رويترز: الأمم المتحدة تدرس إصلاحا شاملا لمواجهة أزمة التمويل
12:40 - 02 مايو 2025في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، كشفت مذكرة داخلية حصلت عليها وكالة "رويترز" أن الأمم المتحدة تدرس تنفيذ إصلاح هيكلي واسع النطاق يهدف إلى مواجهة تحديات مالية متفاقمة، على رأسها تداعيات خفض التمويل الأميركي في عهد الرئيس دونالد ترامب.
ووفقاً للمذكرة التي وُصفت بـ"سريّة للغاية"، فإن الإصلاح المقترح قد يشمل دمج وكالات رئيسية ونقل موارد بشرية وعمليات إلى مواقع أقل تكلفة حول العالم.
خطة لإعادة الهيكلة: أربع إدارات كبرى بدلاً من العشرات
تتضمن الوثيقة المكونة من ست صفحات مجموعة واسعة من المقترحات التنظيمية، من بينها دمج العشرات من وكالات المنظمة في أربع إدارات رئيسية تشمل: السلم والأمن، الشؤون الإنسانية، التنمية المستدامة، وحقوق الإنسان.
ومن أبرز المقترحات دمج الجوانب التشغيلية لبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، واليونيسف، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في كيان موحد للشؤون الإنسانية، في محاولة لتعزيز الكفاءة وتخفيض التكاليف.
أزمة مالية غير مسبوقة
يأتي هذا التوجه في وقت تواجه فيه المنظمة أزمة تمويل حادة، مع تأخر الولايات المتحدة، أكبر ممول للأمم المتحدة، عن سداد ما يقارب 2.7 مليار دولار من مساهماتها المستحقة، وفقاً لتقارير رسمية.
وقد أدى هذا التأخر إلى اضطرار بعض الوكالات، مثل مكتب الشؤون الإنسانية، لتقليص 20 بالمئة من موظفيها، بينما تتوقع يونيسف ومنظمة الهجرة الدولية تقليصاً في الميزانيات يتراوح بين 20 إلى 30 بالمئة، مما قد يهدد آلاف الوظائف.
تحذيرات من تداخل المهام وسوء استخدام الموارد
تشير المذكرة إلى "تداخلات كبيرة" بين الوكالات، وتفتيت في الهيكل المؤسسي، وسوء في استخدام الموارد، إلى جانب تضخم في المناصب العليا. كما لفتت إلى أن الجمعية العامة تواصل إضافة مهام جديدة دون استراتيجيات خروج واضحة، ما يؤدي إلى زيادة التكاليف وانخفاض الكفاءة.
مقترحات إضافية تشمل منظمات خارجية
من بين المقترحات المثيرة للجدل أيضاً، دمج برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز داخل منظمة الصحة العالمية، وخفض أعداد المترجمين في الاجتماعات، إضافة إلى اقتراح بدمج منظمة التجارة العالمية —رغم كونها ليست جزءاً من منظومة الأمم المتحدة— في الوكالات الإنمائية.
وقد ردت منظمة التجارة العالمية على هذه الفرضية، مشددة على أنها هيئة مستقلة أُنشئت باتفاق دولي منفصل.
خطوات "جريئة" لخفض التكاليف
تدعو المذكرة إلى نقل بعض الموظفين من نيويورك وجنيف إلى مواقع منخفضة التكلفة، مع دمج بعض العمليات في روما، وتشير مذكرة ثانية تم تداولها مؤخراً إلى ضرورة إعداد قائمة بالوظائف التي يمكن نقلها من المقرات الرئيسية بحلول 16 مايو.
ويبدو أن هذه التوصيات تمثل توجهاً متسارعاً نحو ترشيد النفقات، في ظل احتجاجات من مئات الموظفين في جنيف على سياسات خفض الوظائف.
دعم محدود وخوف من شلل مؤسسي
قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن هذه المبادرة تأتي في إطار محاولة "لطرح أفكار جديدة لتحقيق رؤية الأمين العام أنطونيو غوتيريش". ومن جانبه، أكد سفير مقيم في جنيف أن المنظمة بحاجة إلى "إجراءات جذرية"، وليس مجرد خطوات شكلية، كي تتمكن من تجاوز الأزمة الحالية.
وتعكس هذه المراجعة الواسعة الجدل المستمر حول فعالية الأمم المتحدة وشرعيتها، في ظل تحولات جيوسياسية عميقة وتراجع الدعم المالي الدولي، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة رسم دور المنظمة على الساحة العالمية.