في سباق الذكاء الاصطناعي.. مستقبل مبشّر لهذه الدول العربية
15:38 - 12 يونيو 2024في الآونة الأخيرة، سيطرت على العالم حالة من التنافس الشديد في مجال استثمار الذكاء الاصطناعي، باعتباره أحد أهم ركائز التنمية بالسنوات المقبلة، وبرزت عدة دول عربية بمراكز متقدمة في هذا السباق.
وشهدت الأيام الأخيرة، نشاطا ملحوظا في عدة دول بالمنطقة في مقدمتها الإمارات العربية المتحدة، بهدف توثيق علاقاتها وتعاونها مع الدول والشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويوم الجمعة، التقى الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" الأميركية؛ لبحث التعاون في تطوير اقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي، ومستجدات تكنولوجيا هذا المجال والحوسبة السحابية، وفرص الاستفادة من هذه التقنيات المتقدمة في تحسين الإنتاجية وجودة الحياة.
وتستثمر الإمارات أكثر من تريليون دولار في الاقتصاد الأميركي، ويحتل الذكاء الاصطناعي مكانا مرموقا في هذه الاستثمارات، وفقا لبيان منشور على موقع السفارة الإماراتية في واشنطن.
وساعد الإمارات في ذلك مضيها في خططها للتحول الرقمي منذ أكثر من 15 عاما، وخططها للتحول إلى الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، وما ترتب على ذلك من إنشاء جامعات لتوطين هذه التكنولوجيا على أرضها.
الترتيب العالمي
في يوليو 2023، أصدر موقع شركة "تورتواز ميديا" العالمية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مؤشرا، يرتب قدرات 62 دولة في الذكاء الاصطناعي، بناءً على ما تمتلكه من مواهب، وبنية تحتية، وبيئة تشغيلية، والبحث، والتجارة.
وحلت الإمارات في المركز الـ28 عالميا، ثم السعودية (31)، وقطر (42)، ومصر (52)، وتونس (56)، والبحرين (58).
ويعلق عبدالرحمن داود، الخبير في تكنولوجيا المعلومات، على التحركات الأخيرة للإمارات في استثمارات الذكاء الاصطناعي، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الإمارات "أكثر دولة عربية مؤهلة في هذا المجال".
ويستند إلى ذلك بما تملكه من بنية تحتية؛ حيث تعتمد التعاملات داخل مؤسساتها على العمل التقني أكثر من العامل البشري، ولديها مراكز بحثية وجامعات لتدريس الذكاء الاصطناعي، وتقدم حوافز ضخمة للشركات؛ ولذا لن تعاني شركات الذكاء الاصطناعي حال دخولها الإمارات، ولن تحتاج إلى وقت كبير للبدء في تشغيل التكنولوجيا الخاصة بها.
بالمثل، تقول ماجي ربيع، خبيرة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الإمارات "تمتلك شبكة اتصالات جبارة، لا تقل عن تلك الموجودة في أكثر الدول الأوروبية تقدّما".
وأرجعت ماجي ربيع ذلك إلى دخول الإمارات عالم الرقمنة منذ سنوات طويلة، وما وفّرته من بنية تحتية وخدمية، خلقت مناخا جيدا للمستثمرين في هذا المجال الذي توقعت أنه سيكون "الأكثر ربحا" في العالم.
كما تشير خبيرة التكنولوجيا إلى أن عدة دول قادرة أيضا على المنافسة في هذا المجال، وعلى رأسها مصر والسعودية وقطر، لامتلاكها شبكة اتصالات قوية وقدرات عالية للتحول الرقمي.
وتخطّط السعودية لإنشاء صندوق بقيمة 40 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الصناعي، وناقش ممثلو صندوق الاستثمارات العامة في المملكة شراكة محتملة مع شركة "أندريسن هورويتز" الأميركية، وفقا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، مارس الماضي.
من ناحيتها، تسعى مصر إلى تعزيز تعاونها الدولي؛ حيث زار الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مؤخرا، كوريا الجنوبية، والتقى على هامش "المنتدى العالمي العاشر لقادة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"، مسؤولين حكوميين وشركات كورية عاملة في هذا المجال، ومنها شركة "نافر كلاود"، وناقش الوزير المصري فرص استثمار هذه الشركات في مصر.
وفي وقت سابق، صرّح الدكتور خالد حنفي، أمين عام اتحاد الغرف العربية، بأنه من المتوقع أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي إلى 320 مليار دولار، بحلول عام 2025، مع ريادة الإمارات والسعودية في الاستثمار.
"تطور مبشر"
بتعبير هشام عراقي، الخبير المتخصص في الذكاء الاصطناعي، فإن "الدول العربية تشهد تطورا مبشّرا جدا في استثمارها بمجال الذكاء الاصطناعي".
ويستدل على ذلك بمؤشر جامعة ستانفورد للذكاء الاصطناعي، قائلا إن دولة الإمارات احتلت المركز الأول عربيا والتاسع عالميا، طبقا لعدد نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تأثيرا عالميا التي أسهمت مؤسساتها في تطويرها.
و"حلت مصر في المركز الثاني عربيا والعاشر عالميا، بينما نرى في السعودية وقطر أبحاثا ونماذجَ قوية، يتم قبولها للنشر في أرقى المؤتمرات والدوريات العلمية بالمجال، وهو مؤشر رائع"، وفقا لعراقي.
خلق فرص أفضل
عن التعاون بين دول في المنطقة وشركات مميزة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، يقول هشام عراقي إن الأمر مفيد للجانبين، فالدول تعزز قدرتها على خلق فرص أفضل، وصقل قوانينها الخاصة بحماية البيانات الشخصية، كما تستفيد شركات مثل "مايكروسوفت" في خلق أسواق أكبر لمنتجاتها وأفكارها، وتستفيد من بيانات هذه الأسواق لتطوير نماذج أكثر دقة.
ومن جانبه، يقول سلوم الدحداح، خبير الأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات، إنه بالنسبة إلى التنافس العربي "نجد الإمارات تتصدّر، تليها المملكة العربية السعودية التي تنفّذ أيضا استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي، من خلال مشروعات؛ مثل (نيوم) ورؤيتها لعام 2030".
ويرى الدحداح أن "الدول العربية لا تحاول فقط اللحاق بالركب، لكن كذلك التفوق في هذا المجال بالاستثمارات والمبادرات، وهو أمر مهم لمستقبلها الاقتصادي والتكنولوجي".