كيف تؤثر معدلات التضخم على أسعار كعك العيد في مصر؟
14:28 - 04 أبريل 2024تُعتبر حلوى عيد الفطر جزءًا مهمًا من تقاليد الاحتفال بالعيد في مصر.. ومع ارتفاع معدلات التضخم وتقلبات قيمة العملة في السنوات الأخيرة، فإن أسعار حلوى عيد الفطر قد شهدت تذبذبًا كبيرًا، مما أثر على قدرة المواطنين على الشراء والاحتفال بها بالشكل المعتاد.
تتداخل مجموعة من العوامل التي تنعكس على أسعار حلوى العيد، من بينها ارتفاع أسعار المواد الخام الأساسية التي تدخل في صناعة الحلوى، مثل الطحين والسكر والزيت، وهي المجموعة التي سجلت ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج والتوزيع وفي ظل الضغوطات الاقتصادية الأوسع، وسط مؤشرات إيجابية على تراجعات محتملة بالأسعار في الفترة المقبلة.
وذلك جنباً إلى جنب وارتفاع كلفة العوامل الأخرى المرتبطة بالخدمات والعمالة والكهرباء والوقود، وهي الكلفة التي يتحملها المستهلك في الأخير وتنعكس على سعر السلعة النهائي.
يأتي ذلك أيضاً في ظل ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام المستخدمة في صناعة الحلوى، مما انعكس سلبًا على أسعارها النهائية.
وبينما شهدت مصر في الآونة الأخيرة أزمة سكرواسعة، عرفت طريقها أخيراً للحل بعد إجراءات حكومية من بينها تمديد حظر تصدير السكر، وموافقة مجلس الوزراء -في مارس الماضي- على استيراد مليون طن سكر خلال العام الجاري، فإن كثيراً من المواطنين لا يزالون يستشعرون عمق أزمة السكر، في انتظار أن تؤتي تلك الجهود ثمارها الأوسع لجهة استقرار الأسواق بشكل كامل.
يقول رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، حسن الفندي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الأسواق المصرية لا تعاني في الوقت الراهن من أزمة سكر مثلما كان الحال قبل فترة، لافتًا إلى أن السكر تم توفيره من قبل الدولة في جميع أرجاء الجمهورية، إضافة إلى انخفاض سعر الطن (..).
ويؤكد أن قطاع الصناعات الغذائية في مصر لم يتأثر بأزمة السكر من البداية، خاصة أن وزارة التموين المصرية كانت توفر السكر للشركات والمصانع التي تباشر نشاطها وتمتلك سجلاً تجارياً وبطاقة ضريبية.
ويضيف: لكن بشكل عام، السوق ما زالت متأثرة بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدولة في الآونة الأخيرة من تحرير سعر الصرف وارتفاع الدولار أمام الجنيه.
أسعار كعك العيد في مصر
ومع اقتراب موعد عيد الفطر، تشهد السوق المصرية إقبالاً متوسطاً على شراء الحلوى، سواء من خلال المنافذ الحكومية أو المنافذ التابعة للقطاع الخاص على اختلاف مستوياتها.
تتفاوت أسعار الكعك وحلوى العيد المختلفة على حسب المنافذ والجودة والنوع، فيما طرحت الحكومة عبر منافذ البيع التابعة لها عبوات بأسعار مخفضة تبدأ بـ 95 جنيهاً لكيلو الكعك "السادة" و140 جنيهاً لكيلو "الكعك بالملبن" و210 جنيهاً للكعك بالمكسرات من خلال شركة مخابز القاهرة الكبرى والفروع التابعة لها. بينما يصل متوسط الأسعار خارج المنافذ الحكومية إلى نحو 250 جنيهاً لكيلو الكعك السادة، و230 جنيهاً للعبوات المشكلة (كعك وبسكويت) زنة كيلو.
وفي سياق متصل يؤكد عضو مجلس إدارة شعبة المواد الغذائية بالغرف التجارية بالقاهرة، أشرف حسني، أن ارتفاع أسعار حلوى عيد الفطر نسبياً يرجع لعدة أسباب؛ أبرزها "عناصر التكلفة" التي تنقسم إلى تكاليف ثابتة ومتغيرة، حيث تُوزَّع التكاليف الثابتة على عدد الوحدات المنتجة.
