تطورات دراماتيكية في انتخابات أميركا.. ماذا تعني للمستثمرين؟
10:50 - 23 يوليو 2024تعد الانتخابات الرئاسية الأميركية حدثاً محورياً على الساحة الدولية؛ لا سيما بالنسبة للمستثمرين حول العالم، مع تتبع الأسواق المالية بشكل دقيق تطورات الماراثون الانتخابي في الولايات المتحدة، إذ يمكن للتغيرات السياسية أن تؤثر بشكل كبير على القرارات الاستثمارية والاستراتيجيات الاقتصادية.
في الأسابيع الأخيرة، شهد الماراثون الانتخابي تطورات دراماتيكية أثارت قلق المستثمرين وأثرت على تحركات الأسواق، بداية من المناظرة الرئاسية وما أثارته من ردود فعل مختلفة بشأن أداء الرئيس جو بايدن، ووصولاً إلى تنحي الرئيس الأميركي عن خوض المنافسة.
أحدث انسحاب بايدن من السباق الرئاسي إرباكاً في الأوساط السياسية والاقتصادية على حد سواء. كما أن قراره بدعم نائبة الرئيس كامالا هاريس في السباق الانتخابي أثار تساؤلات حول الاتجاه المستقبلي للسياسات الاقتصادية.
هذه التطورات تدفع المستثمرين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم، حيث يعتبر البعض أن دخول هاريس المتأخر قد يؤثر على فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات.
الأسواق المالية حساسة بشكل كبير للتغيرات السياسية، حيث يمكن لسياسات الإدارة الجديدة أن تؤثر على مجالات مثل الضرائب والتجارة والتنظيمات المالية.
وبالنسبة للمستثمرين حول العالم، تعني هذه التطورات ضرورة متابعة الأخبار السياسية والاقتصادية عن كثب، والتكيف مع التغيرات المحتملة في السياسات الأميركية، إذ يمكن للتغيرات في الإدارة الأميركية أن تؤثر على الاقتصاد العالمي بطرق متنوعة، بدءاً من التجارة الدولية وصولاً إلى السياسات النقدية. لذا، فإن المستثمرين بحاجة إلى استراتيجيات مرنة وقادرة على التكيف مع هذه البيئة المتغيرة لضمان حماية استثماراتهم وتحقيق أفضل العوائد الممكنة.
في هذا السياق، ذكر تقرير لـ "جي بي مورغان"، أن الضغوط المتزايدة من الحزب الديمقراطي على الرئيس الأميركي، جو بايدن، أدت لاتخاذه القرار الأصعب بالنسبة له، وهو قرار الانسحاب من السباق الرئاسي رسمياً، في حين أيد نائبته كامالا هاريس كمرشحة جديدة، فيما لا يزال الديمقراطيون يتمتعون بفرصة اقتراح مرشح مختلف.
فما الذي تعنيه تلك التطورات الدراماتيكية التي يشهدها ماراثون الانتخابات الأميركية، وحالة "عدم اليقين" تبعاً لذلك بالنسبة للمستثمرين؟
- في حين لا يزال هناك الكثير من المجهول، فإن المسار المحتمل للمضي قدماً هو التصويت الافتراضي بالنداء بالأسماء لتأكيد مرشح جديد قبل عقد المؤتمر الوطني الديمقراطي من 19 إلى 22 أغسطس.
- كما هي الحال الآن، تشير أسواق التنبؤ وتأييد بايدن إلى أن نائبة الرئيس كامالا هاريس هي المرشحة الرئاسية المفترضة للحزب الديمقراطي.
- من منظور الحملة والسياسة، لا نتوقع أن يختلف برنامج هاريس كثيراً عن برنامج بايدن.
- مع ذلك، نعتقد بأن ترشح هاريس قد يجعل الانتخابات أكثر تنافسية مرة أخرى.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للمستثمرين؟
وبخصوص ما تعنيه تلك التطورات الحافلة التي يشهدها السباق الانتخابي في الولايات المتحدة الأميركية، بالنسبة للمستثمرين، فإن:
- الأسواق لا تحب حالة عدم اليقين.
- من المرجح أن يكون جزء من القوة التي اكتسبتها الأصول الخطرة خلال الصيف راجعاً إلى زيادة احتمالات فوز الجمهوريين.
- لن نتفاجأ إذا شهدنا المزيد من الاضطرابات مع تطور السباق الرئاسي.
ويضيف: "بخلاف ذلك، فإننا نشجع المستثمرين على التركيز على ما يبقى على حاله (في إشارة للأصول المستقرة)"، مشدداً على أنه من المرجح أن يستمر الإنفاق على الأمن (الطاقة والإنترنت وسلسلة التوريد والدفاع التقليدي) بغض النظر عن نتيجة الانتخابات.
