توتال إنرجيز تنسحب من جنوب إفريقيا.. جدل بيئي واقتصادي
07:57 - 30 يوليو 2024يثير إعلان شركة توتال إنرجيز الاثنين انسحابها من مشروعين للغاز في جنوب إفريقيا ردود فعل متفاوتة لدى المدافعين عن البيئة ومحللي القطاع النفطي بين من يعتبره "جيدا للمناخ والتنوع" أو "سيئا لاقتصاد البلاد التي ستبقى فقيرة".
لكن الجميع يتفقون على أن قرار شركة النفط والغاز الفرنسية العملاقة بالانسحاب من حقلي غاز واعدين في أعالي البحار، له تأثير رمزي الى حد كبير على مستقبل قطاع النفط والغاز بأكمله وتحول الطاقة الجاري حاليا.
تنسحب توتال إنرجيز من منطقة التنقيب 11B/12B الواقعة قبالة الساحل الجنوبي لجنوب إفريقيا، حيث تم اكتشاف حقلي غاز كبيرين، أحدهما في برولبادا والاخر في لويبير على بعد 175 كلم عن الساحل.
وقالت المجموعة في بيان الاثنين إن "توتال إنرجيز قررت أيضا الانسحاب من منطقة التنقيب الاوفشور 5/6/7" والتي تمتلك فيها شركتها TotalEnergies EP South Africa حصة تبلغ 40 بالمئة.
وبررت المجموعة الفرنسية انسحابها بالإشارة الى "الصعوبات التي واجهتها في تطوير الحقلين والاستفادة منهما في السوق الجنوب افريقية".
ولكن الموقع المتخصص Moneyweb رأى أن هذه القرارات "توجه ضربة لجنوب افريقيا التي كانت تعتزم استخدام هذا الغاز لانتاج المزيد من الكهرباء" وخفض اعتمادها على الفحم.
هجرة الحيتان
من جهته قال تييري بروس محلل النفط والغاز المستقل "لقد فقدت جنوب إفريقيا قدرتها على تحقيق أرباح من حقولها، وستظل دولة فقيرة" مضيفا أن توتال إنرجيز كانت ستجازف بعدم تحقيق فائدة من استثمارها الكبير بسبب الصعوبات التقنية والمالية التي واجهتها، بحسب وكالة فرانس برس.
يشير المحللون بشكل خاص إلى تعذر الاتفاق على سعر للغاز بين توتال إنرجيز والشركة الوطنية للنفط والغاز "بيترو اس ايه".
في سوق الأسهم، لم يكن للقرار أي تأثير. أنهى السهم الاثنين على انخفاض بنسبة 0,63 بالمئة ليصل الى 61,74 يورو.
في الواقع من منطقة ماجلان، قبالة سواحل جنوب افريقيا، يتحدث كل البحارة عن التيارات البحرية العنيفة والظروف الجوية الصعبة. وهذا يعني أن استغلال النفط أو الغاز يتطلب استثمارات استثنائية.
تبلغ مساحة المنطقة 11B/12B تسعة عشر ألف كيلومتر مربع، ويتراوح عمق المياه فيها بين 200 و1800 متر. تمتلك شركة توتال إنرجيز فيها عبر فرعها TotalEnergies EP South Africa، 45 بالمئة الى جانب شركة قطر للبترول (25 بالمئة)، وشركة CNR International (20 بالمئة) واتحاد جنوب إفريقيا Main Street 1549 (10 بالمئة).
أثار مشروع استغلال حقل غاز برولبادا غضب منظمات غير حكومية بيئية في أكتوبر 2022. ونددت جمعية بلوم ومنظمة The Green Connection الجنوب أفريقية غير الحكومية بعمليات التنقيب في أعالي البحار من شأنها أن تهدد "صغار الصيادين والتنوع البيولوجي".
وهذه المنطقة موقع مهم جدا لهجرة وتكاثر الثدييات البحرية ولا سيما الحيتان.
دخول غازبروم
أعلنت شركة CNR International التي تملك 20 بالمئة في مطلع يوليو انسحابها من الحقل 11B/12B. وبالإضافة إلى توتال إنرجيز، أعلنت قطر للبترول (25 بالمئة) أيضًا انسحابها الاثنين.
بموجب الاتفاق الذي يربط بين الشركاء الأربعة، فإن "الأطراف المنسحبة تنقل مساهمتها مجانا إلى الشركاء الذين لا ينسحبون"، كما أوضحت شركة النفط الكندية افريكا إنرجيز التي "لا تنوي الانسحاب" وعليها بالتالي على المدى الطويل ان تمتلك "حصة مساهمة بنسبة مئة بالمئة في المنطقة 11B/12B".
بالنسبة لمنظمة بلوم غير الحكومية فان انسحاب توتال إنرجيز "جيد للمناخ والتنوع". وهو "انتصار" بالنسبة للمدافعين عن البيئة في فرنسا وجنوب افريقيا وكذلك لأسباب "اقتصادية وجيوسياسية بحتة"، كما قال سوان بومييه من بلوم.
وقال "يمثل حقل 11B/12B انبعاثات بمقدار 336 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون خلال مدة استغلاله، وهو ما يعادل كل ما ينبعث من جنوب إفريقيا في عام واحد".
وأضاف "كانت شركة توتال إنرجيز رائدة في مجال استغلال النفط قبالة سواحل جنوب أفريقيا، وكانت كل الصناعة الغربية تنتظر لترى ما ستفعله، انسحابها يشكل منعطفا قويا".
واشار الى عنصر مهم آخر وهو دخول غازبروم على الخط من خلال إعلان وزير الطاقة الجنوب افريقي في ديسمبر 2023 عن إسناد مشروع إعادة تشغيل محطة الغاز الرئيسية في البلاد للمجموعة الروسية.
وقال بومييه "بسبب العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، لم تتمكن شركة توتال إنرجيز من المجازفة كمزود للغاز بالدخول في مشاريع إلى جانب غازبروم".
لكنه حذر من أن المجموعة الفرنسية لديها أربعة تصاريح أخرى للتنقيب في أعماق البحر في جنوب إفريقيا، بينها ترخيص تم الحصول عليه مؤخراً في المنطقة 3B/4B.