ويضيف في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوزعربية": تعاني السوق بشكل عام من حالة ارتفاع كبير في الأسعار، بما يرهق المواطن مادياً؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى انخفاض الطلب على السلع (..).
ويشير إلى أن ارتفاع أسعار حلوى العيد لا يقتصر على أسعار السكر فحسب؛ بل يرجع ارتفاع الأسعار العام وتقلبات السوق إلى تحرير سعر الصرف الذي ألقى بظلاله على أسعار الإيجارات والتخزين، والرواتب وأسعار الطاقة والمحروقات والكهرباء والضرائب وغير ذلك.
في السادس من شهر مارس الماضي، أعلن البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف. كما قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري -في اجتماع استثنائي- رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25 بالمئة، 28.25 بالمئة و27.75 بالمئة، على الترتيب.
ويؤكد أن أزمة السكر التي شهدتها السوق المصرية أخيراً كانت نتيجة لانخفاض الكميات المستوردة نتيجة نقص العملة الصعبة، مشيراً إلى أن الطلب المتزايد على السكر جعل الدولة تعتمد على واردات إضافية لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي.
- الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 مارس 2024، سجل معدلاً شهرياً بلغ 11.4 بالمئة في فبراير 2024 مقابل معدلاً بلغ 6.5 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 1.6 بالمئة في يناير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم العام 35.7 بالمئة في فبراير 2024 مقابل 29.8 بالمئة في يناير 2024.
- الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، سجل معدلاً شهرياً بلغ 13.2بالمئة في فبراير 2024 مقابل معدلاً شهرياً بلغ 8.1 بالمئة في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 2.2 بالمئة في يناير 2024. كما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 35.1 بالمئة في فبراير 2024 مقابل 29.0 بالمئة في يناير 2024.
إجراءات حكومية صارمة
في سياق متصل، يقول الخبير الاقتصادي، سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المصريين يستخدمون حيلاً مختلفة للخروج من الأزمات الاقتصادية، لجهة توفير النفقات (..).
من بين تلك الحيل التي كانت تلجأ إليها عديد من الأسر، صنع الحلوى في المنزل كخيار اقتصادي ومناسب لعديد من الأسر، إلا أن الارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الأساسية مثل الطحين والسكر والزيت، أدى إلى زيادة تكلفة إعداد الحلوى في المنزل بنسبة كبيرة. هذا الارتفاع في التكلفة جعل الكثير من الأسر تواجه صعوبات مالية إضافية، مما يؤدي في بعض الحالات إلى الاضطرار للتخلي عن هذه العادة التقليدية أو تقليص حجم وتنوع الحلوى المعدة في المنزل.
ومع تزايد الضغوط الاقتصادية على الأسر، فإن الاعتماد على صنع الحلوى في المنزل كوسيلة لتوفير المال أصبح أكثر صعوبة، مما يجعل عديداً من الأسر تبحث عن بدائل أخرى للاحتفال بعيد الفطر بطريقة تتناسب مع إمكاناتها المالية.
وبالعودة لحديث خضر، فإنه يوضح أن الأزمات التي تشهدها الأسواق المصرية في الوقت الراهن ترجع لأسباب عديدة؛ من أهمها: ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الطلب على السلع الاستراتيجية، في خط متواز مع انخفاض متوسط نصيب الفرد.
كما يُبرز أيضاً في الوقت نفسه اتجاه عديد من التجار والمصنعين إلى احتكار السلع الأساسية، مثلما حدث في أزمة السكر الذي يعد من أهم السلع الاستراتيجية للمواطن، لا سيما قبل موسم عيد الفطر، مشيراً إلى غياب الرقابة الحقيقية على السوق بشكل كامل، وحالة الانفلات والتسعير العشوائي للسلع.
كما يوضح الخبير الاقتصادي أنه رغم الموافقة على استيراد مصر نحو مليون طن سكر خلال العام، إلا أنه حتى الآن لم نر إغراق الأسواق بالسكر وتحقيق التوازن في مستوى الأسعار بالشكل المطلوب.