رؤى طموحة لصناعة الدراما العربية وسط تحديات تمويلية
07:17 - 06 مايو 2025
من شاشات العرض إلى عالم الأرقام، تواصل صناعة الدراما إثبات نفسها كواحدة من أكثر القطاعات ديناميكية وربحية في الاقتصاد الإبداعي العالمي.. واللافت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد نمواً متسارعاً في هذه الصناعة التي لا تكتفي بتأثيرها الثقافي، بل تمتد لتصبح محرّكاً اقتصادياً ضخماً بعائدات تُقاس بمليارات الدولارات.
تقدر قيمة سوق صناعة الأفلام والفيديو عالمياً بنحو 328 مليار دولار، وسط توقعات بارتفاعها إلى 418 ملياراً بحلول العام 2028، مدفوعةً بطفرة في الطلب على المحتوى الرقمي، وتوسع المنصات العالمية والمحلية. لكن خلف هذه الأرقام، تقف تحديات تمويلية وتوزيعية وهيكلية.
ولإلقاء الضوء على الحجم الهائل لسوق صناعة الأفلام والفيديو عالميًا، فإن:
الإيرادات المتوقعة لهذا العام تبلغ نحو 328 مليار دولار، مع توقعات بنمو مطرد ليصل إلى 418 مليار دولار في غضون أربع سنوات فقط. هذا النمو اللافت يشمل مختلف أشكال الإنتاج المرئي، من الأفلام السينمائية الضخمة إلى المسلسلات التلفزيونية المتنوعة ومقاطع الفيديو الرقمية التي غزت حياتنا اليومية.
- شهدت هذه الصناعة في العام 2024 وحده، إنتاج حوالي 5200 عمل فني على مستوى العالم
- التلفزيون التقليدي لا يزال يحتفظ بحصة الأسد في عرض هذه الأعمال، حيث استحوذ على 73 بالمئة منها، بينما تم بث 27 بالمئة منها عبر المنصات الرقمية الصاعدة بقوة.
- 699 ألف فيلم حجم الأفلام التي تم إنتاجها عالمياً على مدار المئة عام الماضية
- يوجد حوالي 130 ألف شركة إنتاج وتوزيع سينمائي حول العالم، تتصدرها أسماء عملاقة مثل والت ديزني، وورنر براذرز، وسوني بيكتشرز، ويونيفرسال، التي تملك القدرة على تشكيل توجهات السوق وتحديد معاييره.
- تحقق هذه الصناعة 14 مليون و200 ألف وظيفة حول العالم، ما يؤكد دورها الحيوي في خلق فرص العمل ودعم الاقتصادات المختلفة.
- تشير التوقعات إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ستحقق إيرادات تصل إلى 3 مليارات و600 مليون دولار بحلول العام 2028، وهو رقم يعكس الإمكانات الهائلة التي تحملها هذه الأسواق الصاعدة.
حجم دراما رمضان يتراوح بين 125 و150 مليون دولار
وحول هذه الصناعة وفرص نموها عربيًا، تحدث المنتج صادق الصباح، رئيس مجلس إدارة شركة سيدرز آرت برودكشن Cedars Art Production، مع برنامج "بزنس مع لبنى"، على قناة سكاي نيوز عربية، عن الفرص والتحديات التي تواجه شركات الإنتاج العربي، ورؤيته لتحويل الفن إلى استثمار مستدام. ومدى إمكانية إدراج شركات الإنتاج العربي في البورصات الإقليمية.
في البداية أكد على أن:
- الإنتاج الدرامي والسينمائي يحمل مسؤولية كبيرة، كما أنه فهو لا يمكن أن يكون موجهاً بشكل مباشر فقط، بل يجب أن يجمع بين والتسلية والتشويق، ويتم تمرير الرسالة أو الهدف بطريقة سلسة ومبسطة.
- اختلاف أذواق الأسواق العربية، فما يحظى بالقبول في منطقة الخليج قد لا يكون بالضرورة مقبولًا بنفس القدر في بلاد الشام أو مصر، باستثناء شهر رمضان الذي يشهد تقارباً في أنواع المسلسلات التي تستقطب شرائح واسعة من الجمهور العربي.
وقدّر حجم سوق دراما رمضان بما يتراوح بين 125 و150 مليون دولار، وهي تقديرات أقل من تقديرات أخرى متداولة. كما قدّر حصة شركة الصباح من إجمالي الإنتاجات العربية، بما يتراوح بين 10 و12 بالمئة.
وأشار إلى أن السوق تشهد تطوراً ونمواً، لكن المنصات العربية لا تزال لا تفتح فرصاً كبيرة للإنتاجات ذات الميزانيات الأعلى، بينما تضع المنصات الأجنبية معايير محددة لأنواع الأعمال التي تعرضها. مؤكداً "الوضع ليس بالسهولة التي يتصورها البعض بالنسبة لشركات الإنتاج العربية".
