هل يستطيع الاقتصاد الإسرائيلي الصمود حال استمرار الحرب؟
22:33 - 07 فبراير 2024"تكاليف ميزانية الحرب، النفقات بالإضافة إلى خسارة الدخل، من المتوقع أن تصل جميعها إلى حوالي 210 مليار شيكل (58.3 مليار دولار)"، هذا ما ذكره محافظ بنك إسرائيل، أمير يارون، في تصريحات سابق له، عكست جانباً من حجم الخسائر الاقتصادية جراء الحرب في غزة.
وبعد مرور ما يزيد عن أربعة أشهر وبالتحديد في السابع من أكتوبر 2023، يواصل الاقتصاد الإسرائيلي تكبد خسائر فادحة وربما تكون الأكبر له نتيجة تبعات استمرار الحرب في قطاع غزة، وسط توقعات بتفاقمها في حال استمرار أمد الحرب ونطاقها خلال الفترة المقبلة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أشار خلال اجتماع أعضاء مجلس الوزراء الحربي مع رؤساء المجالس المحلية في 17 يناير الماضي، إلى امكانية استمرار الحرب حتى عام 2025، الأمر الذي ينذر بمزيد من الخسائر الاقتصادية وانعكاس ذلك بالسلب علي مختلف القطاعات والنمو الاقتصادي بشكل عام.
اقتصاديون وخبراء أكدوا في تصريحات متفرقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن استمرار الحرب في غزة تشكل خطرًا على مستقبل الاقتصاد الاسرائيلي، لاسيما مع تفاقم فاتورة الحرب اليومية.
وتحدث الخبراء عن انعكاس أثر الحرب على عدد من القطاعات؛ مثل السياحة والقطاعات الصناعية والخدمية، لاسيما مع تسريح وهروب عدد من العمالة الأجنبية وتوقف بعضها نتيجة الأثر السلبي للحرب.
أبعاد اقتصادية كارثية
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أحمد فؤاد أنور، يشير في تصريحات خاصة، إلى أن:
- تل أبيب تواجه مع استمرار الحرب بأكثر من 120 يوماً أبعاداً اقتصادية "كارثية"، لاسيما مع حالة عدم الاستقرار التي تسود إسرائيل، وتخوفات الاستثمارات من التواجد وضخ أموال في دولة تخوض حرباً من الشمال والجنوب بالإضافة إلى جنوب غزة وجنوب لبنان وسوريا واليمن.
- هذه الأجواء والظروف غير المستقرة تمثل بيئة غير مناسبة للمستثمرين داخليًا وخارجيًا للعمل بها خلال الفترة الحالية والمدى المتوسط.
- الاقتصاد الاسرائيلي يواجه أزمة حقيقية تتمثل في استدعاء قوات الاحتياط وكُلفة ذلك على الاقتصاد فضلا عن تعرض القطاع الخاص والأعمال المؤسسية لهزة كبيرة وشلل نتيجة ذلك الاستدعاء الكبير، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة سلبية على قطاعات مثل السياحة والزراعة والبناء، بالإضافة إلى تأثير عدم استمرار العمالة الأجنبية في العمل.
- غياب العمالة الفلسطينية أيضًا أثر بالسلب بالتزامن مع استدعاء قوات الاحتياط على حركة وأداء القطاعات، الأمر الذي يعكس الأزمة التي تواجه الاقتصاد الاسرائيلي.
- لا يمكن أن يصمد الاقتصاد لفترة طويلة حتى مع وجود مسكنات مثل معونة عسكرية والتي تصل إلى 17 مليار من جانب الولايات المتحدة، وذلك في ظل النفقات الباهظة لعملية الإخلاء إلى فنادق مع دفع تعويضات لمن فقدوا وظائفهم، مما يمثل تعقيدات مُكلفة وأوضاع لم يعتد المجتمع الاسرائيلي عليها.
وأوضح أن آثار الحرب أيضًا انعكست على توجهات ومستهدفات إسرائيل نحو تعزيز أوجه التعاون مع الدول المحيطة والخارجية في ظل سحب كثير من الدول لسفرائها، الأمر الذي سيكون له مردود اقتصادي سلبي خاصة.
ويصل الأثر المالي للحرب في غزة -وفق تقرير سابق نشرته رويترز- إلى 150 مليار شيكل، أو 40 مليار دولار تقريباً، حال استمرار الحرب حتى نهاية العام.
