شركات الدفاع الأميركية والأوروبية أمام اختبار الرسوم
08:23 - 10 أبريل 2025بينما تتصاعد التوترات الجيوسياسية وتتجدد السياسات الحمائية في الولايات المتحدة، تبرز الكثير من التساؤلات حول وضعية صناعة الدفاع الأميركية والأوروبية ومدى تأثرها بتلك المتغيرات، لا سيما مع الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أسبوع.
في الوقت الذي تفرض فيه إدارة ترامب تعريفات جديدة، يعتقد محللون بأن شركات الدفاع تتمتع بقدرٍ من الحصانة بفعل عقودها طويلة الأجل، وموقعها المحوري في الخطط الأمنية للدول، ومن ثم فإن أسهمها قد تبدو أكثر استقراراً من أسهم الصناعات الأخرى التي ترزح تحت ضغط الرسوم. لكن تقارير أخرى تشير إلى المخاطر التي تواجه أسهم الدفاع في ظل الأوضاع العامة التي تفرضها حرب الرسوم.
شركات الدفاع الأوروبية
بالنسبة لأوروبا على سبيل المثال، فقد نقل تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، عن رئيس أبحاث الطيران والدفاع لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في بنك أوف أميركا، بن هيلان، قوله:
- إن تأثير الرسوم الجمركية على أسهم شركات الدفاع الأوروبية من المرجح أن يكون "ضئيلاً".
- مستويات أسعار الأسهم الحالية تمثل "فرصة عظيمة" للمستثمرين.
- "ما شهدناه في أوروبا حالياً هو تغيير في العقلية، وأننا أصبحنا نتمتع برؤية واضحة.. لدينا الآن فترة نمو تتراوح بين خمس وعشر سنوات، ونحن نتجه نحو تحقيق 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي".
وتأتي تعليقاته في الوقت الذي يبدو فيه أن الإنفاق الدفاعي في أوروبا سيرتفع بشكل كبير في أعقاب الضغوط المتزايدة من ترامب ، الذي يزعم أن الحلفاء يعتمدون بشكل مفرط على الولايات المتحدة من أجل أمنهم.
وفي ألمانيا، أقر المشرعون إصلاحًا تاريخيًا للديون ، مما يمهد الطريق لإنفاق ضخم على الدفاع، في حين تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بزيادة الإنفاق الدفاعي الوطني لبريطانيا . كما أعد الاتحاد الأوروبي خططا لتعبئة ما يصل إلى 800 مليار يورو (862.2 مليار دولار) لتعزيز الأمن الإقليمي.
كما نقلت الشبكة عن باحثة الأسهم في مورنينغ ستار، لوريدانا موهاريمي، قولها إنه حتى لو تم تمديد التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب لتشمل السلع المرتبطة بالدفاع، فإن التأثير على الأسهم الأوروبية التي تغطيها سيكون محدودا على الأرجح.
وشددت على أنه "بينما لا يزال من المبكر تقييم التأثير الكامل للرسوم الجمركية الجديدة على قطاع الدفاع، فمن الجدير بالذكر أن أوروبا لا تزال مستورداً صافياً للمعدات الدفاعية العسكرية الأميركية".
وأضافت: "لقد رسّخت شركات مثل بي إيه إي سيستمز، وراينميتال، وتاليس، وساب، وليوناردو، حضورها الصناعي في الولايات المتحدة، بل ووسّعته في كثير من الحالات، تحسبًا لإعادة انتخاب ترامب قبل عودته. هذا الحضور المحلي لا يدعم وصولها إلى عقود الدفاع الأميركية فحسب، بل يوفر لها أيضًا حماية من الرسوم الجمركية".
تراجعات
من جانبه، قال المدير التنفيذي في شركة VI Markets ، أحمد معطي ، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- كافة أنواع الأسهم، سواء الدفاعية أو غير الدفاعية، تأثرت بالتوترات الجيوسياسية الأخيرة.
- "الأسهم الدفاعية لم تكن بمنأى عن تداعيات الضغوطات الاقتصادية، بل شهدت تراجعات أيضاً، وإن كانت بنسبة أقل مقارنة بقطاعات أخرى كالتكنولوجيا".
- الإجراءات الأخيرة التي شملت نحو 180 دولة كانت مفاجأة للعالم بأسره، ما تسبب باضطرابات واسعة في الأسواق، ونتج عنها تراجع في مختلف أنواع الأسهم.
- على سبيل المثال، سهم شركة لوكهيد مارتن، وهو من أبرز الأسهم الدفاعية، انخفض بنسبة 8.5 بالمئة في اليومين الأولين من الأزمة، مقارنة بانخفاضات تجاوزت 10 بالمئة في بعض الأسهم التقنية.