تحديات صناعة الدراما العربية
ثم تطرق الحديث إلى التحديات التي تواجه صناعة الدراما، ومنها حجم الأرباح الحقيقية. وأوضح أن الشركة لا تقيس النجاح على عمل منفرد، بل على مجمل إنتاجات العام بأكمله، حيث قد تحقق بعض الأعمال أرباحاً متواضعة بينما تعوضها أعمال أخرى تحقق نجاحاً كبيراً؛ خاصة مع التنوع الجغرافي لإنتاجات شركة الصباح في مختلف الدول العربية. وأشار إلى أن طموحاتهم المبدئية تصل إلى تحقيق نسبه 20 بالمئة من كأرباح.
وتطرق إلى قضية التمويل، التي تعد تحدياً مشتركاً يواجه مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك صناعة الدراما.. وحول أسباب عدم وجود مستثمرين في الشركة أو في المشاريع الفردية، وعن عدم طرح الشركة للاكتتاب العام ، أكد رئيس مجلس إدارة شركة سيدرز آرت برودكشن أنهم بصدد دراسة هذا الموضوع بعمق من خلال شركة استشارات اقتصادية جديدة. مردفاً:
- نفضل الحذر وعدم دعوة أي مستثمر للمشاركة في مشروع لا نضمن ربحه، خاصة مع حجم الإنتاج السنوي الكبير للشركة.
- فكرة طرح جزء من أسهم الشركة للاكتتاب العام واردة جداً، خاصة مع النهضة السريعة التي تشهدها صناعة الإنتاج الدرامي والسينمائي منذ عام 2020
- نراقب السوق حاليًا لتحديد الطريقة المثلى لجذب مستثمرين جدد إلى الشركة.
طرح 10-15% من أسهم الشركة
وفيما يتعلق بالطريقة التي يفكرون بها لجذب الاستثمار، سواء على مستوى إنتاج مشاريع فردية أو الشركة ككل، أكد صادق أنهم يفكرون في كلا الاتجاهين. وأشار إلى تجربتهم السابقة في تجميع عدة مسلسلات في "بندلز" أو حزم وعرضها على بعض الأصدقاء والأقارب للاستثمار فيها، وأن هذه التجربة حققت نتائج جيدة تراوحت بين 8 و15 بالمئة كعائد على الاستثمار، وهو رقم ممتاز في ظل الظروف الاقتصادية الحالية وتراجع قيمة النقد.
وأضاف أنهم يفكرون حاليًا في إمكانية طرح 10-15 بالمئة من أسهم الشركة لسببين رئيسيين:
- الأول هو إعطاء الشركة حجمها المؤسسي في السوق وعدم اقتصارها على كونها شركة عائلية فقط، على الرغم من اعتزازهم بهذا الجانب وتجهيز الجيل الرابع لتولي المسؤولية.
- السبب الثاني فهو زيادة إمكانيات الشركة لتحقيق أرباح أكبر، والوصول إلى طموحات تتجاوز 20 بالمئة لتصل إلى 30 بالمئة، وهو ما يتطلب تدفقات نقدية أكبر.
- وهذا الأمر مرتبط بتوقيت البيع وتوقيت الارتباط مع المحطات.
سوق الإدراج
وبسؤاله عن المكان المحتمل لإدراج الشركة إذا ما تم طرح جزء من أسهمها، سواء في البورصات العالمية أو العربية، نظرًا لمكانتهم البارزة في المنطقة، أوضح صادق أن الخطوة الأولى ستكون إدخال مستثمر معهم، أما الخطوة الثانية فهي الإدراج في الأسواق العربية، وتحديدًا في أسواق أبوظبي أو الرياض.. ومن ثم يمكن البناء على هذه الخطوة بالإدراج في بورصات عالمية.
وحول مواصفات المستثمر المحتمل ودوره، أوضح أنه سيكون مستثمرًا مهتمًا بالأرقام المتوقعة لسوق الإنتاج في عام 2028، ولديه اهتمام بشركة إنتاج تتمتع بآفاق واسعة نظرًا لتعدد طرق الجذب المالي المتاحة. وأشار إلى أن وجود تدفق نقدي جيد يتيح تحقيق أرباح أكبر، خاصة مع تطور طرق الإعلان نحو دمج المنتجات في الأعمال الدرامية، وتنوع طرق البث عبر المنصات المختلفة، مع بقاء التلفزيون التقليدي محافظًا على مكانته.
المنصات الرقمية ستقلب المعادلة
وفي تعليقه على نسبة الـ 27 بالمئة للمنصات الرقمية و73 بالمئة للتلفزيون التقليدي، توقع صادق أن هذه النسبة ستنقلب في السنوات القادمة على مستوى العالم، خاصة مع توجه أهم المحطات العربية التي يتعاونون معها نحو الاستثمار بشكل أكبر في المنصات الرقمية.