هل يؤسس حزب العمال نقطة انطلاق جديدة للاقتصاد البريطاني؟
22:58 - 10 يوليو 2024ترى مجموعات الأعمال المؤثرة في المملكة المتحدة أن الحكومة الجديدة لحزب العمال البريطاني يتعين عليها أن تظل "مركزة بشكل دقيق" على الاستفادة من العلامات الإيجابية في الاقتصاد البريطاني وتحقيق النمو.
وفي أول مؤتمر صحافي له كرئيس للوزراء يوم السبت الماضي، تعهد كير ستارمر برئاسة "مجالس تنفيذ المهام" الجديدة "لدفع التغيير" وتنفيذ تعهدات حزب العمال التي تشمل تحفيز النمو الاقتصادي، والاستثمار في الطاقة النظيفة، وتحسين الفرص من خلال أجندة مهارات جديدة.
كبيرة الاقتصاديين في اتحاد الصناعة البريطاني (CBI)، لويز هيليم، قالت تعقيباً على ذلك، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة الغارديان:
- "ستنظر الشركات إلى الانتخابات العامة، والتفويض الواضح الذي تم منحه للحكومة الجديدة، كنقطة انطلاق جديدة للاقتصاد".
- "هذا يعني التطلع إلى الحكومة الجديدة للانطلاق بقوة والبقاء مركزة بشكل دقيق على تحقيق النمو".
- القرارات الصعبة التي نتخذها في وقت مبكر هي التي ستساعدنا على جذب الاستثمارات واغتنام فرص النمو وتنشيط عروضنا للمستثمرين العالميين.
جاءت تعليقاتها في الوقت الذي قالت فيه مجموعة الضغط التجارية إن البيانات الجديدة أظهرت نمو أعمال الخدمات المالية "بشكل قوي" في الربع الثاني من العام، وذلك بعد انتعاش قوي في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة ذاتها. وتتوقع الشركات المالية زيادة الأحجام بمعدل أسرع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وفقاً لأحدث مسح أجرته CBI للبنوك وشركات التأمين وشركات الاستثمار.
- استطلاعات أخرى أكدت أنباءً عن المزيد من الأخبار الاقتصادية الإيجابية التي تزامنت مع وصول ستارمر إلى داونينغ ستريت.
- ارتفعت ثقة الشركات في الربع الثاني من هذا العام، وفقاً لغرف التجارة البريطانية، حيث توقع 58 بالمئة من الشركات زيادة في حجم أعمالها في الأشهر الـ 12 المقبلة.
وقالت غرفة التجارة البريطانية إن مسحها ربع السنوي للشركات - غالبيتها من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم - أظهر أن ظروف العمل تعود إلى مستويات ما قبل الوباء، عند قياسها من حيث المبيعات والتدفق النقدي.
خطة اقتصادية طويلة الأجل
نقلت الصحيفة البريطانية عن المديرة العامة لـ BCC شيفون هافيلاند، قولها: "رسالتنا للحكومة الجديدة واضحة.. نحن بحاجة إلى خطة اقتصادية طويلة الأجل تركز على التحول الأخضر، مع قوة عاملة مناسبة للمستقبل، وتستقر في أماكن محلية مزدهرة ومدعومة بشركات تواجه التحديات العالمية وتمكنها التكنولوجيا الرقمية"، مشددة على أن "قطاع الأعمال على استعداد للعمل بالشراكة مع الحكومة للاستفادة من العلامات الإيجابية التي تظهرها البيانات".
وأشارت دراسة منفصلة، وهي تقرير الوظائف في المملكة المتحدة الذي أجرته شركة المحاسبة KPMG واتحاد التوظيف والتوظيف (REC)، إلى أن المملكة المتحدة شهدت أسرع ارتفاع في الأجور الدائمة منذ ثمانية أشهر.
وقال الرئيس التنفيذي لـ REC نيل كاربيري إن الحكومة الجديدة كانت واضحة في أن النمو والازدهار سيكونان هدفها الأساسي، مضيفاً: "لكن الشركات وحدها هي القادرة على تحقيق ذلك لهم.. وبالتالي فإن الشراكة ضرورية".
وأضاف: "إن العمل مع الشركات للتأكد من تنفيذ الصفقة الجديدة للعمال بطريقة يمكن للشركات تبنيها، والتي تدعم المرونة التي يحتاجها العمال وأصحاب العمل، أمر لا مفر منه".
صندوق الثروة
وجاءت التعليقات الإيجابية والدعوات لإقامة شراكات مع القطاع الخاص في الوقت الذي من المقرر أن يقدم فيه محافظ بنك إنكلترا السابق تقريراً إلى وزارة الخزانة هذا الأسبوع بشأن إنشاء صندوق ثروة وطني.
وكان مارك كارني، الذي كان محافظ البنك المركزي بين عامي 2013 و2020، يقود فريق عمل يقدم المشورة للمستشارة الجديدة راشيل ريفز بشأن إنشاء الصندوق الجديد، ومن المتوقع أن يتم نشر نتائجه يوم الثلاثاء.
ويعد صندوق الثروة الوطنية أحد أكبر العناصر الفردية في تعهد حزب العمال لتحفيز الاقتصاد وتعزيز الجهود الرامية إلى معالجة أزمة المناخ، إلى جانب شركة Great British Energy، وهي شركة توليد الطاقة المخطط لها.
