جلوبال فارما.. نموذج لصناعة تتبنى تحقيق "الأمن الدوائي"
04:20 - 21 مايو 2025بينما يشهد الاقتصاد العالمي تحولات متسارعة ومضطربة، تتقدم الإمارات بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانتها كقوة صناعية واعدة، من خلال مبادرات نوعية واستراتيجيات مبتكرة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة والاستقلالية الاقتصادية.
من أبرز هذه المبادرات "اصنع في الإمارات"، التي تحولت إلى منصة وطنية رائدة تدفع عجلة التصنيع، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الشراكات والاستثمارات في مختلف القطاعات الحيوية.
وليس خافيًا أن القطاع الصناعي الإماراتي أصبح محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في الدولة، محققًا طفرة نوعية في غضون سنوات قليلة، ومُعززًا بمشاريع كبرى، وأرقام لافتة، ورؤية استراتيجية تمتد حتى العام 2031.
وفي قلب هذا القطاع، تبرز شركة جلوبال فارما كنموذج إماراتي مشرّف لصناعة دوائية حديثة تتبنى تحقيق "الأمن الدوائي"، مع القدرة على التصدير والتوسّع والابتكار، ضمن بيئة تنظيمية وتشريعية مواتية، ودعم حكومي غير مسبوق.
- 54 مليار دولار مساهمة قطاع الصناعة الإماراتي في الناتج المحلي العام الماضي مقارنة بـ34 مليار دولار في العام 2010.
- ارتفعت مساهمة قطاع الاقتصاد من 7 بالمئة في 2010 إلى 11 بالمئة في العام 2024.
- 51 مليار دولار حجم الصادرات الصناعية الإماراتية بنمو 63 بالمئة مقارنة بـ 2020.
- القطاع الصناعي يستهدف 82 مليار دولار و16 مليار دولار لـ "البحث والتطوير" في رؤية 2031.
- 13500 شركة صغيرة ومتوسطة يتم دعمها ضمن الاقتصاد الإماراتي.
- 16 مليار دولار زيادة في الإنفاق على البحث والتطوير في القطاع الصناعي الإماراتي.
وللحديث عن مبادرة "اصنع في الإمارات" والاستراتيجية الوطنية للقطاع الصناعي، وتركيزها على تطوير مجموعة من الصناعات الحيوية، وعلى رأسها القطاع الدوائي، استضاف برنامج "بزنس مع لبنى" على شاشة "سكاي نيوز عربية" المدير العام لشركة جلوبال فارما، باسم البراهمة، والتي تصدر منتجاتها إلى حوالي عشر دول.
بسؤاله عن دور الشركة كجزء من الاستراتيجية الصناعية الإماراتية العليا، أشار البراهمة إلى أن جلوبال فارما بدأت عملياتها في الدولة منذ أكثر من 27 عامًا كجزء من شركة دبي للاستثمار.
وأفاد بأن الشركة تصنع جميع أدويتها بالكامل في دولة الإمارات العربية المتحدة في مصانعها بمجمع دبي للاستثمار، وتعمل تحت شعار "تحقيق الأمن الدوائي"، مضيفاً أن الشركة تنتج أكثر من 100 منتج دوائي، ووصل إنتاجها إلى ما يزيد عن مليار وحدة دوائية (قرص أو كبسولة أو ما شابه)، وما يعادل أكثر من 40 مليون عبوة.
وأوضح أن حوالي من ربع إلى ثلث هذا الإنتاج يذهب إلى السوق المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما يُصدر الجزء المتبقي إلى أكثر من 10 دول، مع خطط للتوسع في المزيد من الأسواق الخارجية.
وحول مبيعات الشركة العام الماضي، ذكر البراهمة أن المبيعات الإجمالية لجلوبال فارما تجاوزت 150 مليون دولار، مشيراً إلى أن الشركة قد ضاعفت مبيعاتها خلال السنوات الخمس الأخيرة.
الاستثمار في التكنولوجيا الدوائية وجذب الاستثمارات
وشدد البراهمة على أهمية الاستثمار في التكنولوجيا الدوائية، وجذب الاستثمارات الخارجية والشركات الأجنبية التي تمتلك المعرفة والخبرات، وتأهيل التقنيات والخبرات المحلية كركائز أساسية لأي صناعة دوائية، موضحاً أن:
- جلوبال فارما وقعت خلال مؤتمر "اصنع في الإمارات" أكثر من أربع اتفاقيات مع شركات عالمية من أربع قارات (أميركا الشمالية، أوروبا، أفريقيا، وآسيا).
- تهدف هذه الشراكات إلى نقل المعرفة والتكنولوجيا، مما يسهم في تسريع النمو والحصول على التقنيات المتقدمة، وتوطينها بأيدي الفريق الذي يشمل مواطنين إماراتيين موهوبين، ومن ثم إنتاجها وتوريدها للأسواق المحلية والدولية.
