ما نصيحة بنك أوف أميركا للاستثمار بعد خفض الفائدة؟
09:25 - 23 سبتمبر 2024مع المزيد من التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أصبح المسرح مهيأ لارتفاع جديد في سوق الأسهم، فيما يبدو ذلك بمثابة أخبار جيدة للمستثمرين.
لكن مع دورة تخفيف السياسة النقدية الجديدة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي تأتي مخاطر متجددة من نشوء فقاعة في أجزاء من السوق، حسبما قال استراتيجي بنك أوف أميركا، مايكل هارتنيت، في التصريحات التي نقلها عنه "بيزنس إنسايدر" في تقرير اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
يوم الأربعاء الماضي، خفض الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس. وتتوقع السوق الآن 250 نقطة أساس خلال العام الجاري والعام المقبل، وهو ما من شأنه أن يساعد في دفع نمو أرباح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 18 بالمئة بحلول نهاية عام 2025، وفقًا لوجهات نظر الإجماع.
بحسب هارتنت، فإن النمو "لا يمكن أن يكون أفضل كثيراً من ذلك فيما يتصل بالمخاطرة". ولكنه أضاف أن هذا يعني أن المستثمرين سوف يضطرون إلى مطاردة ارتفاع سوق الأسهم مع عودة مخاطر الفقاعة إلى الظهور.
وكان هارتنيت قد حذر في وقت سابق من احتمال نشوء فقاعة تكنولوجية مع ارتفاع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي. وفي فبراير/شباط، قال إن "فقاعة ناشئة" في الذكاء الاصطناعي "تنمو" وقد تدفع مكاسب السوق إذا تم تخفيف السياسة النقدية.
وفي ظل المزيد من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وتخفيف السياسات، يقول هارتنيت إن أفضل طريقة لتحديد مراكز المحافظ الاستثمارية هي تخصيص السندات والذهب، والتي تحمي من مخاطر النمو والتضخم.
وأضاف: "استخدم ارتفاع المخاطر لشراء الانخفاضات في السندات والذهب، لأن تسارع الركود والتضخم أصبح غير عصري للغاية".
وقد أشار هارتنيت إلى وجهة نظره المتفائلة بشأن السندات من قبل، حيث قال في مايو الماضي إنه رأى نمواً هائلاً في الدخل الثابت في النصف الثاني من العام. وفي ذلك الوقت، قال إن سندات الخزانة لأجل 30 عاماً هي أفضل وسيلة للتحوط في ظل ضعف النمو.
الذهب كملاذ آمن
وإلى ذلك، أشارت خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن عديداً من المستثمرين يراهنون على بقاء الذهب كملاذ آمن رئيسي خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد قرار الفيدرالي بخفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس. وأوضحت أن هذا الخفض يعزز من جاذبية المعدن النفيس في ظل التقلبات الاقتصادية الراهنة، حيث يميل المستثمرون إلى اللجوء إلى الذهب كوسيلة لحماية ثرواتهم من تراجع قيمة العملات أو ارتفاع معدلات التضخم.
ومع ذلك، لفتت رمسيس إلى أن بعض الدول تفضل الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية على المدى الطويل، معتبرة أنها تمثل خيارًا استثماريًا أكثر استقرارًا وربحية في المستقبل (..) وهو ما يعكس ثقتها في استقرار الاقتصاد الأميركي، وكذلك رغبتها في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع الولايات المتحدة.
وأضافت رمسيس أن تباين الرؤى بين المستثمرين يعود جزئيًا إلى تأثيرات الفائدة المرتفعة في الفترة الماضية، والتي رفعت تكلفة التمويل وأدت إلى حالة من عدم الاستقرار في تداولات البورصة العالمية. ومع بدء الفيدرالي في خفض الفائدة، شهدت الأسواق تحسنًا في الظروف الاستثمارية، مما جعل الخيارات مثل الذهب أكثر جاذبية. وأشارت إلى أن الذهب حقق في هذا السياق ارتفاعات تاريخية غير مسبوقة، ما يعزز من مكانته كأحد أبرز الملاذات الآمنة في أوقات الأزمات الاقتصادية.
والأسبوع الماضي، صعد الذهب فوق مستوى 2600 دولار خلال تعاملات الجمعة للمرة الأولى مواصلا مسيرة ارتفاع مدعومة برهانات على المزيد من خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وتصاعد التوتر في الشرق الأوسط.
ارتفع الذهب في المعاملات الفورية، الجمعة، بأكثر من واحد بالمئة إلى 2622 دولار للأونصة (للأوقية) في ختام جلسة الجمعة بعد أن سجل خلال الجلسة 2625.76 دولارا وهو مستوى تاريخي جديد لم يشهده المعدن الأصفر من قبل، وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 1.2 بالمئة إلى 2646.20 دولار عند التسوية.
ارتفعت أسعار الذهب بعد أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في تيسير السياسة النقدية بخفض أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية.
نجاح الفيدرالي
من جانبه، قال خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن بنك الاحتياطي الفيدرالي اتخذ خطوة محورية في سياق محاربته للتضخم، الذي بلغ مستويات قياسية العامين الماضيين، عبر مسار طويل من التشديد النقدي. وأشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يغير فيها الفيدرالي اتجاهه نحو تيسير السياسة النقدية.
ولفت إلى أن خفض الفائدة بواقع 50 نقطة أساس في الاجتماع الأخير كان القرار الأفضل للاقتصاد مقارنة بخفض 25 نقطة أساس، موضحاً أن الأهمية الحقيقية تكمن في تغيير الفيدرالي لمساره، مما انعكس على العائدات بالدولار الأميركي ودفع المستثمرين إلى التفكير في توجيه استثماراتهم نحو الذهب أو السندات.
أوضح سعيد أن هذا التحول نحو التيسير النقدي يدعم الاقتصاد ويعزز النمو والانتعاش الاقتصادي، مؤكداً أن الذهب والسندات يشكلان خيارات استثمارية قوية، حيث استفاد الذهب أيضاً من التوترات الجيوسياسية وحالة عدم اليقين الاقتصادي، مما دفعه للارتفاع إلى مستويات تاريخية. إلا أنه نصح في الوقت نفسه بتنويع المحفظة الاستثمارية من خلال إضافة الأسهم إلى جانب السندات والذهب، معتبرًا أن التنويع أحد المبادئ الأساسية للاستثمار.
وأشار خبير أسواق المال إلى أن ارتفاع الفائدة كان يضر بعديد من المشاريع الاقتصادية، مما أثر سلبًا على معدلات النمو في عدة قطاعات. لكنه أكد أنه إذا واصل الفيدرالي مسار التيسير النقدي، فإن جميع القطاعات ستستفيد من انخفاض تكلفة التمويل، وعلى رأسها القطاع العقاري، موضحاً أن تكلفة التمويل العقاري كانت مرتفعة خلال فترة التشديد النقدي، لكن هذا التغيير سيتيح الفرصة للمشاريع العقارية والشركات الكبيرة مثل إنتل التي تحتاج إلى تمويل لإعادة الهيكلة.
واختتم سعيد تصريحاته لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" بالإشادة بأداء الفيدرالي، الذي نجح في معالجة مشاكل الاقتصاد الأميركي بقدر عالٍ من الاحترافية. مشيرًا إلى أنه تمكن من السيطرة على التضخم دون دفع الاقتصاد نحو الركود، وأن التوجه نحو التيسير النقدي يعزز الثقة بمستقبل الاقتصاد.