وبحسب جي بي مورغان، فإنه:
- "لهذا السبب فإن الاستثمار في بناء البنية الأساسية الناتجة عن ذلك هو أحد أكثر الأفكار إقناعا لدينا".
- على نحو مماثل، من المرجح أن يظل الدين والعجز الوطنيان على مسار صعب في ظل أي من الحزبين، وهو ما يؤكد على الحاجة إلى التركيز على الكفاءة الضريبية في المحافظ الاستثمارية.
حالة عدم اليقين
وفي السياق، نقل تقرير لـ GOBankingRates، عن الرئيس التنفيذي لشركة إمباكت هيلث يو إس إيه، غوش تومسون، قوله "المستثمرون يفضلون عموماً الاستقرار والقدرة على التنبؤ، ومثل هذا التحول السياسي الكبير من شأنه أن يعطل كليهما".
كما ذكر مؤسس شركة WinCap Financial والرئيس التنفيذي لها، مايكل كولينز، أنه قد تكون هناك زيادة في حالة عدم اليقين والتقلبات في السوق بسبب التغيير في القيادة، إذ يشعر المستثمر أن انسحاب بايدن من شأنه أن يضمن تقريباً فوز ترامب.
واستطرد: "قد يتفاعل المستثمرون بشكل مختلف أيضاً اعتماداً على من يصبح المرشح الأوفر حظاً للحزب الديمقراطي وسياساتهم المتصورة تجاه الأعمال والاقتصاد".
بينما اعتبر المحلل المالي المعتمد والمدير التنفيذي للاستثمار في أوريون، تيموثي هولاند، أن "البديل الأكثر ترجيحاً لبايدن"، هاريس، قد يُنظر إليه على أنه مرشح أضعف ضد ترامب. ومع ذلك "قد يكون ذلك داعماً للأسهم الأميركية مع بدء وول ستريت في التفكير في وتسعير خلفية السياسة المالية التي تتضمن تمديد التخفيضات الضريبية لترامب والإنفاق الحكومي التدريجي، وخاصة على الجيش".
وقال هولاند أيضاً إن مثل هذا المزيج قد يكون محفزاً للاقتصاد وأرباح الشركات على الأمد القريب إلى المتوسط، مما يساعد في دفع أسعار الأسهم إلى الارتفاع.
وأضاف: "مع ذلك، فإن تسارع النمو الاقتصادي قد يدفع التضخم إلى الارتفاع في الأمد البعيد، مما يجبر الفيدرالي على التحول من تخفيضات أسعار الفائدة (المتوقعة) في عام 2024 إلى رفع أسعار الفائدة في عام 2025 أو 2026".
الذهب والفضة والعملات المشفرة
ووفقاً لبيتر إيرل، وهو كبير الاقتصاديين في المعهد الأميركي للبحوث الاقتصادية، فإن:
- معظم ردود الفعل التي تلي ذلك سوف تعتمد على المرشح المحدد.
- ستكون هناك حالة من عدم اليقين إلى أن يتم ترشيح هذا الفرد وقبول الترشيح، وهو ما يميل إلى أن يكون جيدا للذهب والفضة.
- مع عدم اليقين بشأن من سيكون المرشح، سيسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن حتى يتمكنوا من تقييم ما إذا كان البديل لبايدن سيستمر أم لا أو سينكسر من سياسات الضرائب المرتفعة (وربما الأعلى) والمزيد من التنظيم والمزيد من التدخل الحكومي لإدارة بايدن.
- حتى يتسنى تحديد ذلك، فمن المرجح أن يتم البحث عن مخازن القيمة.
وبحسب ستيفاني فوجان، المؤسس المشارك لشركة فيدا ، فإن تلك التطورات الأخيرة قد تسهم لاحقاً في ارتفاع في أسواق العملات المشفرة في أعقاب انسحاب بايدن. وقالت: "إن السبب الرئيسي وراء ذلك هو أن رئاسة ترامب ستكون أكثر إنتاجية بكثير تجاه النظام البيئي للعملات المشفرة ككل".
سيناريوهات صعبة
كبير الاقتصاديين بشركة ACY ، نضال الشعار ، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الولايات المتحدة الأميركية تشهد وضعاً استثنائياً على صعيد سيناريو الانتخابات الرئاسية، مستعرضاً عدداً من النقاط الأساسية لبيان توقعات وتداعيات تلك الانتخابات، على النحو التالي:
- لابد من توصيف الوضع الحالي لرئيس تمت تجربته من قبل وهو ترامب الذي يمتاز بمزيج فريد من الذكاء التجاري والعفوية والعشوائية وفي بعض الأحيان العدائية، والتي لابد أن تنعكس على الوضع الاقتصادي ليس فقط في الولايات المتحدة الأميركية بل نطاق أوسع من ذلك وبشكل خاص تجاه الصين والاتحاد الروسي.