وتقترب تلك التقديرات من البيانات التي أفصح عنها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن تكلفة الحرب يمكن أن تصل إلى 200 مليار شيكل.
القطاعات الأكثر تضررًا
وبدوره، وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى تصريحات وزير المالية الإسرائيلي الأخيرة التي أكد خلالها على اعتماد المنظومة الاقتصادية في مواجهة كُلفة الحرب في قطاع غزة والتي تقدر بالمليارات على الديون.
وأضاف: الاستمرار في تلك السياسة وتبعات فوائد القروض ينعكس بصورة سلبية على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي، مع استمرار تكبده مزيد من الخسائر اليومية الناتجة عن ارتفاع كلفة استدعاء الضباط الاحتياط وتعطل معظم القطاعات، مشيراً إلى أن الاقتصاد يواجه تحدياً آخر متمثل في الالتزام بدفع رواتب العمالة في عدد من القطاعات المعطلة بسبب الحرب (..).
ويتوقع أن تنعكس آثار استمرار الحرب علي عدد من القطاعات بصورة سلبية كبيرة ممثلة في القطاعات الصناعية والخدمية مثل المطاعم، فضلا عن التأثير السلبي الحالي من غلق عدد من المصانع وتسريح عمالة فلسطينية تقدر بنحو 250 ألف عامل، الأمر الذي يُنذر بأزمة اقتصادية كبرى لإسرائيل مع استمرار الحرب.
ومع استمرار الحرب وتداعياتها، وضعت وكالات التصنيف الائتماني إسرائيل تحت مجهر المراجعة، تمهيداً لخفض محتمل، لا سيما حال اتساع رقعة الحرب واستمرارها.
تفاقم متوقع للخسائر
الباحث المصري في العلاقات الدولية، أحمد سيد أحمد، يشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن اسرائيل تواجه فاتورة باهظة من الخسائر الاقتصادية الكبيرة من الحرب على غزة.
ويشار هنا إلى التقديرات التي أفصح عنها محافظ بنك إسرائيل أمير يارون، في وقت سابق، والذي أشار إلى إمكانية أن تصل الخسائر الاقتصادية إلى ما نسبته 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهو ما يعادل 52 مليار دولار، مشيرا إلى أن البنك بنى توقعاته على افتراضين:
- الأول أن تأثير الحرب سيستمر حتى العام المقبل.
- الثاني أن تكون في معظمها على جبهة غزة دون فتح جبهات أخرى.
ويتوقع بنك إسرائيل أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو بنسبة 2 بالمئة في 2024 وبنسبة 5 بالمئة في عام 2025.
لكن البنك تحدث في الوقت نفسه عن أن مؤشرات النشاط الاقتصادي وحالة التشغيل تشير إلى انتعاش تدريجي بعد التراجع الحاد الذي حدث مع اندلاع الحرب، ولكن هناك الكثير من التباين بين الصناعات.
وأضاف الباحث المصري أن هناك خسائر "مليارية" أخرى خلال نفس الفترة بسبب توقف الوظائف والأعمال واستدعاء قرابة 300 ألف اسرائيلي لقوات الاحتياط، وهو ما يمثل ضربة لقوة اقتصاد إسرائيل خاصة مع منع العمالة الفلسيطينية، مما أدى إلى خسائر كبيرة مع توقف الاستثمارات الخارجية والسياحة.
أضاف أن الاقتصاد الإسرائيلي يشهد اضطرابات كثيرة، الأمر الذي دفع المؤسسات المالية نحو مراجعة التصنيف الإسرائيلي، مؤكدًا أنه بدون دعم أميركا كانت إسرائيل ستواجه كارثة اقتصادية حقيقية بسبب استنزاف قدراتها العسكرية والمالية.
وأوضح أن استهداف السفن الاسرائيلية وتعليق شركات شحن عالمية عملياتها في البحر الأحمر أضر تجارة إسرائيل، ومثل ضغطاً اقتصادياً كبير، مع عزوف كثير من الاستثمارات، وبالتالي من المتوقع تفاقم الخسائر في ظل تأثير واضح على كل القطاعات مثل التجارة الخارجية بسبب التهديدات للسفن وحالة عدم اليقين ومستوى الوظائف وارتفاع البطالة والقطاع الصناعي والسياحي.