من المقرر أن يستثمر صندوق الثروة السيادية 7.3 مليار جنيه إسترليني (نحو 9.4 مليار دولار) خلال فترة البرلمان:
- 8 مليار جنيه إسترليني للموانئ.
- 5 مليار جنيه إسترليني للمصانع العملاقة.
- 5 مليار جنيه إسترليني للصلب النظيف.
- مليار جنيه إسترليني لاحتجاز الكربون.
- 500 مليون جنيه إسترليني للهيدروجين الأخضر.
وقد تعرض الصندوق لانتقادات لكونه صغير الحجم وضيق نطاق الاستثمارات التي يمكنه القيام بها - وسيتم منحه هدف جذب ثلاثة أضعاف رأس المال الخاص الذي يستثمره.
وتقول حكومة حزب العمال إن الصندوق، إلى جانب خطط عزل المنازل، سيساعد في خلق أكثر من 650 ألف فرصة عمل في قطاعات مثل الكهرباء والسباكة والهندسة.
ثورة صامتة
من لندن، يقول الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الحزب "سيشكل ثورة صامتة لإعادة بناء البلاد من جديد"؛ فهذا الحزب تاريخياً تقوم أسسه على العدالة الاجتماعية والاستثمار في القطاع العام وتقليص التفاوت الطبقي.
ويتابع: أهم ما في أجندة الحزب -على المستوى الدولي- هي إعادة مؤسسات التعاون الاقتصادي مع أوروبا، والاتجاه لتوقيع اتفاقات تجارية حرة مع الهند، وبعض الدول المهمة، ذلك إلى جانب تعزيز التعاون مع الصين، بما لا يتعارض مع العلاقات مع الولايات المتحدة.
وعلى الصعيد الوطني، يأتي تصحيح الخلل في مؤسسات الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والإسكان، علاوة على زيادة الإنفاق لمعالجة ترهل الاقتصاد وتراجع مكانة البلاد عالمياً، بحسب القاسم.
ويشدد الخبير الاقتصادي على أنه من خلال نظرة على ملامح برنامج الحزب الاقتصادي تُكشف آليات التغيير التي ينشدها، وهي: التزامه بعدم زيادة ضريبة الدخل.. وخلق ما سماه صندوق الثروة الوطني من أجل الاستثمار، وخلق نحو 650 ألف وظيفة في الصناعات المستقبلية، إضافة إلى محورية الاستثمار في الطاقات النظيفة، وتقليص بصمة البلاد الكربونية.
ويشير الخبير الاقتصادي، إلى اتجاه الحزب لبناء 1.5 مليون منزل كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية خلال السنوات العشرة المقبلة، وفي مجال العمالة هناك مسعى لتوظيف 6500 معلم جدد في المواد الرئيسية، وكذلك توظيف 8500 موظف جديد في قطاع الصحة.
وفي مجال الضرائب هناك اتجاه لزيادة المداخيل الضريبة بأكثر من 8 مليارات جنيه إسترليني؛ من خلال الحد من التهرب الضريبي خاصة لغير المقيمين في البلاد، وفق القاسم.
تعويل على "راشيل ريفز"
بدوره، يؤكد الباحث المقيم في لندن، عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن راشيل ريفز أصبحت وزيرة للخزانة، وكانت من قبل مسؤولة في بنك إنكلترا، ولها خبرات اقتصادية واسعة، وتسعى لتنفيذ حزمة من الإصلاحات،في ضوء الطموحات الكبيرة لدى حزب العمال في إصلاح الاقتصاد.
ودخلت ريفز التاريخ عندما أصبحت أول امرأة تتولى منصب وزيرة للخزانة في بريطانيا، حاملة معها وعدًا كبيرًا بالتغيير في صنع السياسات الاقتصادية والمالية على أعلى المستويات.
ويتابع: "وزيرة الخزانة تتبنى استراتيجيات واسعة لتشجيع للاستثمار ومراقبة النفقات، وقد طلبت تقييماً لما تم إنفاقه في الـ 14 سنة الماضية تحت حكم المحافظين، كما أنها قدمت عديداً من التعهدات، بما في ذلك تسهيل تصاريح البناء على سبيل المثال"، مشدداً على أنها تسعى إلى استعادة لندن كوجهة جاذبة للاستثمارات بشكل واسع، وهي في سبيل ذلك ستُرجع الحكم إلى المركزية أكثر من المحلية، أي أن المحليات التي ترغب في أي شيء ينبغي أن تحصل على تصريح من نائب رئيس حزب العمال.
وقالت ريفز، بحسب تقرير نشره موقع The Conversation إنها تعتقد أن الفرصة تأتي مصحوبة بمسؤولية كبيرة "ويشمل ذلك أن نثبت للنساء الأخريات أنه لا ينبغي أن تكون هناك حدود لطموحاتهن"، بحسب تعبيرها.
وقالت أيضاً إن من واجبها دفع التقدم لصالح المرأة، وسد الفجوة في الأجور بين الجنسين، والتي تبلغ حاليًا 14.3 بالمئة، بالإضافة إلى أنها ترغب في جعل العمل المرن هو القاعدة. كما أضافت ريفز أن أكبر التزام لها هو "إعادة الاستقرار إلى الاقتصاد"، وقد وعدت بالالتزام بالقواعد المالية التي تضمن انخفاض الديون.