زلزال الرسوم يُسقط الأسواق العربية في المنطقة الحمراء
10:39 - 07 أبريل 2025
تواصل الأسواق العربية تراجعاتها، خلال تعاملات الاثنين 7 أبريل؛ وذلك بعد محصلة حمراء جديدة للمؤشرات الرئيسية في تعاملات مستهل الأسبوع، تحت ضغط من تداعيات "زلزال الرسوم الجمركية" الأميركية الذي هزّ أسواق الأسهم حول العالم، وأثار حالة من الذعر في أسواق المال، وسط تساؤلات مفتوحة حول السيناريوهات التالية.
ومع تمسك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بفرض وتطبيق الرسوم، وهو ما يظهر خلال التصريحات المختلفة لأكثر من مسؤول أميركي في الساعات الأخيرة، بما في ذلك ترامب نفسه، فإن الأسواق التقطت الإشارة بمزيدٍ من القلق، مواصلة تراجعاتها في جلسة أخرى خاسرة.
- قال ترامب مساء الأحد عن عمليات البيع في السوق: "لا أريد أن ينخفض أي شيء، ولكن في بعض الأحيان يتعين عليك تناول العلاج لإصلاح شيء ما"، مضيفاً: "لدينا عجز تجاري بقيمة تريليون دولار مع الصين، ونخسر مئات المليارات سنوياً مع الصين. وما لم نحل هذه المشكلة، فلن أبرم أي اتفاق".
- صرّح وزير التجارة هوارد لوتنيك لشبكة "سي بي إس نيوز" بأنّ الرسوم الجمركية لن تُؤجّل. وأضاف: "الرسوم الجمركية قادمة.. وستبقى ساريةً بالتأكيد لأيام وأسابيع".
- أشار وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت لشبكة "إن بي سي نيوز" إلى أن أكثر من 50 دولة تواصلت مع الإدارة من أجل التفاوض، لكنه حذر من أنهم "كانوا جهات سيئة لفترة طويلة، وهذا ليس النوع من الأشياء التي يمكن التفاوض عليها في أيام أو أسابيع".
ومع تراجع احتمالات تراجع البيت الأبيض عن الرسوم الجمركية أو تأجيلها بشكل فوري، واصلت الأسواق تراجعاتها، بما في ذلك الأسواق العربية التي تكبدت في الجلسة السابق خسائر باهظة في سياق حالة عدم اليقين التي تنتاب الاقتصاد العالمي، ومع الضغوطات التي تُواجهها أسعار النفط، مع تراجع الخام الأميركي إلى ما دون الـ 60 دولاراً للبرميل خلال تعاملات الاثنين، وتراجع خام برنت إلى مستوى 63 دولاراً للبرميل تقريباً.
عدم يقين
من جانبه، يقول المستشار السابق لوزير المالية الكويتي، محمد رمضان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
- الأوضاع الحالية تتسم بحالة كبيرة من عدم اليقين، خاصة فيما يتعلق بالتصعيد الأخير في السياسات التجارية وفرض الرسوم.
- مدى استمرار هذا التصعيد أو توقيت التراجع عنه لا يزال غير معلوم، مما يترك الأثر الحقيقي لهذه الإجراءات غامضاً حتى الآن.
- "لا نعلم إلى متى ستستمر هذه الرسوم، هل لأسابيع أم لأشهر؟ وهل ستبرم اتفاقات معينة مع بعض الدول أو التكتلات كما حدث مع فيتنام، بحيث يتم إلغاء الرسوم من الطرفين؟" .
- "من غير الواضح أيضاً ما إذا كانت هناك صفقة مشابهة لما يحدث مع تطبيق تيك توك في علاقتها بالصين قد تفضي إلى تخفيف أو إلغاء الرسوم من قِبل الولايات المتحدة".
- "في ظل هذه الضبابية، نجد أن المستثمرين يتجهون لتقليل تواجدهم في أسواق المال، ويفضلون السيولة أو الأصول البديلة كالذهب.. وهذه حالة نموذجية لما تفعله حالة عدم اليقين في الأسواق".
