعة بزيادة طفيفة عن التداولات عند الفتح، وفقا لوكالة "رويترز"
ويحمل هذا التطور أهمية جيوسياسية أكبر بكثير لأن موسكو فقدت منذ حربها ضد أوكرانيا عام 2022 حصتها المهيمنة من إمدادات الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي لصالح منافسين مثل الولايات المتحدة وقطر والنرويج، مما دفع التكتل إلى خفض اعتماده على الغاز الروسي.
ومنيت شركة غازبروم المملوكة للدولة في روسيا بخسارة قدرها سبعة مليارات دولار في 2023 وحده، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999.
وبالنسبة لأوروبا، أدى تراجع إمدادات الغاز الروسي الرخيص إلى تباطؤ الاقتصاد بشكل كبير وارتفاع التضخم وتفاقم أزمة تكلفة المعيشة.
ورغم أن أوروبا سارعت لتوفير مصادر طاقة بديلة، فإن فقدان الغاز الروسي يزيد المخاوف من تراجع قدرتها التنافسية في العالم على المدى الطويل، ولا سيما تلك المتعلقة بمستقبل ألمانيا الصناعي.
تأثير حرب أوكرانيا
استغرقت روسيا والاتحاد السوفيتي نصف قرن للحصول على حصة رئيسية من سوق الغاز الأوروبية بلغت 35 بالمئة، لكن حرب أوكرانيا قضت على كل ذلك بالنسبة لشركة غازبروم.
وأُغلقت معظم طرق نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، ومن بينها خط يامال-يوروب عبر روسيا البيضاء وخط نورد ستريم في بحر البلطيق الذي تعرض للتفجير عام 2022.
وترفض أوكرانيا التفاوض على اتفاقية عبور جديدة.
وتتخلى أوكرانيا بذلك عن نحو 800 مليون دولار سنويا قيمة رسوم تدفعها روسيا، كما ستخسر شركة غازبروم نحو خمسة مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.
ومن غير المرجح أن يؤدي انتهاء أجل الاتفاقية إلى تكرار ما حدث في عام 2022 من ارتفاع لأسعار الغاز في دول الاتحاد الأوروبي لأن الكميات المتبقية قليلة نسبيا.
وشحنت روسيا نحو 15 مليار متر مكعب من الغاز عبر أوكرانيا في عام 2023، بما يمثل ثمانية بالمئة فقط من تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر طرق مختلفة في عامي 2018 و2019.
وقالت غازبروم إنها ستضخ 37.2 مليون متر مكعب من الغاز، الثلاثاء، مقارنة مع 42.4 مليون متر مكعب يوم الاثنين.
وذكرت الشركة الأوكرانية المختصة بعبور الغاز في وقت لاحق أن روسيا لم تطلب حتى الساعة 1500 بتوقيت غرينتش أي تدفق للغاز إلى أوروبا عبر خط الأنابيب الأوكراني في أول يناير.
وسيوجه وقف الإمدادات عبر أوكرانيا ضربة قوية لمولدوفا، الدولة التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي.
ولا تزال هنغاريا ودول أخرى تستقبل الغاز الروسي من الجنوب عبر خط أنابيب "ترك ستريم" في قاع البحر الأسود مع حرص هنغاريا على استمرار عمل الطريق الأوكراني أيضا.