- تاريخياً، الحزب الجمهوري هو حزب صديق لقطاع الأعمال والتصنيع ودعم رجال الأعمال وتقليص تدخل الحكومة، لكن مع ظهور توترات جيوسياسية هذا الاتجاه أصبح غير واضح ومتقلب في أغلب الأحيان.
- لا شك أن قضية المهاجرين ستأخذ حيز واسع في أروقة الكونغرس الأميركي والحكومة، بالإضافة إلى ملف الضرائب سواء انخفاضاً أو ارتفاعاً على قطاعات وشركات معينة، فسوف تشغل حيزاً كبيراً من صانعي السياسة الأميركية.. منا يشار هنا كذلك إلى الضرائب التي يقترحها حالياً ضد الصين ودول أخرى.
- تقدم ترامب في مسار الانتخابات أمر متوقع.. وقامت الأسواق بتسعير هذا التوقع ارتفاعاً.
- النقطة الفاصلة ستكون عندما يبدأ فريقه الاقتصادي بوضع تفاصيل تنفيذ خططه الاقتصادية ورؤيته فيما يخص بالتجارة الدولية.
ويشير الشعار إلى أنه في حال صبت الخطة الاقتصادية التي سيفصح عنها قريباً ترامب في صالح الشركات العملاقة ومع احتمال حدوث تغيير في بعض الشركاء التجاريين، فإن الأسواق سترحب بذلك ولكن ليس لوقت طويل؛ لأن الدورة الاقتصادية ستأخذ اتجاه الركود الذي تتوقعه الأغلبية، وهو الاتجاه الذي لن تستطيع الإدارة الأميركية الجديدة تجنبه على الأغلب.
تقلبات الأسواق
ويُتوقع على نطاق واسع أن تشهد الأسواق مزيداً تقلبات واسعة خلال الشهور المقبلة، ليس فقط بسبب التحولات الدراماتيكية التي تشهدها الانتخابات الأميركية، إنما لعوامل مختلفة أخرى بالتزامن معها، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية وتأثيراتها الممتدة، وانعكاس ذلك على المستثمرين حول العالم.
وفي هذا السياق، يوضح رئيس الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أنه:
- "بعد المناظرة الرئاسية في يونيو الماضي، كانت لترامب الأفضلية، وهذه الأفضلية (التي تؤكدها استطلاعات الرأي) استمرارها مرهون بمعرفة من سيكون المرشح الديمقراطي الذي سيخلف ترامب، وهل ستكون كامالا هاريس أم سيكون هناك مرشح آخر".
- حتى يوم الخامس من شهر نوفمبر المقبل (موعد إجراء الانتخابات الأميركية) ستظهر علامات كثيرة تؤثر على تقلبات الأسواق، إحداها هي الانتخابات الأميركية وتطوراتها لا شك.
- ننتظر مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي سوف يعلن فيه من المرشح الذي سيحصل على بطاقة الترشح عن الحزب.
ومن العوامل التي يحددها يرق كمؤثر على الأسواق خلال الفترة المقبلة، قبل الانتخابات الأميركية، اجتماع الفيدرالي الأميركي في سبتمبر، حيث تشير التوقعات إلى بدء خفض الفائدة، وهو ما يؤثر على تقلبات الأسواق خلال الفترة الحالية، بالإضافة إلى نتائج الشركات (عن الربع الثاني من العام الجاري 2024)، والتي بدأت في الصدور تباعاً، هي من العوامل التي تؤثر أيضاً على الأسواق.
ويضيف إلى ذلك بيانات التضخم في الولايات المتحدة، ومدى إمكانية محافظتها على الانخفاض (..) علاوة على تأثير التطورات الجيوسياسية المتعددة، التي تسهم في تقلبات السوق أيضاً.
ويختتم يرق حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" بالإشارة إلى أنه: "لا نستطيع أن ننكر أن هوية الرئيس الأميركي القادم من ضمن العوامل التي تؤثر في السوق بشكل مباشر.. ترامب مع كل السياسات التي يقدمها مثل تخفيض الأرباح على الشركات والسياسات التوسعية وموقفه من الإنفاق الحكومي الزائد (وموقفه فيما يخص التعريفات الجمركية) هي عوامل مؤثرة".