ويضيف: "أي خفض للفائدة، إذا ما تم بأكثر مما هو متوقع في الأسواق، قد يساعد في تهدئة الأوضاع، إلا أن التنبؤ بما سيحدث في الأسابيع القليلة المقبلة يبقى أمراً بالغ الصعوبة، نظراً للتقلبات العالمية والتصعيد المستمر".
ويستطرد: "نشهد محاولات تسوية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وقد قامت فيتنام بخطوات مماثلة، لكن يبقى المجهول الأكبر هو موقف الصين والاتحاد الأوروبي، اللذين يشكلان اللاعبين الأهم في هذا المشهد. كما أننا نلاحظ تصرفات تصعيدية من كندا، ما يضيف المزيد من الغموض حول الاتجاه الذي ستتخذه الأمور في المستقبل القريب".
محصلة حمراء للأسواق العربية
- استهلت المؤشرات الإماراتية أولى تعاملات الأسبوع الجديد على تراجع؛ لتنضم (بعد العطلة الأسبوعية) إلى قائمة البورصات العربية التي سبقتها في الانخفاضات الحادة يوم الأحد.
- واصل المؤشر السعودي تراجعاته في مستهل تعاملات الاثنين، قبل أن يتحول بعد ذلك إلى اللون الأخضر. وذلك بعدما أنهى تعاملات الجلسة الأولى في الأسبوع يوم الأحد متراجعاً بنسبة 6.78 بالمئة، عند مستوى 11077.19 نقطة، بقيمة تداول 8.432 مليار ريال، وحجم تداول 450.173 مليون سهم. وقد شكل تراجع الأحد أكبر نسبة تراجع منذ جائحة كورونا.
- كذلك واصلت المؤشرات الكويتية خلال جلسة الاثنين، تراجعاتها لكن بمعدلات أقل، بعد انخفاض جماعي في جلسة مستهل الأسبوع تحت تأثير تداعيات الرسوم الجمركية على الأسواق حول العالم، وانخفاض أسعار النفط.
- في جلسة الأحد، سجل مؤشر السوق الأول في الكويت خسارة بنحو 5.69 بالمئة (عند مستوى 8106 نقطة)، كما انخفض مؤشر السوق العام بنسبة 5.16 بالمئة (عند مستوى 7587.9 نقطة).
- وفي الدوحة، تراجع مؤشر بورصة قطر يوم الأحد بنسبة 4.23 بالمئة، منهياً التعاملات عند 9800 نقطة، تحت ضغط من تراجع قطاع البنوك والخدمات المالية، واستمر خلال تعاملات الاثنين في المنطقة الحمراء.
- كذلك الحال بالنسبة لمؤشر البحرين العام الذي انخفض بنسبة 1 بالمئة (أو 19.42نقطة) يوم الأحد عند مستوى 1919 نقطة.
- مؤشر بورصة مسقط تراجع بنسبة 2.62 بالمئة، منهياً تعاملات الأحد عند مستوى 4252.6 نقطة.
عوامل رئيسية
من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي السعودي، عبدالله القحطاني، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن تأثير الرسوم الجمركية على أداء المؤشرات يعتمد على عدة عوامل؛ منها (مدة استمرار الرسوم، وردود الفعل التجارية من دول أخرى، علاوة على تكيف الشركات المحلية مع هذه التغيرات).
ويضيف:
- في المدى القصير، يمكن أن يؤدي فرض رسوم جمركية إلى تقلبات حادة في السوق نتيجة حالة عدم اليقين وزيادة تكاليف التصدير.
- على سبيل المثال، شهد مؤشر "تاسي" تراجعاً بنسبة 6.78 بالمئة يوم الأحد 6 أبريل 2025، وهو أكبر انخفاض يومي منذ سنوات، بسبب المخاوف من حرب تجارية عالمية وتأثير ذلك على أسعار النفط والصادرات.
- في المدى المتوسط إلى الطويل، يعتمد استمرار التأثير على قدرة الاقتصاد السعودي على تنويع مصادر إيراداته بعيداً عن الاعتماد على النفط، وعلى السياسات الحكومية لتخفيف الضغوط على الشركات المحلية.
- إذا استمر التصعيد التجاري أو أُدخلت رسوم مضادة من دول أخرى، قد يطول أمد الانخفاض في أداء المؤشرات، خاصة إذا تراجعت أسعار النفط أو انخفض الطلب العالمي على المنتجات السعودية.
