هل تعمّد ترامب إحداث فوضى في الأسواق العالمية؟
08:15 - 10 أبريل 2025فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أزمة تجارية عنيفة، عندما أعلن عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 20 بالمئة على جميع صادرات دول الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، مُضيفًا إياها إلى رسوم قائمة بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب والألمنيوم، وأخرى على صادرات السيارات.
هذه الخطوة اعتُبرت تصعيدًا اقتصاديًا خطيرًا أثّر بشكل مباشر على قطاعات حيوية في أوروبا، وخلّف أضرارًا قُدّرت بحوالي 410 مليارات دولار.
وبحسب ما أكده الخبير الاقتصادي والزميل العالمي في مركز ويلسون للدراسات، توماس أودونيل، خلال حديثه الى برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربية فإن هذه الإجراءات لم تكن مفاجِئة، بل جاءت نتيجة خطة مدروسة سعى ترامب من خلالها إلى إعادة صياغة المشهد التجاري العالمي، حتى وإن عنى ذلك التضحية بشركائه التقليديين.
أوروبا تتلقى الضربة وتفشل في التهدئة
توزعت الخسائر الأوروبية بين 67 مليار دولار لقطاع السيارات و27 مليار دولار لقطاع المعادن. وقد حاول الاتحاد الأوروبي التفاوض مع واشنطن عبر اقتراح إلغاء الرسوم الجمركية بشكل متبادل، غير أن ترامب رفض العرض، مطالبًا الدول الأوروبية بشراء منتجات طاقة أميركية بقيمة 350 مليار دولار سنويًا كشرط لإنهاء التصعيد.
أودونيل: ما فعله ترامب لم يكن صدفة
وأشار توماس أودونيل خلال حديثه الى برنامج "بزنس مع لبنى"،الى إن الرئيس الأميركي قد تعمد إثارة الفوضى في الأسواق العالمية، مؤكّدًا أن هذه الرسوم لم تُفرض بشكل عشوائي، بل جاءت استنادًا إلى مشورة فريقه الاقتصادي.
"ترامب خطط مسبقًا لفرض هذه الرسوم على أعدائه وحلفائه على حد سواء، وهو الآن يسعى إلى جرّ تلك الدول إلى مفاوضات بشروطه"، بحسب أودونيل.
وقد أشار إلى أن الاقتصاد الألماني كان من بين الأكثر تضررًا، مؤكدًا أن قطاع الصناعات التكنولوجية والسيارات في ألمانيا تلقى ضربة مباشرة بفعل هذه الإجراءات، الأمر الذي دفع بعض الشركات الألمانية للتفكير في نقل خطوط إنتاجها إلى الولايات المتحدة، خاصة في ولاية كارولاينا الشمالية، بهدف تقليص الخسائر.
وأوضح: "نحن في ألمانيا نعتمد على الصناعات الثقيلة والتقنيات المتقدمة، لكن رسوم الـ25 بالمئة أثّرت بشكل كبير على قدرتنا التنافسية، وفاقمت من المشكلات التي نواجهها أصلاً كالبيروقراطية والضغوط الاقتصادية".
ساكس: نهاية هيمنة الدولار باتت وشيكة
من جهة أخرى، تحدث المفكر الاقتصادي ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، جيفري ساكس، في مقابلة أجراها مع "سكاي نيوز عربية"، عن تراجع الهيمنة العالمية للدولار الأميركي، قائلًا: "هيمنة الدولار استندت إلى دور اقتصادي مركزي للولايات المتحدة لم يعد قائمًا... نظام الدفع المعتمد على ’سويفت‘ أصبح مكلفًا ومتهالكًا، والعالم سيتحول تدريجيًا إلى العملات الرقمية الرسمية للبنوك المركزية."
وحين سُئل أودونيل عن هذا التصريح، أبدى اتفاقه مع رؤية ساكس، مشيرًا إلى أن سياسات ترامب ساهمت في تقويض الثقة بالدولار كعملة احتياطية عالمية.
وقال: "رغم أن الدولار لا يزال يُعتبر ملاذًا آمنًا، إلا أن ترامب سعى عمدًا إلى خفض قيمته، وهذا النهج قد يُفقده مكانته على المدى الطويل".
وأضاف أن الولايات المتحدة، تحت قيادة ترامب، سعت إلى فرض تنازلات متعددة على الدول الأخرى، خصوصًا في المجالات الزراعية والتجارية، ما عكس سعيًا واضحًا لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي بما يتناسب مع أولويات واشنطن.
أوروبا بين المواجهة والانحناء للعاصفة
بين محاولات التفاوض وواقع الخسائر المتراكمة، وقفت أوروبا أمام معادلة صعبة: إما الانصياع لمطالب واشنطن، أو الرد بالمثل والدخول في صراع تجاري مفتوح قد لا تكون نتائجه محسومة.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه الدول الأوروبية بإعادة هيكلة سياساتها الصناعية والتجارية، يرى مراقبون أن ما بدأه ترامب قد لا يكون مجرد موجة عابرة، بل مقدمة لتحولات جذرية في النظام الاقتصادي العالمي.