وحول جهود الشركة في توطين سلاسل التوريد والاعتماد على المكونات المحلية في إنتاج الأدوية، أوضح أن 100 بالمئة من إنتاج جلوبال فارما يتم بالكامل في مصنعها بالإمارات. موضحاً أن الشركة، كغيرها من مصانع الأدوية العالمية، تحتاج إلى استيراد المواد الخام، ولكن الشراكات الصناعية التكاملية التي قادتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تهدف إلى حماية سلاسل التوريد والإنتاج من خلال عقد الشراكات مع الدول المنتجة للمواد الخام، ما يمنح أولوية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتالي لمصانعها، ومن ثم توفير أقصى درجات الأمن فيما يخص سلاسل إمداد الدواء.
تنافسية الأسعار والجودة
وبسؤاله عن أثر ذلك على تنافسية الأسعار والجودة، أكد البراهمة أن توفير المواد الخام بكفاءة وفعالية سلاسل التوريد ينعكس على تقليل التكاليف، ما يتيح للشركة تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار مناسبة للمرضى والمستشفيات داخل وخارج الإمارات. وأشار إلى أن الوفر الناتج يتم توجيهه للبحث والتطوير، مما يضمن تقديم أحدث التقنيات.
وحول خطوط الإنتاج الجديدة والمنتجات المبتكرة، أكد أن جلوبال فارما لا تعتمد فقط على الأدوية التقليدية. بل أضافت إلى محفظتها أدوية عشبية مستوحاة من التراث الإماراتي، مثل المنتجات القائمة على القسط والقرنفل، والتي يتم إنتاجها بمعايير صيدلانية عالية الجودة بالتعاون مع شركاء محليين، وحصلت على موافقة وزارة الصحة ووقاية المجتمع.
وأضاف أن الشركة ستطلق 25 منتجًا جديدًا خلال العام الجاري 2025، معتمدة على تقنيات حديثة مثل "أورال سبرسابل فيلم" و"كابسول إنسايد كابسول".
وعن المنتجات الأكثر مبيعاً، أفاد البراهمة بأن المضادات الحيوية لا تزال تشكل نسبة كبيرة من إنتاج ومبيعات الشركة (أكثر من 20-25 بالمئة كحجم، و10-15 بالمئة كقيمة). بينما تشكل أدوية الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر والكوليسترول حوالي الربع أو الثلث المتبقي من الإنتاج.
الأدوية الحيوية والمستقبل
وكشف عن دخول الشركة في مجال الهاي تكنولوجي والأدوية البيولوجية (البايوتكنولوجي)، مؤكدًا أن هذا هو اتجاه عالمي حيث يُتوقع أن تشكل الأدوية المصنعة حيويًا 80 بالمئة من مبيعات الأدوية خلال الخمس إلى العشر سنوات المقبلة. وشدد على أهمية ذلك للأمن الدوائي والنمو الاقتصادي، مشيراً إلى توقيع اتفاقيات مع شركات رائدة في مجال الأبحاث بالتقنية الحيوية، ما يتيح لجلوبال فارما ليس فقط الإنتاج، بل الحصول على المعرفة التحليلية والمراحل الأولية، وهو ما يمثل ميزة تنافسية كبيرة.
الإمارات وصناعة الأدوية
وفيما يتعلق بالرقابة على الإنتاج والتسعير في الصناعات الدوائية، أفاد البراهمة بأن الرقابة موجودة دائمًا، وأن جلوبال فارما والشركات الأخرى في الإمارات تتبنى أعلى مستويات الجودة، حيث يتم التفتيش وإعادة تجديد التراخيص سنوياً.
وأثنى على دور وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دعم الشراكات، والتي ساعدت الشركة على دخول أسواق خارجية صعبة مثل المغرب. كما أشار إلى دور مؤسسة الإمارات للدواء، مؤكدًا أن دعم الحكومة "يسبق الطموح"، وهو ما وصفه بـ "الرائع" وسبب تقدم الدول.
وعن مدى قرب رؤية الإمارات بأن تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة الأدوية، أكد باسم البراهمة، المدير العام لشركة جلوبال فارما:
- هذه الرؤية "قريبة جداً".. "الرؤية موجودة، والإمكانيات موجودة، والطموح كذلك".
- توقيع عديد من الاتفاقيات في مؤتمرات سابقة، ووجود شركات إماراتية أخرى ذات مكانة عالمية.
- إضافة إلى ما سبق، دور صندوق التطوير المخصص، كلها عوامل تجعل الإمارات في طريقها لتحقيق هذا الهدف بسرعة.