ويوضح أن "الأسهم الدفاعية عادة ما تتسم بمرونة نسبية، إذ تتراجع بوتيرة أبطأ أثناء الأزمات، لكنها تستعيد عافيتها بسرعة بعد استقرار الأوضاع، ما يجعلها خيارًا مفضلًا لبعض المستثمرين الباحثين عن تقليل المخاطر على المدى الطويل".
ويختتم معطي قائلاً: "ميزة الأسهم الدفاعية تكمن في قدرتها على التعافي بعد الأزمات، وغالباً ما تكون خسائر المستثمرين فيها أقل مقارنة بالقطاعات ذات الطابع النموي مثل التكنولوجيا.
شركات الدفاع الأميركية
وبحسب تقرير لـ "مورنينغ ستار" فإنه:
- من المتوقع أن تصبح صادرات المنتجين الأميركيين عرضة لرسوم جمركية انتقامية في المستقبل القريب،
- لكن بين الشركات الصناعية، فإن مصنعي الدفاع الأميركيين يحصلون على الغالبية العظمى من مدخلاتهم محليا، ولديهم تعرض منخفض للإيرادات من الصادرات، وكانت وجهاتهم من بين الأقل تأثرا بالرسوم الجمركية الجديدة.
- الدول التي تستحوذ على أكبر حصة من المبيعات العسكرية الأميركية الخارجية، حسب ترتيب معدلات التعريفات الجمركية الجديدة، هي تايوان بنسبة 32 بالمئة، وكوريا الجنوبية بنسبة 25 بالمئة، واليابان بنسبة 24 بالمئة، والدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو بنسبة 20 بالمئة، وأستراليا بنسبة 10 بالمئة. ونتوقع أن تُخفّض أو تُعفى من التعريفات الجمركية على المبيعات العسكرية الخارجية.
على الجانب الآخر، فإن تقرير لمجلة "بوليتكيو" يشير إلى أن "رسوم الرئيس دونالد ترامب الجمركية ليست مجرد اضطراب اقتصادي، بل هي اضطراب أمني"، ويضيف:
- إن برنامج ترامب، إذا تم تنفيذه كما هو مخطط له، قد يؤدي إلى إرباك سلاسل التوريد العالمية التي أمضى البنتاغون عقوداً في إنشائها، وجعل الأسلحة الأميركية أكثر تكلفة، وتعقيد الجهود الدولية لمواجهة الصين - مثل المشاريع المشتركة لبناء الغواصات مع المملكة المتحدة وأستراليا.
- إن نهج أمريكا الانفرادي، إلى جانب هذه التهديدات الأوسع، قد يدفع الشركاء المتشككين إلى البحث عن تعاون في أماكن أخرى، وفقًا لعشرات الدبلوماسيين والمشرعين والمسؤولين ومحللي صناعة الدفاع.
- سيؤدي ذلك إلى تقويض صناعة تُجهّز معظم العالم، مما يُقوّض الثقة والقدرة على التنبؤ في علاقة دفاعية عالمية لطالما أفادت واشنطن وحلفاؤها.
الأقل تأثراً
من جانبه، يشير استاذ الاقتصاد الدولي، الدكتور علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن شركات الصناعات الدفاعية تُعتبر من بين القطاعات الأقل تأثراً بالتقلبات الناتجة عن فرض تعريفات جمركية، والسبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل، من بنيها:
- معظم شركات الدفاع الكبرى تعتمد بشكل كبير على العقود الحكومية، وخاصة عقود التوريدات العسكرية طويلة الأجل، ما يجعلها أقل عرضة لتقلبات الأسواق أو تغيرات الرسوم الجمركية.
- الأسلحة، المعدات العسكرية، والأنظمة التكنولوجية الدفاعية لا تخضع عادة لتعريفات جمركية تقليدية، بل تخضع لاتفاقيات أمنية واستراتيجية بين الدول، ما يحميها من تأثيرات مباشرة.
- في ظل التوترات الجيوسياسية (مثل الحرب في أوكرانيا، أو الصراعات في الشرق الأوسط)، يزداد الإنفاق العسكري في العديد من الدول، مما يعزز من أداء أسهم الدفاع حتى لو تراجعت قطاعات أخرى بسبب الرسوم الجمركية.
- شركات الدفاع غالبًا ما تملك سلاسل توريد محلية أو موثوقة ومؤمنة من خلال اتفاقيات خاصة، تقلل من مخاطر ارتفاع التكاليف الناتج عن فرض رسوم على الواردات.
لكنه يضيف: "على الرغم من ذلك فإنها ليست محصنة تماماً، ذلك أن بعض المكونات الدقيقة أو المواد الخام التي تُستورد لصناعة الأسلحة قد تتأثر بتعريفات جمركية معينة (مثل الألومنيوم أو التكنولوجيا الدقيقة). كما أنه إذا طالت الحرب التجارية اقتصادات الدول المتقدمة، قد يؤدي ذلك في المدى الطويل إلى خفض الإنفاق العسكري، ما يضغط على موازنات الدفاع.