ولجهة أكثر القطاعات الأكثر تضرراً، يوضح القحطاني، أن القائمة تضم القطاعات التالية:
- قطاع البتروكيماويات: يعتبر من أكثر القطاعات تأثراً؛ لأن الرسوم الجمركية تزيد تكاليف تصدير المنتجات مثل البلاستيك والكيماويات، خاصة إلى الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة.. كما أن شركات مثل "سابك" قد تواجه ضغوطًا على هوامش الربح إذا لم تتمكن من تمرير التكاليف الإضافية إلى المستهلكين.
- قطاع الطاقة: تراجع أسهم "أرامكو" بنحو 4.75 بالمئة في جلسة واحدة (الأحد) يعكس حساسية القطاع لتذبذب أسعار النفط الناتج عن التوترات التجارية.. أي انخفاض في الطلب العالمي أو تغيرات في سلاسل التوريد قد يفاقم الضرر.
- القطاع المصرفي: البنوك مثل "مصرف الراجحي" و"البنك الأهلي"، التي سجلت انخفاضات بنسبة 3.8 و6 بالمئة على التوالي، تتأثر بسبب مخاوف المستثمرين من تباطؤ النشاط الاقتصادي، مما قد يقلل الطلب على القروض ويزيد مخاطر التخلف عن السداد.
- قطاع الصناعات التحويلية: الشركات التي تعتمد على تصدير المنتجات المصنعة ستشهد ارتفاعاً في التكاليف التشغيلية، مما قد يضعف قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية.
ويتوقع أنه في الأيام المقبلة إذا تصاعدت التوترات التجارية، قد يستمر الضغط على المؤشرات مع تراجع ثقة المستثمرين. لكن على الجانب الآخر، إذا نجحت المملكة في تعزيز الأسواق المحلية أو إيجاد أسواق بديلة للتصدير، قد يخف التأثير تدريجياً. ذلك أن القطاعات الدفاعية مثل المرافق والأغذية قد تكون أقل تأثراً نسبياً، كما أظهرت بعض المكاسب في أسواق أخرى خلال أوقات الاضطراب.
البورصة المصرية
وفي مصر، هوى المؤشر الرئيسي بنسبة 3.34 بالمئة يوم الأحد، منيها التعاملات عند مستوى 30639 نقطة. واستكمل طريقه الهابطة خلال تعاملات الاثنين.
وفي هذا السياق، يشير خبير أسواق المال، ريمون نبيل، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى التأثيرات الواضحة التي تركتها التطورات العالمية الأخيرة، لا سيما قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بفرض رسوم جمركية جديدة، يوم الأربعاء، وتداعياتها على أداء الأسواق العالمية بشكل عام، والسوق المحلية بشكل خاص، موضحاً أن المؤشر الثلاثيني (الرئيسي) يتحرك حالياً قرب مستويات 30290 نقطة، معتبراً أن مستوى 30200 يمثل دعماً جيداً، وأن كسره يبدو غير مرجح في الوقت الراهن.
ورغم التأكيد على وجود ضغط بيعي واضح داخل السوق، خصوصاً في بعض الأسهم، يشير إلى أن حجم التداول المسجل أمس كان مرتفعاً رغم التراجع، وهو ما يعكس استمرار القوى البيعية في التأثير على السوق.
وعن أداء القطاعات، يلفت إلى أن القطاع العقاري لا يزال الأفضل، مستشهداً بأداء سهمي "مصر الجديدة" و"مدينة مصر"، اللذين لم يتأثرا بنفس الدرجة من التراجع الذي طال غالبية الأسهم، بخلاف القطاعين الصناعي والتجاري، اللذين يمكن أن تتأثرا بشكل واضح بالتطورات الجمركية العالمية، إضافة إلى التأثير السلبي القوي الذي طال معظم أسهم البتروكيماويات.
ويوضح أن السوق لم تنهِ بعد حركة التصحيح بشكل كامل، لكنه يرى أن الأسعار المسجلة في النصف الأول من جلسة اليوم قد تكون الأدنى خلال الجلسة، مع احتمالية تحسن الأداء في النصف الثاني من التعاملات.